السبت، 4 أبريل 2015

عن أي قضاء تتحدث؟ -2-


عن أي قضاء تتحدث؟-2-


في   تصريح لجريدة الخبر الصادرة يوم 31 مارس 2015م .

و في حركة مسرحية كالحركات المعتادة التي تصدر عن أقطاب الفساد في الجزائر، دعا رئيس نقابة القضاة، جمال عيدوني، إلى “الابتعاد عن أي عمل أو سلوك يؤثر في سير محاكمة المتورطين في قضايا الفساد" وهذا كلام  يفترض أنه موجه للقادرين على التأثير في توجيه أحكام القضاء ،  في بلد صنف من طرف منظمة شفافية الدولية  في الرتبة 100 من بين الدول الأكثر فسادا في العالم ، وبتعبير آخر يكون كلام النقيب موجها،  للفاسدين راجيا منهم ألا يدافعوا عن أنفسهم.
  وجاء على لسانه أيضا قوله  أن “القضاة المكلفين بالنظر في هذه الملفات من أصحاب الخبرة والكفاءة”.  وتلك مصيبة - إذا افترضنا أن الكذاب قد يصدق-  لأن الخبرة والكفاءة  لدى القاضي المرتشي ،الخالي من كل القيم الأخلاقية التي هي (قانون القوانين وتاجها؛ والذي يزيح القانون لفائدة العدالة حين يصل الظلم إلى درجة لا تحتمل  )، أو القاضي  الكفء الذي يسخر كفاءته في الارتزاق ،  وفي العمل لفائدة الذين عينوه ، ورقوه  ، كي يبرهن لهم عن طاعته وصدق  ولائه ،  ويستدر المزيد من كرمهم و رضاهم  وعطفهم وحمايتهم  ، أو يعمل بما يرضيهم حتى يتجنب  غضبهم ، أو انتقامهم ، سيكون-كما يثبته واقعنا الحالي -  كارثة  ووبالا على المظلوم الضعيف  وحقوقه وممتلكاته، وعلى المؤسسة العمومية التي ليس لها حارس مهاب الجانب ،أو غيور مستعد أن يدفع للخبير وللقاضي.  وكارثة على كل صاحب حق ؛ أوقعه سوء حظه في خصام مع من هو أقوى منه سلطة وأعلى منصبا وأكثر مالا و خبرة ورث عن اسلافه   من أبناء القياد والباشغاوات  والعملاء  خبرة في التعامل مع القضاء الفاسد واسترضاء الفاسدين ،  و لم يجد  له حام سوى القاضي المرتشي أو الفاسد  فيجتمع عليه ظلم القضاة وظلم القانون "الذي لم يعد أداة يساء استخدامها من أجل تكريس سلطة الحاكمين على المحكومين ، والأقوياء على الضعفاء، والأغنياء على الفقراء ،كما تدلنا تجارب الأمم في مختلف العصور فحسب ،ولكنه أصبح مع الأسف -وفي الجزائر كان دوما كذلك- أهم أدوات تحقيق التمييز بكل أشكاله ، سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد الوطني ،وتحول إلى وسيلة لتكريس الظلم في حالات ليست قليلة بدلا من أن يكون أداة لتحقيق العدل دائما" د/ كامل فريد السالك ، مقدمة فلسفة القانون ،تأليف روبرت أليكسي .ص6.

