السبت، 27 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الأزهر.-5-



البند الرابع والخامس :



يواصل علماء الأزهر القيام بدور السياسيين ويتمسكون بالسلوك العربي الاسلامي النمطي الممجوج وهو اتهام الغير ، الغرب الكافر الانتهازي ،بمسؤوليه ومفكريه وإعلامييه ، وكأن الغرب هو من كتب الأحاديث في مسند أحمد بن حنبل وصحيح البخاري ومسلم ، وكأنه هو من كتب  تفاسير القرطبي والطبري والزمخشري ، وهو من بنى المساجد وعين أئمتها ؛ و أنشأ الفضائيات الدينية ؛ المنتشرة كالفطر في جميع الأقطار العربية ؛ والتي تحث ليلا نهارا  على  لعن البشر ، والتكفير وتحريض الفرق الإسلامية ذاتها بعضها ضد بعض ؛وكأن الغرب هو من كتيب كتب الفقه المليئة بالمخازي والترهات ، وكأنه هو وضع مناهج  التعليم الديني ، للأزهر ومصر والسعودية  ،وكون الشيوخ ؛وفرق الدعوى  الساهرة ليل نهار على تدريس  خريطة المناهج و  الطرق والشوارع والدروب والمعابر المؤدية إلى الجنة.

و على عادة العقلية العربية الاسلامية  المغرمة بالانقضاض على الضحية ؛ والانتصار للمتهم، و قتل المريض حين العجز في الاهتداء إلى المرض ،أو لطغيان الرغبة في  حماية الميكروبات والجراثيم والفيروسات الكامنة وراءه كي تكثر  ولائم المآّتم ، و بعد اتهام الغرب يلتفت البيان فيتهم الجماعات الإرهابية بالافتراء على الدين ؛ دون أن يبين  وجه هذا الافتراء ، ويزعم أصحاب البيان متمسكين بـ "نظرية في العمى والتعامي منجاة، فيوردون"  "أن هذه الجماعات يرفضها الدين رفضا قاطعا .

كيف ذلك ؟. وعلى أي أساس ؟ وبموجب ماذا؟ . لا بيان.

 كيف ذلك ؛ وأمراء الجماعات الجهادية وقادتها وشيوخ الفتوى فيها؛ دكاترة مثلكم يحملون شهادات عليا في الشريعة: في التوحيد ؛والفقه ؛ وعلوم القرآن ،وعلم الحديث ؛ والجرح والتعديل، والسيرة و... بعضهم من رجال الأزهر: كعمر عبد الرحمن أستاذ الأزهر وخطيبه و مفتي جماعة الجهاد المصرية، ، والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي  خريج الأزهر  ثم أستاذه، وشيخ الإسلام ورئيس أكبر تجمع فيه ، والداعية إلى الله حتى بات يقال " صل على مذهب القرضاوي. وبعضهم الآخر يقتدي بالأزهر ويحتذي سمت مشاهيره ، قدوته رموز جماعة الإخوان المصري النشأة : كالطيب أردوغان ، ، رئيس أهم دولة في المنطقة وحامي العدالة والعدل الذي  يصر على حكم تركيا وسوريا معا على سنة أسلافه و يمحو كل السوريين القوميين  والاتراك العلمانيين من على وجه الأرض لإقامة الخلافة الإسلامية في الرقة؟ .وبعض قادة الجماعات الليبية.  تم الخليفة، خليفة الدولة الإسلامية ( مولانا أمير المؤمنين): إبراهيم عواد إبراهيم البدري  الحسيني القريشي ،  الذي  تخلى عن هويته الحقيقية  للتدليس والتضليل كما هي عادة  الكثير من الشيوخ في الإسلام، وحل في شخص آخر هو أبوبكر البغدادي  ،يحمل شهادة دكتوراه في الشريعة ؟ . ليكون قاطع دابر المرتدين تماما كالخليفة الأول.
    والجميع - أمراءَ ومأمورين - هم جماعات تتكون من مسلمين ،يشهدون بالله، وبرسوله ، ويقيمون أركان الإسلام ، ويحملون رايته السوداء التي كان يحملها عمر بن الخطاب ؛وأبو بكر وعلي بن ابي طالب ، والمقداد، وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص... ويطبقون الآية  " الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا "(النساء 76) . وهم لشدة تعصبهم لدينهم ، ووفقا لتفسير المفسرين ،  يتصرفون ككائنات آلية  تطبق الشريعة تطبيقا حرفيا . و الكل مجمع  عبر كافة العصور السابقة أن القتال في سبيل الله هو الجهاد المتعارف عليه شرعا.

" يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ... "(المائدة : 54) ،  ولا يناقشون "لا تسألوا عن أشياء غن تبد لكم تسؤكم" (المائدة 101). وتسلك  نهج السنة الصحيحة الثابتة بالنصوص الصريحة ؛ في مصادر الدين المعتمدة بإجماع المسلمين ، والتي تقدسونها أنتم ، وتدعون الأمة إلى تقديسها ؛ا وإنفاذ ما جاء فيها  .   وهم كبقية أبناء الأمة الإسلامية يقدسونها مثلكم ، والفرق أنهم  يطبقونها بدون تحامل أو تحايل ؛ متبعين السلف الصالح حذو الحافر بالحافر. يقضون الليل في التهجد والاستخارة حتى أسودت جباههم من أثر السجود ، باكين من خشية الله، ويتماهون مع شخصيات الصحابة تمام التماهي : من إماطة الأذى عن طريق المسلم ،إلى  التضييق على غير المسلم فيه،  ( إذا مررتم باليهود والنصارى في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) ،إلى إفشاء السلام بين المسلمين ، إلى تقصير القميص ، والسروال ، والجلوس على الأرض تواضعا لله، إلى قص الشارب والعفو عن اللحية ، إلى التبول جلوسا مع تنكب القبلة ، إلى الحرص في اختيار الألقاب و الأسماء : أبو زيد ،  أبو قتادة، أم اسماء، أم ياسر ،  سلمان ، حذيفة ، المقداد  ،و....و أميرهم أبو بكر خليفة المسلمين  نسخة حديثة  من أول خليف عرفه المسلمون ، قاهر المرتدين . وهم مجاهدون يرمون إخوانهم بحمم من الصواريخ والقذائف والمتفجرات ولا ينسبون الرمي أو نتائج الرمي إلى أنفسهم، بل ينسبونه كاذبين إلى الله « وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى « كأهل بدر تماما، وهم يرددون الله أكبر، الله أكبر. كما يظهر يوميا على قنوات الجزيرة والعربية. ومن أصابه صاروخ فمن الله وليس ممن أطلقه. هل تدرس هذه العقائد في الفاتيكان ، أو السوربون أو في كمبردج أو هارفارد ؟.

