الخميس، 15 أغسطس 2013

الجرة ذات الصدع

الجرة ذات الصدع

كان لسقاء هندي حمال ، جرتان كبيرتان، تتأرجحان على طرفي قطعة خشبية يضعها نيرا على رقبته ، يهد ثقلاهما منكبيه.
و كان في أحدى الجرتين صدع ، وبينما كانت الثانية سليمة ، تحفظ كل ما بداخلها من النبع حتى بيت السيد ، كانت ذات الصدع تضيع نصف ما بداخلها من ماء أثناء الرحلة.
وفي كل يوم، خلال عامين، كان حمال الماء السقاء، لا ينقل إلا جرة ونصفا، في كل رحلة من رحلاته بين النبع وقصر السيد.
كانت الجرة السليمة فخورة ، سعيدة ، متباهية، لأنها كانت تؤدي وظيفتها على أكمل وجه ، من البداية إلى النهاية ، بينما كانت الجرة ذات الصدع ، مكسورة الخاطر حزينة ، لشعورها بالتقصير عن أداء وظيفتها على أكمل وجه، بسبب تضييعها مياها ثمينة تعب صاحبها في حملها، دون أن تمكنه من إيصالها إلى غايتها
وفي نهاية السنتين ، كان الشعور بالذنب قد سكن كل ذرة في الجرة ذات الصدع ، وتيقنت من فشلها ، واستولى عليها اليأس ، فتوجهت إلى حمال الماء وهو يعبئها في النبع قائلة :
 - أشعر بأنني مذنبة ،وأسألك العفو والمغفرة، يا سيدي.
 - لماذا؟ وعلى ماذا؟ سألها الحمال .
 - ما الذي يخجلك؟.
قالت: لم أفلح إلا في حمل نصف ما كان يتوجب علي حمله إلى سيدنا في قصره خلال العامين، بسبب هذا الصدع اللعين، فجعلت جزءا كبيرا من تعبك يذهب هباء، وحرمتك بذلك من الحصول على ثمار جهودك المضنية.
هز قول الجرة ذات الصدع أعماق الحمال، فأجابها بعد إطراق وتدبر.
في طريق عودتنا الآن إلى قصر السيد، أريد منك أن تنظري الأزهار النظرة الآسرة المشرئبة في زهو على طول الدرب الصاعد على الرابية.
وفي طريق العودة، نظرت الجرة ذات الصدع فرأت أزهارا غضة ، نضرة ، رائعة الجمال، تستحم تحت نور الشمس على حافة الدرب ،توزع عطرها هدية للعابرين ، وتمسح عن النفوس الصدئة أدران الشقاء، فكان منظرها ذاك بلسما شفى بعض ما بقلبها من أسى ، وجبر بعض ما به من انكسار. ولكن – وفي نهاية الدرب- عاودها الشعور بالحزن والدونية لأنها كانت قد ضيعت كالعادة نصف ما كان بداخلها من ماء.
قال حمال الماء للجرة ذات الصدع :
 - أرأيت ؟ كانت الأزهار من ناحيتك فقط، ولا شيء تقريبا في الناحية الأخرى الموالية للجرة السليمة. لأنني حين رأيت إصابتك و وتسرب المياه منها نثرت بذور الأزهار على طول حافة الدرب حيث تسقط القطرات التي ترشح منك فترويها على أكمل وجه ، وبفضلك ، استطعت قطف باقات رائعة الجمال ، زينت مائدة السيد طوال عامين كاملين ، وما كان لي لولاك أن أجد أزهارا على هذا القدر من الروعة والنضارة.


ترجمة : الضيف حمراوي  25-03-2012

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...