السيد النقيب : يشهد لكم أنكم شهدتم شهادة حق،  حين قررتم حقيقة معروفة في الجزائر ، وهي حقيقة تضاهي في انتشارها  شهرة الجزائر نفسها  ، والمتمثلة في كون " أن الرشوة موجودة  في جميع السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية). وما يهمنا هنا ؛ هو الٌإقرار من المتهمين أنفسهم على لسان نقيبهم بوجود  الرشوة والولاء في السلطة القضائية الموكول إليها دستوريا ؛ وقانونا ؛  وأخلاقا مهمة  محاربة الرشوة ، وردع المرتشين ، والتصدي للجريمة و للفساد والفاسدين  ، ولكن الغالبية من رجالها عجزوا عن أن يكونوا قضاة لرفعة المقام  ونبل المهمة الموكول  القيام بها   للسلطة القضائية،   ولصغر نفوسهم التي لم تستطع أن تتسامى  إلى مستوى لذة أدائها السامية بوصفها ظل الإله العادل في الأرض ، و التي تعلو بكثير استعدادات و قدرات وتكوين  غالبية قضاتنا  العلمي والروحي ، الذين اكتفوا بالملذات الدنيئة الوضيعة ، فصاروا مجرمين مندسين تحت جبة القضاء المقدس ،واستهوتهم المتع الحسية، وتجنب آلام مخاطر إحقاق الحقوق ، فالتمسوا طلب الأمان لدى المتنفذين،مقابل قيامهم بالمهام القذرة حين يطلب منهم ذلك  ،وداسوا   كل القيم : الأخلاق والقانون، والوطن ,   وأصبحت أرمادة  من الفسدة  والمفسدين ،تشغل قصورا للرشوة والمرتشين   بقضاتها وإدارتها  وأعوانها  ،ابتداء من خبراء العقار القضائيين الذين لا يفرقون بين الجوف والقبلة ،وبين الجابذة والمحراث  ، وبين الهكتار والصاع ،  وبين بيع البت وبيع الثنيا ، لا يردعهم رادع عن تزويرالحقائق الشاخصة على الأرض ، وإثباتها مقلوبة في تقاريرهم ، بعلم من عينوهم ،  ومباركتهم ومشاركتهم في مردود الرشوة ، وحرفوا نصوص العقود ، وأثبتوا فيها كل طلبات الراشين، ثم أكمل القضاة تحريف ما لم يحرف  ، و سوغوا التدليس ونابوا عن ساداتهم في الغش ،  وبه أعدمت عقودنا الرسمية الموثقة ، وصودرت منا أراضينا ، بموجب أحكام  محررة وفق الطلب إرضاء لعائلات القياد والباشغوات  ، ونزولا عند رغبة مدير الشؤون الجزائية سابقا ،الذي  كان حامي العائلة وأصبح محاميها الذي لا يرد له طلب حتى  بعد تقاعده ، وبانخراط بعض قضاة المحكمة العليا حامية القانون  نفسها في هذه القذارة، وبه أهديتم معشر القضاة المزيفين المرتشين الفاسدين - بحسب شهادة السيد النقيب- أراضينا هدية لعبيد فرنسا من أهل المال والسلطة، وأديتم للخونة ما استحيت العدالة الاستعمارية تأديته لهم  طوال قرن ونصف،  فما العلاقة بينكم وبين الثورة التي تذكرها  ؟؟؟

 
تقولون:" أن هناك رجالا أيديهم نظيفة قادرين على الوقوف في وجه الفساد”.  والجميع يعلم أن هناك اسم  إشارة للمكان البعيد المبهم ، قد يكون شرق الأرض أو غربها، أو أعماق المحيطات ، وحتى في السماء السابعة ، ويقينا وحسب صيغة تصريحكم  ليس بالقرب منا ، ونحن  نسألكم أين هم  هؤلاء الرجال ؟، وكيف يمكن لقضايانا أن تصل إلى أيديهم إذا كانوا موجودين حقيقة ؟ ، وما مصير الذين ضاعت حقوقهم ، ومن بينها أراضينا،  على أيد قضاة يبدو من أحكامهم التي بأيدينا أنهم مرتشين ،بل هم نقيض الرجال الذين وصفت تماما؟ . وهل حدث أن وقف هؤلاء الرجال النظفاء الأكفاء في وجه زملائهم القضاة المرتشين أو المزيفين الذين صرح بأسمائهم السيد ملوك ،فانتقموا منه بالطريقة التي تعرف ، وما انفكوا يطاردونه منذ ما يزيد عن نصف قرن ؟ ، ومتى وأين يمكن أن يتاح لنا النظر على الأقل  إلى  وجه  من الوجوه التي وصفت  والتبرك برؤيتها ،أم أنك لا تعني بحديثك ممتلكات الخواص والأفراد الذين ولسوء حظهم ورثوا عداوة فرنسا وخلفائها في السلطة ،وفي جهازكم " الموقر" الذي استعمل أداة لمواصلة الانتقام منهم ،  ومصادرة حرياتهم ،  واغتصاب أملاكهم، وتقديمها كعربون ولاء للعائلات النافذة المرعية من باريس ، وعواصم الغرب  ، والقادرة على الدفع  ، وعلى التولية والعزل ، والترقية والتنزيل ، والتثبيت والتحويل  ،لأن ما يفعل بهم هو عين العدل وليس  فساد؟؟.