هل يوجد في كتب الغرب ما يصرخ به رجال الدين الناظرين في صحاح السنة ومساندها الصحيحة المحرضين؛ الداعين إلى إقامة فريضة الجهاد في العواصم العربية ، وكبرى محطاتها الفضائية ،  صارخين صباح مساء:  " سئل النبي صلى الله عليه و سلم أي الأعمال أفضل ؟ قال ( إيمان بالله ورسوله ). قيل ثم ماذا ؟ قال ( جهاد في سبيل الله ). قيل ثم ماذا ؟ قال ( حج مبرور )" ؟.

والفقهاء كلهم بدون استثناء يشرحون الجهاد هنا على أنه قتل الآخر الكافر والمشرك ، دفعا كان ذلك او طلبا ؛ حملا على ضوء الآية الناسخة لغيرها في هذا الباب " فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ... " ( التوبة :5)  "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ "(التوبة:14)

ألا تحمل أسماء  الجماعات الإسلامية بمختلف تشكيلاتها وسراياها الأسماء التراثية المعبرة عن هويتها وغاياتها المفضية إلى  اعتلاء ذروة سنام الإيمان ، و الخلود في الجنة مع الأنبياء والمرسلين؛ ، كشهداء بيت المقدس ، أنصار السنة ، النصرة ،  أنصار الإسلام ، كتائب شهداء الأقصى ،حماس ،  حركة الشباب المجاهدين ، ، ، أنصار الحق، أنصار الدين ، فيلق الفتح ، حزب الله ، حركة المجاهدين و...و.

هل هذه تسميات أمريكية أو انجليزية  ، أو فرنسية ألمانية؟.

وكان عليكم - محرري البيان- أن تبينوا لنا وللأمة بالتحديد موقفكم  وموقف أزهركم السابق والحالي واللاحق  ، من وجود هذه النصوص في التراث العربي الإسلامي الديني. وما الذي نسبته هذه الجماعات إلى الإسلام ظلما وهو براء منه لا نص عليه.

 فمن الذي عليه أن يعيد النظر في جذور معتقداته  وفي فكره وسلوكه ،أأنتم أم الغرب ؟

وما دخل الغرب؟  سوى أنه يبيع سلاحه لشعوب مغرمة حد الجنون بإراقة الدماء والغزو وسبي النساء والأطفال من أبنائها وبناتها ، وآبائها وأمهاتها ؛ و إخوانها وأخواتها  تطبيقا لنصوص معتقداتها كي يذهب نصفها إلى الجنة ، ويذهب النصف الآخر إلى النار.

 قتلتكم نصوصكم المقدسة، وعقولكم المتخلفة البعيدة عن الموضوعية، وأخلاقكم المنحطة اللاهثة وراء الغنائم مثلكم مثلهم تماما. فلوموها ولا تلوموا غيرها.

 

 


 

 

 

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الازهر -4-


 
في البند الثالث، ، وعلى عكس المتوقع ، يخرج أصحاب البيان من عباءة الدين ويلبسون عباءة السياسة الزئبقية؛ مستعملين الفاظ السياسيين التي ألفناها لا تقول شيئا، لاتسمن ولا تغني ؛ ولعل السبب الكامن وراء هذا؛ أنهم يوجهون بيانهم للسياسيين طلبا لرضاهم ودفعا لغضبهم ،  فلا غرو  إذا ظهرت فيه خطوط المغالطة المنطقية ، والحيد المقصود عن المطلوب بارزا ،فالموقف الذي يقفه علماء الأزهر صعب؛ بين عسكر وملوك وأمراء يمارسون السياسة بلا قواعد، وجماعات دينية سلفية في فكرها عوار يستحيل علاجه ، وقسم كبير من  شعوب أمية متعلقة بالعنعنة وسلاسلها أكثر من تعلقها بالدين، ـتؤمن بالله وتعبد البخاري ومسلم ، وقسم آخر ، أي قليل نعم ولكنه لم يعد يقتنع بترهات التراث الديني المصنوع بداية لإرضاء الخلفاء وزعماء الحروب والصراعات بين الأسر الهاشمية والأموية وأحلافها ،وتصفية الحسابات بين الأديان والملل ،إذن لم يبق  مخرج لعلماء الأزهر سوى الانخراط هم أيضا في  السياسة والتلاعب بالألفاظ ، وليتواصل لعب الجميع  بالضحايا من الشعوب العربية المستكينة مسلمين وغير مسلمين.

