الأحد، 12 يوليو 2015

نحن والعالم -8





ذو العقل يشقى في النعيم بعقله     وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

الحرب بين العقل والجنون، والمعرفة والجهل، والوفاء والخيانة والأخيار والأشرار وكافة الثنائيات المتناقضة المعروفة في الكون لا تنتهي،لأن تغلب نقيض يفضي بالضرورة وحتما إلى إفناء نقيضه أو على الأقل تخريبه.

ونحن  من أكثر شعوب الأرض التي تعيش وتستمر في ظل جملة من التناقضات الغريبة التي يستحيل على العالم أن يفهمها ، مثلا يستحيل على مستوى العالم أن يصدر عن  "مسؤول" في هرم السلطة في نظام ما قول يصف فيه طلبة جامعاته  "بالعتاريس" " التيوس" علنا وأمام الملأ مهما كانت المبررات  ، فبماذا  يصف مدرسيهم ، وبماذا كان سيصف العامة لو طلب منه ذلك؟؟؟.

والمصيبة أن الأمر لا  يقتصر على "مسؤول" واحد - مع الاعتذار للكلمة - ففي المدة الأخيرة عرضت علينا وسائل الإعلام ، ومنها  الجرائد التي نسبت  إلى السيد أويحي مدير ديوان رئيس الجمهورية ، ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أنه قال: " تحيا الأوليغارشية الجزائرية..."- ولم تكمل الجريدة الجملة ، أو أن السيد أويحي لم  يرد أن يكمل الجملة وفق ما يحتمه المنطق؛ وترك الأمر لذوي العقول   وهو "....ويموت الشعب".
قول معقول ومقبول ، لأنه يعبر بصدق عن طبيعة النظام  المستمر في الجزائر . فقط على الجميع أن يدرك أن هناك قانون طبيعي  فوق النوايا والرغبات  والإرادات مثل قانون الزلازل ، لا أحد مهما كان ذكاؤه وقدراته ،  ولا أي مؤسسة مهما كانت سطوتها  أن تتحكم فيه فتحدد مكانه وزمانه وشدته؛  أو تبطل مفعوله والقانون هو " الاستبداد حرب أهلية مدمرة مؤجلة... ولو إلى حين "

 إذن تحيا الأوليغارشية على مذهب حكامنا،  مع العلم أن معظم  القواميس، ومراكز البحوث، ومن لهم علاقة بأنظمة الحكم ، يتفقون على أن الأوليغارشية L'oligarchie   حفنة أو طغمة أو عصابة من الناس (عائلات) ، متباينة الأصول والمعتقدات والأيديولوجيات  والقناعات السياسية ، تستغل ظرفا أو أكثر من الظروف التي يتعرض لها المجتمع فتضعفه، وتمتطي مؤسساته وتسخرها لإشباع نزواتها، وتقوم بالإستيلاء على مقدرات الشعب وثرواته،وتجتمع  حول مبدإ وحيد هو مصالحها الخاصة الأسرية والعائلية : المادية والاجتماعية، فتشكل عصابة  تندمج فيها  قوى عسكرية مع قوى سياسية  وسماسرة، وأصحاب رؤوس أموال منهوبة ، تدعي وتشيع في الناس أنها هي الوحيدة المؤهلة لحكمهم وفي ذهابها دمار للدولة.

 ولحماية مصالحها التي تجتمع حولها ، تتصف الأوليغارشية  في سلوكها بصفات تميزها ، وتجعلها مهابة مرهوبة الجانب، فتظهر مستبِدَّة  عنيفة ، إقصائية ، قمعية ،عنيدة مغامرة ،  مغرورة ، غير مبالية بأوجاع ضحاياها، تحتكر السلطة وأدوات التلسط ،وتحافظ عليها بكل الطرق والوسائل، والحقيقة الشاخصة في الجزائر هي  أن القضاء بكل مكوناته ، والمالية ، والتجارة  و(الصناعة)  والبترول  والموارد كلها في خدمة الأوليغارشية  الجزائرية التي ورثت سلطة المستعمر وأنماط تفكيره وسلوكه، وطوعت ( المؤسسات ) لخدمتها  ولإشباع نزواتها، والدار التي دُفع ثمنُها دماء طاهرة وأرواحا زكية، و خبز الدار  الذي شقي العيال البائس من أجله  كل ذلك اختصت به الأوليغارشية  لها وحدها ؛ بفضل رعاية مدير ديوان رئاسة الجمهورية الأوليغارشي المبدإ والهوى والانتماء - كما يؤكده تصريحه العلني- وأمثاله . فنحن على خلاف الشعار الذي خدعونا به في ظل الجزائر الفرنسية الجديدة المرسوم في وثائقنا بـ "الجمهورية الجزائرية الديمقراطية  الشعبية " وعلى نقيضه ؛ وعلى  النقيض من تسمية الحزب الذي يرأسه السيد أو يحي الخادعة " التجمع الوطني الديمقراطي " والذي يكون  في جوهره  وحسب تصريح رئيسه  عبارة عن  "تجمع الأوليغارشية الجزائرية" لأن تحية الأوليغارشية الجزائرية  بهذا الشكل العلني والحماسي من رجل في مستوى ومنزلة  وموقع الرجل  هو نوع من الإعلان عن الانتماء إلى هوية جماعة أنانية شريرة عدوانية لا تختلف عن الهويات الإرهابية والمتسلطة التي تشكل مصدرا للعنف والترويع سوى في أسلوب التعبير عن وجودها وقنواته.و ما علينا - نحن شعيب الخديم- إلا أن نردد مع حكامنا ومستشاريهم و تحت ضغط القهر : تحيا الأوليغارشية  ومصالح الأوليغارشية ، فالدار ،وخبز الدار للأوليغارشية ، أحب من أحب وكره من كره . " واللي صار يصير ، واللي صار يصير..."

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...