وعيد البُعيث
يحق لحكام الجزائر، ولرجال النظام القائم فيها ، أن يرحموا هذا الشعب ويرأفوا به إن تكرموا ، ولهم كامل الحق في أن يحتقروه ويعبثوا به وبمصيره ، ويشتهزئوا بأماله وطموحاته إن شاؤوا واقتضت أهواؤهم ومصالحهم ذلك ، وأن يستغلوه كأي شيئ آخر يصلح للاستغلال ، لأن ذلك هو الحق الطبيعي
للذكي ؛ الفطن؛ القوي ، على الغبي الأخرق الأبله الضعيف ،
هذه الصفات المتوفرة في هؤلاء و أولئك ، متجسدة في هذا الشعب ، واقعا مشاهدا، قائما قيام الجوامد والشخوص المدركة بالحواس
الخمسة .
ففي خروج علي بلحاج وأتباعه في مسيرته يوم
05/25/ 2012 وهم يهتفون :"الشعب يريد إسقاط البرلمان" ، دون أن يكونوا مشاركين
في الانتخابات البرلمانية المطالب بإسقاطها ،ودون أن ينظموا مسيرات
للمطالبة بالمشاركة فيها قبل
إجرائها ، لا هو ؛ ولا حزبه المحل ، هو نموذج من الجهود العبثية والبلهاء ، التي سبق أن جرت على الجزائريين ويلات تركت ندوبا غائرة ،قد لا تندمل إلا بعد حقب عديدة ، وحالت دون حدوث أي تغيير في الجزائر بعدها ، وجعلت الشعب يحجم عن أي تحرك جدي لإحداث تغيير تنعدم فيه الرؤية ، والأطر، والغايات، وهذه المسيرة جاءت في نفس الوقت الذي لم تتجرأ فيه الأحزاب الفاشلة؛ المعنية مباشرة والتي شاركت في انتخابات ، ومرغت أنوفها ؛ وديست كرامتها بالنعال ،رغم أن مرشحيها دفعوا الملايير من أجل الفوز ، ورغم
الخسران، ومرارة الخيبة ، و رغم خروجهم بخفي
حنين .
وقد يقول قائل من حقه فعل ذلك ، ما لم تنزع منه
الجنسية الجزائرية ، وهو ما يستحيل حدوثه ، شاء من شاء ، وأبى من أبى - غير أن المصيبة الأدهى تتضح حين يغير "المنتفضون " السائرون شعارهم ، ليطرحوا هاتفين البديل المفترض لإسقاط البرلمان وهو
شهادة الإسلام : " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عليها نحيا ، وعليها نموت ،
وعليها نلقى الله-2- داخلين البرلمان بالسنة والقرآن "
وكأنهم –بالنسبة للمقصود من الشعار الديني الأول - وسط شعب وثني بدائي ، هم وحدهم الموحدون فيه ، والبقية شعب من شعوب غابات الأمازون ؛ مازال أفراده يعبدون
آلهة الغابات الاستوائية ، أو كأن هذه
الحفنة وحدها من بين الجزائريين قاطبة ؛ هي
وحدها التي قرأت السنة والقرآن ، وفهمتهما دون غيرها ، أو كأن هذا هو المشروع السياسي ؛ والاقتصادي ؛ الاجتماعي ، والثقافي الذي سيخرج الجزائر من كوارثها المتتالية ؛ ومن تخلفها، لتلحق بالأمم التي أخذت بالمبدأين المرفوعين أعلاه ،[لا
إله إلا الله ، والسنة والقرآن ] سر التقدم ، والتحضر، قبلها دون أن تنتبه إلى ذلك؛ لا هي ،
ولا نحن: كالأمة الألمانية ،والإنجليزية
، والأمريكية ، والسويدية ، والتي تحتمى؛ بها وبشعوبها المؤمنةِ ؛ الجماعاتُ الإسلاميةُ، كلما أحست بالقهر في وطن من أوطانها "الكافرة"!! التي تدخل فيها البرلمانات بالانتخاب ، وليس بالسنة والقرآن ، وأخيرا يبدو وكأن غاية الغايات لدى هؤلاء؛ هي دخول البرلمان -الذي يفترض أن يكون قد سقط : أي دخول برلمان غير موجود ، وهو الأمر الواقع فعلا دون حاجة إلى مسيرة ، بشهادة تقرير لجنة مراقبة الانتخابات الحكومية ذاتها - بأي وسيلة كانت، ولا عبرة بعد ذلك لا بالإنسان، ولا بقيمة الإنسان.
وعوض أن
يستهجن أتباعه ومناصروه مثل هذه الحركات المسرحية؛ المبتذلة؛ الساذجة ،أو على الأقل يطالبونه و لفيفه ببرنامج سياسي؛ واقعي ؛ وعقلاني ؛ محدد ؛ توضح فيه طبيعة الدولة البديلة وهويتها ، ومرجعياتها ، وتوجهاتهاالمستقبلية ، ومنزلة الإنسان فيها ، وطبيعة علاقتها به ، فردا وجماعة ، ومؤسسات ، والغايات التي تنشدها، والمراحل ،والإجرءات العملية، وأدوات التنفيذ المختلفة، وسبل التصدي للعوائق الجمة والخطيرة المعاكسة، المحلية والدولية ، السياسية ، والاقتصادية و.... ثم تقديم هذا البرنامج وعرضه على الراي العام ، الوطني والإقليمي على الأقل ليبدي رأيه فيه، لأن المجتمع هو الغاية ، وهو الوسيلة ، وهو صاحب المصلحة أو المتضرر، وهو صاحب الرأي الأول والأخير .