 في هذا البند يستعمل البيان لغة السياسة ومفرداتها بعيدا عن المصطلحات الدينية المعروفة ،حين يكتب الشيوخ " إنَّ تهجيرَ المسيحيين وغيرِهم من الجماعاتِ الدِّينيَّةِ والعِرقيَّةِ الأخرى جريمةٌ مُستَنكرةٌ، نُجمِع على إدانتِها" ودون تحديد  إن كان ما تفعله داعش وبناتها المتعددات من الدين  والسنة الصحيحة ام لا؟. وهل ما قامت به مطابق لما حدث حين أخرج بنوقريضة من المدينة أم لا؟. وهل هناك نصوص قرآنية  وأحاديث صحيحة  في الصحاح استند عليها الجهاديون  تأمر بالتطهير الديني  أم لا؟ وهل هي مدرجة في المناهج الرسمية ، و تدرس في مدارس وثانويات وجامعات ومساجد كل البلدان الإسلامية أم لا ؟ وما موقف الأزهر وعلماء الأزهر منها قبل ظهور الجماعات الجهادية ؟ وما موقفه من إدراجها في المناهج و من تدريسها ؟ وحينئذ يمكن للمسلمين الذين يتوجه إليهم الأزهر ببيانه  أن يحددوا وجه الصحة والصواب فيما يحدث ، وأن يحددوا من هو المجرم صاحب الجريمة .

  و لكثرة ما دار رجال الدين في خدمة ، وفي إرضاء نزوات  أصحاب السلطان ، وهو الدوران الذي أثمر هذه الجماعات  التي يدعو البيان الآن إلى مواجهتها ، لم تعد  الجماعات الجهادية والكثير الكثير من عامة الشعب ،  تثق ابتداء في علماء الأزهر ومن اجتمع إليهم من أئمة الأنظمة. خاصة وان الجميع يؤمن بالحديث الصحيح :
 « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». صحيح مسلم ، ج 6 ن ص 20 ؛ حديث رقم 4891 ، والجميع  - الجهاديون وعامة الشعب خزانهم الذي يزودهم بكل ما يحتاجونه- لا يريدون الخروج عن سنة الرسول وسنة الخلفاء من بعده.

" عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ "السنة للمروزي.
 والجماعات الجهادية السلفية لا تعمل بمبدإ التقية  ولا تقول بقول المرجئة مثل شيوخ الأزهر.

 و لوجاهة ما تفعله الجماعات الجهادية المطبقة  لعقائدها ؛ وفقا لما تلقاه شبابها ، في  مدارس الأنظمة في الداخل ،  وفي المراكز الثقافية والدينية، وفي المساجد والنوادي لاسلامية التابعة للجاليات في بلدان العالم ، وعلى يد النخبة المرضي عنها ؛ من شيوخ ؛ ودعاة ؛ ومربي ؛وأئمة الأمة الإسلامية ، ولتجنب الحرج والإحراج ؛  يبتعد  الأزهريون؛  أصحاب البيان قصدا عن استعمال الكلمات  الشرعية المتواترة في كتب السنة،" إخراج "تقية"  ويستعملون "تهجير" لأن المعروف المشهور في التراث الإسلامي  أن الاسلام أخرج وأمر بإخراج غير المسلمين من ديارهم  التي أصبحت بفضل الغزو ديارا للإسلام ؛ ومصادرة ممتلكاتهم.
 "إخراج المشركين، وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب،( من اليمن إلى تركيا' ومن الأحواز إلى البحر المتوسط فالأحمر) "...عن ابن عباس  قال: أوصى عليه الصلاة والسلام عند موته بثلاث ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) ( صحيح البخاري،ج3 ص111، حديث رقم 2888". فما ينبغي أن يكون الجزيرة لا مشرك لا يهودي ولا نصراني ولا وثني فلا ينبغي لأي من هؤلاء أن يقيم أو يستوطن بها.
"لا يبقين دينان بجزيرة العرب". موطأ الإمام مالك ج3؛ ص334؛ حديث رقم 873

في صحيج مسلم «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا». صحيح مسلم ، ج5، ص160، رقم الحديث 4693.
 في الصحيحين : «أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز».

وفي مسند أحمد : عن عائشة قالت: «كان آخر ما عهد به رسول الله أنه قال: لا يترك بجزيرة العرب دينان» ج43 ص371.حديث رقم 26352 .
وقد اتفق العلماء على أن ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم رحمهم الله أنه يفيد العلم اليقيني"

 وجاء في كتب التراث " اتفق من يعتد بقولهم من فقهاء الأمة وعلمائها على أنها لا تجوز إقامة اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب لا إقامة دائمة ولا مؤقتة"

 فكيف تستنكرون ما قامت به ( الدولة الإسلامية ) المطبقة (لنصوص الشرع)  التي طالما شوقتم إليها الأجيال المؤمنة ؟  ؛ أم تطبقون مبدأ حيثما كانت المصلحة فثمة شرع الله ، والمصلحة طبعا هي مصلحة المسلم لا غير ، لأن هذا الذي وقع  للكفار والمشركين ؛؛ من غير المسلمين ،  في نظر الجهادين الساعين لأن تكون كلمة الله هي العليا، مبتغين نيل الجنة ،  والخلود فيها مع الشهداء والانبياء والمرسلين ؛ ليس تهجيرا ،  وإنما تطهير للجزيرة من المشركين واليهود والنصارى ؛ وهو اقتداء بـ (صحيح السنة) حسب فقهاء الدولة الإسلامية.

" فَأَشَارَ(جبريل)  إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ فَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ قَالَ فإني أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. صحيح مسلم ؛ج5؛ص160 حديث رقم 4697. " وإجلاء بني قينقاع من المدينة.

 طبعا لا داعي لتذكير الناس أنه كان لهذا الطرد  أسباب ، فالجميع يعلم  انه قد وضعت له أسباب في الماضي ،وحتما لو استمعنا لداعش  اليوم  ولوجدنا عندها أسباب أيضا ،  فمنطق تبرير الجريمة حين تصدر من المنتصر هي  أهون ما يطلب.

 وأما الطرد الذي طال مسلمين غير منضبطين من  المناطق التي  دخلت تحت لواء الدولة  الاسلامية فهو يوضع في إطار تطبيق شرعي للجزء الأخير من الآية 33 من سورة المائدة "  إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة : 33] أي  " نفي"  وليست تهجير وفي هذه الحالة يكون   علماء الأزهر حادوا عن استعمال المصطلحات الدينية إلى المصطلحات السياسية، كما أن إدانتهم  لما ترتكبه الجماعات الجهادية ليس لها أي معنى شرعي ، وهو ما كان منتظرا منهم  ، أما الاستنكار والإدانة فهو متروك لمجلس الأمن ، و قادة العالم غير المسلم  ،و  قوات التحالف ، ومنظمات حقوق الإنسان...