تتحدثون عن النظام التعويضي الذي يحمي القاضي من الإغراءات ، فكم بوسع الخزينة أن تدفع لكم كي تكفوا عن الرشوة ؟ كل الجزائر؟  نصفها ؟ ، ثلثاها ؟. ومن يضمن للجزائريين بأنكم لن تبيعوها كى تشبعوا شهواتكم التي لا تشبع في عواصم الغرب ؟  وكيف للقاضي أن يصبر على أجرته مهما كانت مرتفعة   ، والمعلوم أن هناك ملهوفين لا يشبعان : طالب علم ، وطالب مال ، فأما طلب العلم  فنحن نعرف من انتم ، ونعرف مقدار  رغبتكم في طلبه  لأنكم كنتم طلبة عندنا ، والمعروف أن أردأ الطلبة يوجهون للأقسام الأدبية ، وأردأ ما في الأقسام الأدبية يوجهون إلى الحقوق (العلوم القانونية والإدارية) ،أما طلب المال فهو غايتكم ومبتغاكم ، وشبعكم منه مستحيل ، إذ أن الشائع في سوق القضاء أن  أدنى ثمن في سوق الأحكام هو 60 مليونا نقدا ، وأعلاه لا سقف له ؟؟
السيد النقيب،  ألا تجد أن قولكم في وصف منتقدي جهازكم : بأنهم «هيئات وأشخاص يدعون محاربة الفساد وينسون بأنهم فاسدون ". هو كلام غير مؤسس بلغة القانون  ، وأن هذا الوصف أصدق وألصق وأليق بجهاز القضاء ورجاله  ؛ ابتداء من الخبراء حتى قمة الهرم.؟؟؟.و لكن قديما قيل :  إذا لم تستح ولم تخف فافعل ما تشاء. خاصة إذا كان الأمر لا يتعلق بأشخاص في سلطات  ؛ بل بأعضاء في عصابات.
 السيد النقيب : ليس كل من لبس جبة سوداء بمرسوم  ، وحكم في أعناق الناس، وأرزاقهم ، وأملاكهم ، وأعراضهم عد قاضيا

والدليل أن في جهازكم قضاة لم يدخلوا الثانوية أو الجامعة قط ، إذ جاء في جريدة الخبر ليوم 14 / 05/ 2013 ثم انتشر في بقية الصحف خبرا نصه "اكتشف أحد الإطارات حديث العهد بالعمل في وزارة العدل، وبمحض الصدفة، تقريرا من إعداد المديرية العامة للموارد البشرية، يشير إلى أن أكثر من أربعين بالمائة من القضاة العاملين بمختلف الجهات القضائية، بما فيها المحكمة العليا ومجلس الدولة، لا يحوزون شهادة البكالوريا، ولم يسبق لهم أن درسوا بالثانويات.. والأغرب من هذا أن من بينهم قضاة من الدفعات الأخيرة. وتم إعداد التقرير بعد أن رفضت إحدى المؤسسات بأوروبا تكوين قضاة جزائريين، بعد أن تبيّن لها أنهم لا يحوزون شهادة البكالوريا. فكيف لذلك أن يحدث؟ وهل يعلم الوزير محمد شرفي بما يحدث في كواليس قطاعه؟ ".
ولم نسمع لكم -سيادة النقيب- صوتا يدافع عن حرمة القضاء ، أو يرد على خبر الخبر ، أو يطالب  بالتحقيق في أمر هؤلاء القضاة.
السيد النقيب :
 يقول ج رانسون قاضي محكمة السين :
"لكي يكون القاضي جديراً بأن يُسَمْىَّ قاضياً يجب أن تتوافر فيه الصفات الآتية :
النزاهة التامة , والاستقلال المطلق , وسعة الصدر , وضبط النفس ، والذكاء ، وتلك مواهب طبيعية ، وأن يكون متمكناً من العلوم القانونية ، ومعرفة تطبيقها ، وأن يكون دائم النظر في أحوال الإنسان،  وفى نفسه هو على وجه الخصوص ، وأن يكون فيلسوفاً اجتماعياً , واسع الاطلاع , هادئ الفكر , متواضعاً , وتلك هي فضائل أخرى لازمة له ، فإذا أضيفت إليها قدرته على مقاومة أهوائه وإصلاح ذات نفسه . كان جديراً بان  يُسَمْى  قاضيا . 
طبعا هذا مع اعتذاري لقلة قليلة من الشرفاء في سلك القضاء  جديرة بهذا الوصف وبهذا الاسم  ،وتعيش على الكفاف والعفاف  معزولة ، منكمشة ، محرومة،  منزوية مرعوبة صامتة صابرة وفاء لمقطع من قسمها "...وأن أسلك في كل الظروف سلوك القاضي النزيه والوفي لمبادئ العدالة ، والله على ما أقول شهيد " ،وكفوا بطونهم عن المحرمات  ، وفضلوا العيش بدون أبهة  ولا سيارات فخمة ، وبدون أرصدة بالعملة الصعبة ، وبدون قصور وعقارات ،وو...وعلى كل حال فسيعاد الخصام بيننا أمام الله: ليس بيننا وبين خصومنا (الأعداء)، بل بيننا وبينكم معشر القضاة المزيفين والمرتشين ، وعندئذ ستجزى كل نفس بما كسبت.



القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...