وعوضا عن ذلك كله ، نجد العشرات ؛ بل المئات ؛ حتى لا نقول الألاف ، ومن بينهم أدعياء الثقافة ، وحملة الشهادات الجامعية ، كما يبدو من تدخلاتهم في "قناة المغاربية "، يمجدون هذا الشخص ومن تبعه ، ويمجدون ما يقول ، وما يفعل بلا تحفظ ،وكأن العملية لعب صبيان في حي مهمل ؛ مما يكشف مستوى الوعي المتوفر في الجزائر حاليا ، سواء لدى الطبقة المثقفة المسبحة بحمد النظام الذي جمد المجتمع في مرحلة ما قبل الدولة ، أو "الجماعة" المنادية بالتغيير حتى وإن كان باتجاه النـــــــــــــــــكوص و الإنقراض والفناء.
وعوضا عن ذلك كله ، نجد العشرات ؛ بل المئات ؛ حتى لا نقول الألاف ، ومن بينهم أدعياء الثقافة ، وحملة الشهادات الجامعية ، كما يبدو من تدخلاتهم في "قناة المغاربية "، يمجدون هذا الشخص ومن تبعه ، ويمجدون ما يقول ، وما يفعل بلا تحفظ ،وكأن العملية لعب صبيان في حي مهمل ؛ مما يكشف مستوى الوعي المتوفر في الجزائر حاليا ، سواء لدى الطبقة المثقفة المسبحة بحمد النظام الذي جمد المجتمع في مرحلة ما قبل الدولة ، أو "الجماعة" المنادية بالتغيير حتى وإن كان باتجاه النـــــــــــــــــكوص و الإنقراض والفناء.
والأسوأ
من ذلك ؛ والأمر والأدهى ؛ هو ما يقابله ويناظره
من عامة الشعب ، ففي حصة "
صريح جدا" التي تبثها قناة النهار حول الرشوة ،يتفق الجميع على أن الرشوة والفساد هما
عصب الحياة السياسية ؛ والاقتصادية ؛ والاجتماعية
... في الجزائر ، و على جميع المستويات ، وفي جميع الأجهزة ؛ وفي مختلف القطاعات ، من أعلى هرم السلطة ، إلى
أدنى مسئول في الدولة ، والجميع يقر بأنه مرغم على دفع الرشوة ،
ومجبر على التعامل بها ،وهم محقون في ذلك بحكم الواقع المعيش، وأن الشعب بأسره مخير بين شرين أدناهما مدمر ، تفرضهما سلطة تتفرج على ضحاياها من وراء ستار، تنفذ إرادتها أقنعة خاوية فارغة، يملأ تجويفاتها هواء نتن موبوء:
- إما أن يمتنع هذا الشعب عن التعامل بالرشوة -الركن المقدس في دين حكامنا-
ويمتثل لأوامر الشرع بأوامره ونواهيه ، ويلتزم بالفضائل الكبرى التي تحكم شعوب العالم خشية أن يرتكب المآثم المهلكة ، ويصبح ملعونا ،بحكم النصوص الشرعية الصريحة التي لا تقبل
التأويل .فينجو من النار ويدخل الجنة ، والقليل جدا من بين المستجوبين من نحا هذا النحو. ,ويرضى في مقابل ذلك بأن يجبر على التخلى عن حقوقه وممتلكاته المشروعة لغير مستحقيها بل لأعدائه .
- وإما أن يدعو السلطات المسئولة في
البلاد ، ويتوسل إليها -وهو رأي غالبية المستجوبين- كي تحارب الفساد والمفسدين ، وتردع المرتشين والراشين ، وكأن هذا الشعب نزل فجأة من المريخ ، ولا يعرف أن
السلطات المـــــسئولة ( الأقنعة) ذاتها ؛ مأمورة بدورها بألا تسمح لأي شخص
مهما كان، أن يتولى أي منصب ، في أي مستوى
كان ، ما لم يكن هو نفسه راش ومرتش ، تتوفر
فيه صفة الفساد والإفساد، وإلحاق الأذى بالبلاد وما ومن عليها و فيها ، مع توفره
على الكفاءة في إتيان ذلك بإتقان ومهارة،
وتطبيقه باقتدار ، مع تحصينه من كل متابعة ، وحمايته والدفاع عنه ، وردع كل من
استنكر فساده وإفساده أو تأذى منه.
وشعب لا يخرج تفكيره عن هذين النموذجين ،ويطالب
بالتغيير ، يحق لحكامه أن يسعدوا به ، وأن
يهنئوا ويرتاحوا ، وأن يرددوا مع الشاعر:
زعم البعيث أن سيقتل مربعا فابشر بطول سلامة يا مربع.