 "يناشد الأزهر المسيحيين بالتجذُّرَ في أوطانهم، حتى تزولَ موجةُ التطرُّفِ التي نُعاني منها جميعًا" بالتجذر في أوطانهم  ، وهو ما يعني  الطلب منهم البقاء هناك جتى يقتلوا ويدفنوا في أماكنهم ،  طبعا هذا ؛  بدل أن يدعو  العلماء الأفاضل إلى حث مسلمي العالم على التصدي  للجهاد السلفي الزائف ؛ بجهاد حقيقي يدافع عن حق الإنسان في الوجود ، مطلق الإنسان : الكافر - بغض النظر عن درجة كفره - . والمشرك ؛والمؤمن. المسلم والمسيحي واليهودي والصابئ   والمجوسي والبوذي. الأسود الأبيض والاسمر والأصفر  والملون. الذكر والانثى ، الصبي والكهل والشيخ . الصبية والفتاة والمرأة والعجوز الفقير والغني . ويدافع عن حق الإنسان، مطلق الإنسان في العيش بكرامة، مصون الحقوق الأساسية حيثما استقر- ومن ضمنها حقه في حرية  الاعتقاد وممارسة العبادة. جهاد يدافع ضد ظلم الأنظمة المستبدة الفاسدة ، بنفس الشراسة التي يدافع بها ضد جرائم  الجماعات الدينية ؛المريضة؛  المتخلفة المستندة إلى ديانات شوهتها أو صنعتها عقول مريضة ؛ متعطشة للدماء؛  والذبح والحرق ؛والتمثيل بجثث الضعفاء.

ولعل عذر علماء الأزهر، هو أنهم لا يجدون مثل هذا الموقف الذي يسع كل الناس في دينهم الذي يصلح لكل مكان وزمان. أو لأنهم يخشون إن عبروا بصراحة عن موقف إنساني نبيل مثل هذا ،أن يكفروا ويمرقوا من الدين الذي جاء رحمة للعالمين ،ويقعوا تحت عقاب الجماعات الجهادية بموجب أحكام الدين  إذا ما كتب النصر لخليفة الدولة الإسلامية وجنده  وتم إعلاء كلمة الله ، وأقيمت الخلافة الراشدة ، أو  يقعوا تحت عقاب القوانين (المدنية)  التي يكفر بها المجتمعون تحت قبة الأزهر، ويحتمون  بغطائها، فيستبدلونها بدولة  ي بيانهم "مجتمعاته الاهلية " القائمة في بلدانهم  (الوطنية) ، والمستمدة من دستور الجمهورية الذي ينص على " الاسلام دين الدولة " وهو مصدر التشريع لكل القوانين.

حيثما وجد الإنسان ما يحفظ كرامته الإنسانية وحقوقه الأساسية  فذاك وطنه ، وحيثما كان المكان الذي ضيعها فيه فيه فهو بلد العداوة والأعداء ،هو المنفى حتى وإن كان مسقط رأسه.

الأحد، 21 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الازهر -3-




ثالثا : حرية الأديان.

في البند الثاني جاء في البيان : "التأكيد على أن المسلمين والمسيحيين في الشرق هم إخوة".

