الجمعة، 30 ديسمبر 2016

الجرذان والعقارب والافاعي


لم يعد العرق يلعب دورا يذكر في حياة العرب والمسلمين منذ زمن طويل , ورغم وجود عدد من المرويات المقدسة التي تشترط العروبة والقريشية على وجه الخصوص لتفضيل شخص على آخر وتقديمه على غيره في سلم المقامات ، إلا أن هذه النصوص قد انتهكت وابتذلت وطمست عبر العديد من الحقب التاريخية التي تزعم فيها خلفاء وحكام وامراء أمم العديد من الاقاليم في ما يطلق عليه العالم الإسلامي ، وحقب العهد العثماني خير دليل، والتأرجح بين الحديثين العربي القريشي وبين " كلكم لأدم وأدم من تراب"
لكن وعلى النقيض من ذلك فإن العاملين الجنسي ذكر وانثى و المذهبي الديني السني والداخل سني في مقابل الشيعي والداخل شيعي كانا دوما هما المحرك الرئيس والموجه الأول والأخير لحياة المجتمع في جميع مناحي وجوده الديني والأخلاقي ؛ الفكري والفلسفي ؛ والسياسي والاقتصادي والعسكري. ومن هذين العنصرين تتشكل المواقف والتحزبات والتوصيفات ،وتعقد الولاءات وتنسج العداوات، وحين تتبع جذور مآسي المسلمين ، ومنشأ جرائمهم المتتابعة ، وتبحث عن مصادرها ومنابعها ، تجدها تصدر عن نفس المنبع ، وتجد ثمارها واحدة مع تنوع في الألوان والمذاقات ، فتجد احتقار الآخر والحقد غير المبرر عليه ، والسعي لألحاق الضرر به وتدميره مترسخة لدى كل مسلم من قبل أن يعي جوانب اختلافه عن الآخر؛ او أوجه خلافه معه ، فالصبي ، والطفل ؛ والشاب ؛ والرجل والشيخ كلهم يحتقرون المرأة ويكنون لها نطرة دونية سلبية منذ الطفولة الأولى وهي نظرة تتدرج وتتجذر بوتيرة مطردة كلما تقدم العمر. رغم التجمل والتحضر الشكلي الذي قد يبديه بعض الرجال تصنعا أو إرضاء لدوافع ومآرب محددة يمكن لملاحظات بسيطة رفع الستار عنها.

وتفس الأمر وبنفس الشدة والوضوح تواجهك نزعة احتقار الآخر ؛ والحقد غير المبرر عليه ورفضه ، والسعي لألحاق الضرر به وتدميره ، فالسني عدو الشيعي بالولادة والعكس صحيح مائة بالمائة ، والحنبلي لا يطيق الإباضي ، والخارجي لا يطيق المختلف عنه ويدين كل من يرفض الخروج ؛ و يتمنى انقراضه ، وكل حزب أو مذهب يخطأ الآخرين وينزل بهم إلى رتبة القوارض والزواحف التي لها أنفاس وليس لها أرواح أو نفوس ، ففي معظم قنوات التلفزات الرسمية والخاصة , وفي مختلف وسائل الإعلام الأخرى ؛ لا تجد في الحرب الإعلامية والحروب الفكرية والعقائدية المذهبية القذرة التي انطلقت من سقيفة بن ساعدة وتفرعت ومازالت مستمرة حتى الآن إلا الأوصاف التي تمسخ الإنسان وترديه : كـوصف'' الجرذان" لتعين المعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية التي تستمد هذا الوصف من الآية " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ..."[الأنفال 61] ، وكل فرد أو جماعة حملت عدة للقتل وتوجهت لمحاربة خصومها احتجت بها عليهم وهي تفسر الآية وفق ما يراه شيوخها وأئمتها ومنظروها و ترضاه وتفاخر به، ؛ ومن يصف هؤلاء الجرذان بهذا الوصف هم جماعة أخرى تستمد قيمها وسلوكها من نفس المنبع ، ولها نفس الروح التدميرية مع اختلاف الأساليب والأدوات، وقد تتنوع الأوصاف التي تطلق عليهم ويوصفون بها لكنها تدور في نفس المستوى والرتبة جماعات " مصاصي دماء الشعب" والعقارب ،و" الأفاعي" ذات الملامس الناعمة ، والألوان الزاهية التي تتلاءم مع الوسط لمباغتة خصومها، بأنيابها الثاقبة ، وسمومها الفتاكة ، وكل التوصيفات يصح انتقالها من فئة لأخرى مع احتفاظها بكامل حظوظ الانطباق التام دون أدنى احتمال للخطأ.
 

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...