السؤال : وماذا عن اليهود؟ وماذا عن الصابئة المندائيين ومنهم الإيزيديين ؟ ، وماذا عن الدروز ؟ وعن المذاهب الإسلامية والفرق  التي تعتبرونها غير سنية ،ويجوز تفجير السيارات المفخخة في أحيائها وفي أجسدها. أو أن الظرف يقتضي منكم  تطمين المسيحيين لأن وراءهم الغرب المسيحي  ، وعلى رأسه أمريكا والدول العظمى التي تحمي الأنظمة التي تظلكم وتضلكم ، مقابل الاستمرار في طحن المنطقة ، وإفناء شعوبها الغبية ونهب مواردها المباحة والمستباحة ؟.
تخدعون القراء بألفاظ مضللة حين تكتبون " أن المسلمين والمسيحيين عاشوا معًا على مدى قُرون عديدة".
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح : كيف عاشوا ؟ ومن الذي كان يحكم منهم الآخر ؟ ومن الذي قاد المنطقة إلى هذا التخلف؟ ،  وكم رئيس مسيحي تولى أمر المنطقة على امتداد  ما يقارب خمسة عشر قرنا ؟ ومَنْ  مِن بين مسيحيي الشرق ومسلميه  استباح دم الآخرين، و أموالهم  وكرامتهم واخضعهم لنزواته صاغرين  ؟ ولماذا تقدمت كل البلدان التي اعتنقت المسيحية بما فيها شعوب أمريكا الجنوبية ،بل الشعوب الهندوسية والبوذية والتي لا دين لها ،  وفي الشرق كل يوم نغرق اكثر في العفن والتوحش والهمجية، تزداد الظلمات والسدوم قتامة وتكثفا؟ و في طليعة قياداتنا خادم الحرمين الشريفين ، وعلماء مكة المكرمة، و الرؤساء المسلمون السنيون  وعلماء الأزعر الشريف ،  ودمشق الشام وفقهاؤها سنة وشيعة ،و النجف الأشرف ، وقم المقدسة وحوزاتها العلمية، وبشاور وما أدراك مابشاور و...
"في دولٍ وطنيةٍ سيِّدةٍ حُرةٍ، تُحقِّقُ المساواةَ بين المواطنين جميعًا، وتحترمُ الحريَّات".
 متى ؟ هل كان هذا  في الماضي ؟ إذن ما بال الناس تلقي بأنفسها افواجا أفواجا  في أحضان البحار، مستغيثة مستجيرة ببلدان الكفر وشعوبها  المحسوبة نجسة عندكم ؟  وما بالها تمعن في هذا التقاتل البدائي الخالي من كل آدمية ؟ وما بالها فقدت كل القيم والأخلاق الإنسانية حتى صار السارق فيها اشرف بآلاف المرات من ولاة أمره وحراس وطنه ؟ وصار الجاهل فيها أكثر حياء واعتدالا من إمامه، والمجرم أنظف وأشرف من قاضيه؟  و كلام السكير وتصرفاته أكثر معقولية ومنطقية من كلام وتصرفات رؤسائه المعدودين عندكم حكماء ؟ ووو...
فإذا زعمتم  أن هذا كان في الماضي،   يكون ذلك منكم كذب  صراح ونفاق بواح على الملإ و في واضحة النهار ، وبدون حياء ولا أخلاق ، ويصبح من العبث مواصلة قراءة بيانكم  المدلس ، وإذا كنتم تزعمون أن هذا سيتحقق في المستقبل فيكون زعمكم  كزعم من يعد باصطياد العنقاء ببيضها وفراخها في ساحة الأزهر ، ومن يصدقكم  لا يعد عندي وعند العقلاء أهلا للتكليف.
تتحدثون في هذا البند أيضا عن" تعدد الأديان في الشرق في تاريخنا المشترك" ، رغم أن هذا التعدد المزعوم إذا ما ثبتت له آثار ، فهي باهتة، وغير واضحة المعالم ، أقليات دينية تعيش في صمت صاغرة ، منزوية  مختبئة خائفة مرعوبة، تشتري حق السماح لها باستنشاق الهواء بدفع الجزية ، والاصطفاف في آخر الصف ؛بحيث لا تزعج خير أمة أخرجت للناس ، لا يسمح  لها بالتقدم والبروز إلا في المجالات أو المهن التي يعجز عنها المسلم أو يعافها ، عرضة لكل التهم  وأقبح النعوت، فئران ، أحفاد القردة  والخنازير ، حمير، شر الدواب ،  كلاب تلهث. وهذه الأوصاف التي تسمون بها شركاءكم ؛ لا يمكن لأي مسلم إنكارها ،وإلا عد كافرا كما قال الرئيس المصري المنتخب بأغلبية الشعب المصري المسلم بطريقة ديمقراطية وشفافة بعد أن تم إعداده عقائديا ودينيا على أيدي علماء الأزهر ومؤسساته ورجاله، يقول مرسي  " المحتلين لأرض فلسطين ...أحفاد القردة والخنازير" ولمن ينكر هذه الأوصاف التي تعد أناشيد القنوات الدينية الممولة من الأنظمة ، والمباركة بتبريكات رجال الدين ، أو يدفعها عن الإسلام ، يرد الدكتور كمال  الهلباوي ، نجم الدين في القنوات المصرية "لأن كلمة الله هي العليا والذي وصفهم  به الله سبحانه وتعالى ، لا يستطيع أن ينكره مرسي ، ولا الإخوان ،ولا أي مسلم عاقل، لأن أي نكران لأي معلومة من الدين بالضرورة يخرج الإنسان من سياق الإسلام ،وهي من نواقض الإيمان ، ومن نواقض الإسلام " وهذا تعليل يصح سحبه على كل من  وجه لهم في القرآن ، وخصهم به المفسرون ، من مسلمين عدهم رجال الدين منافقين ، إلى المسيحيين ؛ والصابئة المندائيين ، والمسلمين الخوارج  والشيعة  وكل من لم ترض عنه السنة الأزهرية الإخوانية والوهابية ومرسي والهلباوي كغالبية الشعب المصري والإسلامي لا ينطلقون من فراغ بل من تراث مقدس، تعتاشون أنتم من نشره والتبشير به   وعلى أساسه تسلك الجماعات والمليشيات الجهادية  في تصديها لغير المسلمين  مقتدين بسلوك السلف الصالح في مواجهة ألد أعداء الإسلام الأبديين في كل مكان وزمان " { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) } وطبعا لا تحاولوا المراوغة  وتقولوا أن الآية هنا تتحدث عن وجود مودة بين المسلمين والنصارى ، لأن النصارى المذكورين هنا جماعة  يهودية  وجماعة نصرانية  ؛ دعيتا إلى الإسلام فأبت الأولى واستكبرت وأسلمت الثانية  فجاءت الأية بهذا الوصف مدحا لها جزاء إسلامها.
" قيل: إن هذه الآية والتي بعدها نزلت في نفرٍ قدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى الحبشة، فلما سمعوا القرآن أسلموا واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إنها نزلت في النجاشيّ ملك الحبشة وأصحابٍ له أسلموا معه." تفسير الطبري ، ج10 ص 499 .
 " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "  ورغم ان اليهودية ديانة مغلقة ، لا تقبل لأحد  غير يهودي الدخول فيها او اعتناقها  مهما كان ، إلا ان هذا هو موقف المسلمين القار والمستقر ؛ إذن فصحيح الدين  عكس ما تقولون في بندكم هذا، من بيانكم هذا  وهو الثابت بالنص ،وبسلوك المسلمين  ،وليس ما ذكرتم، فعن اي مساواة وعن اي تعايش تتحدثون؟.
توردون في بندكم ، وبدون حياء- الحديث عن " احترام الحريات"، فعن أي حريات تتحدثون؟.
لم ترد في صحاحكم أبدا كلمة "حرية" أو ما في معناها . وله علاقة بحرية الناس ، خصوصا  في اختيار عقائدهم وممارستها ، وما جاء في القرآن بهذا الشأن طمستموه ،و ألغاه  فقهاؤكم ومفسروكم ، وعد منسوخا ، وعد القول به جهل بالدين ، ودعوة إلى الكفر، مثل ( لكم دينكم ولي دين) ،التي نزلت ردا على كفار قريش  حين قالوا  للرسول " تعبد آلِهَتَنَا سَنَةً ، وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً"  ألغيت  ونسخت  بإباحة قتل الكافر والمشرك من غير اتباع الديانات الإبراهيمية مطلقا  ، يعني الآن  يجوز بل يجب قتل الملحد والبوذي والمجوسي ، وكل وثني . وأقل ما يجب على المسلم فعله ليصح  إيمانه ؛ احتقار أتباع هذه المعتقدات ، وعدم التعامل معهم في المأكل والزواج ، وما يحمي الملاحدة والبوذيين والمجوس ووثني إفريقيا وغيرها   من أذي المسلمين اليوم،  هو قوتهم العسكرية ، والاقتصادية والقوانين والأعراف الدولية ، وضعف المسلمين وهوانهم  .
  ولم يبق لكم السلف الصالح فرصة لتأولوا الآيات القرآنية وفق ما طلبه منكم السياسيون ، كقوله تعالى ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) سورة الكهف 29 . إذ قطعوا عليكم الطريق ،خاصة وانكم انتم أنفسكم قد علمتم الأجيال أن ما قاله الشيوخ ، وخاصة  شيوخ السلف الصالح مقدس ، ومنكره منكر للمعروف من الدين بالضرورة ، ورأينا حكم من يفعل ذلك أعلاه، قال ابن زيد في قوله:( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وقوله(اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) قال: هذا كله وعيد ليس مصانعة ولا مراضاة ولا تفويضا. ( تفسير الطبري ج18 ص10).
 وهذا هو الفهم السائد المتفق عليه ، والمعمول به  بالإجماع، أي أن معنى  الآية ، والوجه الذي ينبغي أن تفهم عليه ،هو أنها  تهديد ووعيد ،  وليس مراضاة أو تفويض الناس في اختيار معتقداتهم.
وما جاء في سورة الغاشية من قوله تعالى ": فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ" سورة الغاشية، نسخت وألغي الحكم بها وتقرر العمل بمقولتكم المشهورة " اقتله أو يسلم" ولا وجود لأي خيار ثالث.
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،   لست عليهم بمسلط أن تكرههم على الإيمان ، قال : ثم جاء بعد هذا : ( جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم  ) وقال ( اقعدوا لهم كل مرصد  ) وارصدوهم لا يخرجوا في البلاد ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم  ) قال : فنسخت ( لست عليهم بمسيطر  ) قال : جاء اقتله أو يسلم . (تفسير الطبري  ج24 ص 390 ).
وأما ما أسند إلى عمر بن الخطاب فلا يحتج به ،أولا  لأنه ليس مشرعا ،فهو ليس رسولا ، وليس  مشاركا للرسول في  تلقي الوحي ،ثم لأنه لم يأت في شأن الدفاع عن حرية العقيدة ، وثالثا أننا لم نسمع أنه  أعطى للناس في عصره حرية  اختيار عقائدهم وحرية ممارستها ، وإنما سمح بقتل كل مجوسي بعد فتح فارس ، إذا رفض التخلي عن دينه .
وهذه هي قناعة كل مسلم ، فالمشرك غير الكتابي ، والكافر نجس باتفاق . وحمله على الإسلام  ، أو قتله هي رسالة المسلم .
 و الكتابي نجس  عند الأكثرية ، وحمله على الإسلام أو دفع الجزية  و الرضى قهرا بحكم المسلم القريشي  هي رسالة المسلم الكونية .
هذه باختصار شديد ،  وبدون تفصيل  محددات تصور المسلم لغيره من البشر ،ولحرياته وحقوقه وواجباته ، وللطرق الشرعية في كيفية التعامل معه ،  وفي هذا تنحصر رسالة المسلم في الوجود : نشر الإسلام ، و جعل كلمته هي العليا ؛ كي يسعد في الدنيا ، ويفوز في الآخرة بالقصور والخمور وحور العين.
يتبع...

 

الجمعة، 19 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الأزهر -2-


ثانيا:
نعم نحن نؤمن إيمانا جازما بالله وبوحدانيته، وبأنه رب الكون ما ظهر منه وما بطن ، ما تحرك فيه وما سكن ، ما كان منه وما هو كائن وما سيكون، ونؤمن بأنه تقدست ذاته وجلت صفاته، هو القوة المطلقة ، والحكمة المطلقة، والعدل المطلق والرحمة المطلقة.

 ونؤمن بكل ما أوحى به  على المعنى الذي أراده.

 ونؤمن  بما جاء عن الرسل بالوجه الذي صح عنهم عندنا ؛ وعند كافة أهل العقول السوية في العالم.

ولكننا نؤمن أيضا أن كلام الله ، وسنن أنبيائه القولية والفعلية قد غطتها مفاسد البشر ، وجرأة المرضى منهم والمدلسين ، ونؤمن أن التحريف والتجديف قد فاق كل احتمال بحيث نصب الكثير من الحكام والكثير من الفقها والائمة ، والكثير من أصحاب المذاهب ، والكثير من المسترزقين بالأديان  ومن أمراء العصابات  والفرق طوال الأربعة عشر قرنا الماضية من تاريخنا  من أنفسهم خلفاء لله في الأرض ، وناطقين باسمهم  ناسبين إليه ما لا تجوز نسبته عند العقلاء بأي حال ، يتصرفون في أرواح الأبرياء ومصائر خلقه  وفق أهوائهم الدنيئة ، ويفسرون اقواله حسب مصالحهم ومصالح عصاباتهم ، ووفقا لما يحفظ لهم مناصبهم وهيبتها .

 تنكرون على داعش العنف والإرهاب، فهل تعرفون أيها السادة علماء الأزهر تراثا دينيا  آخر يزخر بأخبار الدم والقتل والحرق والإرهاب ، وبث الرعب ، والغزو والسبي ، والتهجير يستند إلى تعاليم إلهية في معتقد أهله أكثر من تراثكم الديني  ؟ وهل تعرفون فرقة  أو سلطة كان لها شأن في الإسلام   لم تستعمل العنف والإرهاب بكل أنواعه؟ ابتداء من قتل المسلمين  الذين امتنعوا عن دفع الزكاة للخليفة دون أن يجحدوها أو ينكروها، فاتهموا بالردة، إلى الفتنة الكبرى ، إلى  مجازر بني أمية، والعباسيين ، ومحنة المعتزلة والحنابلة ، والرافضة ، والجهمية  والقرامطة والمشبهة وضحاياهم أيضا، وبشاعات الأتراك في قتل الأطفال، وبتر الأطراف، والسلخ، والتنصيف ؟.

أليس من أصول فقهكم سنة وشيعة، أن الكافر يقتل لكفره وليس لعلة أخرى ،وأما الكفر بعد الإسلام فعلة أخرى مبيحة للدم، ولهذا قُتل بالردة من كان عاجزاً عن القتال كالشيخ الكبير والعاجز.  وقد تكون الردة تهمة حبك خيوطها خسيس ، وأشترى شهادة خسيسين ،وهل كانت غزوة بدر التي قتل فيها سبعون رجلا  وأسر سبعون من قريش(صحيح البخاري ؛ج3، ص 1105 رقم الحديث 2874) و أحد عشر رجلاً  من المسلمين ، ملتقى للحوار ، وبعد بدر بسبع ليالي غزت الدولة الاسلامية الفتية بني سليم الذين فروا مثل "الإزيديين" الآن تماما  تاركين ممتلكاتهم ومواشيهم ؟ ثم خيبر ، واستمر الغزو "يسبقه الرعب" كما هو ثابت في صحاحكم المقدسة " بعثت بالسيف" و"نصرت بالرعب " لقد جئتكم بالذبح " .... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي،  وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. (مسند أحمد بن حنبل - شيخ البخاري-ج9 ص 123 رقم الحديث 5114)  الذي طال القبائل قبيلة بعد قبيلة والناس تفر في كل اتجاه  طلبا للنجاة بأرواحها  دون سبب واضح  فالقول المنسوب إلى الرسول " « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ" ( صحيح مسلم  ج1 ، ص133 رقم الحديث 133)  ،ثم أصبح هذا غير كاف بموجب الحديث الثابت في البخاري " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ؛ ويقيموا الصلاة ؛ ويؤتوا الزكاة  ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله "( صحيح البخاري  ، ج1 ،ص 17 ، رقم الحديث 25 ) وفي بدأ غزو يهود خيبر ، ويسأل علي بن أبي طالب :  صارخا ، يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟.

 ما هو الفرق بين هذا - وهو قطرة من محيط تراثكم المقدس - وبين ترويع الأمنين الذي تقوم به الدولة الاسلامية الحالية التي تتبع السنة الصحيحة ، هل هؤلاء – قتلى  الجهاد الحالي - بشر ، وقتلى الغزو الأول كانوا بقرا ؟ أم  أن مجاهدي صدر الدولة الاسلامية  كانوا ملائكة  غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر ؟  وهؤلاء –مجاهدو الجماعات والمليشيات السنية - شياطين ؟ هل وجدم ما ينسخ السنة ويمحو "قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة "  أم مازالت كما هي لا تزول ولا تحول؟  هل تنكرون  أن  مرجع أولئك وهؤلاء ومرجعكم ، وسنتهم وسنتكم نفس النص، بنفس اللغة  تدرسونها صباح مساء في كل بيت، وزاوية ، ومعهد ومسجد؟ وتحتذونها – أنتم وهم- حذو الحافر بالحافر والكافر بالكافر ؟.و نفس الأسئلة تنسحب على كل ما تلا  هذه البدايات من غزو للقبائل العربية.
وهل الخلافات التي نشبت بين اليهود والمسلمين في المدينة حلت بالحوار أم انتهت بتحريق نخيلهم وباجتثاثهم من المدينة "حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن علهيم حتى حاربت قريظة فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي صلى الله عليه و سلم فآمنهم وأسلموا وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام ويهود بني حارثة وكل يهود المدينة" ( صحيح البخاري ج4، ص1478 رقم الحديث3804) ؟ فهل  سلك المسلمون الأوائل  طريق الحوار المفضية إلى الصلح ؟،جاء في حديث للبخاري ما نصه "... لما فتحت مكة قسم الغنائم في قريش فقالت الأنصار إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم "(صحيح البخاري ج3 ص1377م رقم الحديث 3567 ) فهل تجدون  هذه الدماء المهدورة  برهانا على فتح  مكة بطريقة سلمية؟ ، هل تحاور المسلمون مع المسلمين الذين امتنعوا عن دفع الزكاة إلى الخليفة أبي بكر  ؟ الذي استشهد بحديث البخاري في مقاتلة الناس وبني عليه " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،  فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَاللَّهِ ؛  لَوْ مَنَعُونِى عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. " هل تجدون في هذا الحديث حوارا، أو استعدادا للحوار.و نفس الأسئلة تنسحب على كل ما تلا  هذه البدايات من غزو.

  وبدون إطالة في التفصيل والتوثيق ،وبدون العودة إلى الكتب التراثية التي تصف وقائع المعارك ، وتفاصيل ملاحم الغزو التي تصور قطع الرؤوس وبتر الأطراف والتمثيل بالجثث ، نسألكم  هل جمع القرآن نفسه جاء نتيجة للحوار بين الصحابة الحافظين الذاكرين ، أم كتبته الفئة المتنفذة الغالبة؟ وقمعت خصومها بطريقة فجة مهينة؟. هل حاور معاوية علي بن أبي طالب في حل إشكالية مقتل عثمان بن عفان ، والخلافة  ؟ وهل ... وهل...

 وهل حاور علي بن أبي طالب أو معاوية الخوارج ، وأهل حروراء ، وتركوهم  لقناعاتهم ؟. هل شهرة الحجاج بن يوسف تعود لدبلوماسيته ، وقوة حجته ، وسعة صدره ، وتفضيله للحوار على العنف والوحشية ؟  أليس أبو العباس السفاح خليفة المسلمين ؟ أم أنه كان حملا وديعا وألصق به لفظ السفاح لشدة تسامحه،  ورفقه برعيته ؟.هل عرف المسلمون فيما بينهم  وعبر تاريخهم –عبارة في حل خلافاتهم- سوى "يا سياف اضرب رأسه" أو " من منكم يأتيني براسه" .

تذكرون في بيانكم أبناء الأمة، من هم أبناء الأمة عندكم ؟ المصريون ؟ أم السوريون ، أم العراقيون ؟ أم المسلمون؟ كلمة في القاموس الإسلامي  غامضة ملتبسة حمالة أوجه ،و مطية للتدليس والتضليل،   هل المسيحيون واليهود  والصابئة ، ومن يتبع معتقدا آخر غير الإسلام  يعد من الأمة في اعتقادكم وعقيدتكم ، وفي أي مصنف وجدتم هذا؟، أم تقصدون أمة محمد التي يطرَح الحاكم نصفَها ممن الذين لا يرضى عنهم سياسة، ثم يُطرح من النصف نصفُه الآخر الذي لا ترضون عنه أنتم ؟ هل محمد رمضان البوطي حين أهدر يوسف القرضاوي - كبير علماء الاسلام قاطبة -  دمه كان معدودا من الأمة أم لا؟ وهل داعش هي من ابتدعت إخراج غير المسلمين من الأمة ، وأحلت  قتل الرجال وسبي و النساء والأطفال وبيعهم في سوق النخاسة  ؟ هل داعش هي  من أجازت قتل الكافر والمرتد والمحارب وطبخه وأكله  كما هو مكتوب في مراجعكم  التي تدرسونها الآن مثلا (الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع  للشربيني الشافعي ، والفقه على المذاهب الأربعة وهبة الزحيلي)،  في أزهركم ، وفي معظم المدارس  والمعاهد والاسلامية المنتشرة عبر العالم.

 هل وصفتم يوما كتبكم ؛ ومحدثيكم  ومفسريكم وفقهاءكم  باضطراب الفكر ، والجرأة على الإثم والإجرام  والبداوة؟ بل هل نبهتم مرة إلى في هذا التراث من تخلف وبدائيته  وبداوة ، وحذرتم من خطورة نشره  وشجعتم على القراءة النقدية المتحررة ؟، هل طالبتم بسن قوانين رادعة ضد كل من أفتى بهدر دم إنسان آخر  خالفكم  الرأي في قضايا الدين  كسنة ، ووقفتم إلى جانب حقه في التعبير عن قناعاته التي تهدد كراسيكم الوثيرة الآمنة الوادعة التي تبرع بها عليكم ساداتكم الحكام.

هل تركتم للناس فرصة ليستعملوا عقولهم ، أو يهتدوا بمن استعمل عقله ، ألستم أنتم ومن كان على شاكلتكم من قبل ، أو تشكلتم  ونسختم منهم فيما بعد هم من قمعوا الفكر( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)، وقتلوا العقل ، وحشوه بالعنعنات ، والتخريف واللامعقول ؟

ثم ما لكم وللإنسانية؟ أليست الإنسانية  هي  مجموع الناس التي أمركم دينكم  المشروخ في صحاحكم بقتالهم كما رأينا؟ أليست الإنسانية ، وحرية العقيدة  ، والديمقراطية ، والعلمانية كفر في اعتقادكم وأديباتكم ؟  بل و في عقيدة كل الديانات السماوية  الأخرى غير الإسلامية ؟ والتي تقبل بالعلمانية مكرهة خشية  ومراعاة  لوعي الشعوب  المرتفع بالبلدان التي تتواجد بها.

 الإنسانية تجعل الإنسان محور العالم، وهو قيمة في حد ذاته ، الحرام ما حرمه هو ، والحلال ما أحله هو ، والمواطن في أدنى درجاته يساوي رئيس الدولة ، وبابا الفاتيكان ، والكافر الملحد يساوي كبير القساوسة ، والمرأة لها حق حكم أرقى المجتمعات إذا حازت الكفاءة التي تؤهلها ،  فهل هذا حلال في دينكم ؟ ، الإنسانية ترى الملحد وعقل الملحد هو الميزان الوحيد الذي توزن به كل الآمور ولا عبرة بأي مصدر آخر للمعرفة والمفاضلة بين الأشياء والقيم ، وأنتم امركم دينكم بقتل الكافر حيثما كان، ومنع العقل من السؤال في ما غمض عليه ولم يستبن وجه الحق فيه، فكيف أصبحتم إنسانين كفرة وأنتم علماء الازهر وحراس المعبد ؟ نؤمنون بالإنسانية وتدافعون عنها؟   أو على الأقل توالون الكفار؟ أم هذا يحتمه عليكم باب دينكم " الحرب خدعة "(صحيح البخاري ،ج3،ص1102.(1)
 إن آخر من يحق له الحديث عن الإنسانية هم المسلمون، وآخر من يحق له الحديث عن الإنسانية من المسلمين ،الجماعات الجهادية على اختلافها ،المغرر بها  والمسخرة لتصفية الحسابات بين الأذكياء،وإفناء ما بقي من هذا الجسم المتهالك ، وفي ذيل هذا الترتيب يأتي رجال الدين والأنظمة الفاسدة  ومختلف القوى المتحالفة معها ، التي تصنع الإرهاب لتستخدمه  في استعباد الأمة وتقسيمها ، وابتزاز العالم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.(1)- الكتاب : الجامع الصحيح المختصر
المؤلف : محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي
الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة - بيروت
 الطبعة الثالثة ، 1407 - 1987
 تحقيق : د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق
عدد الأجزاء : 6
مع الكتاب : تعليق د. مصطفى ديب البغا

 

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...