الأحد، 30 أكتوبر 2011

القـــــــــــرد -قصة قصيرة

 الـــــقرد
قال العبد للقرد:
أضعك تحت تصرف السيد من الآن، يتسلى بك، أو يرتديك كحذائه، أو تقضي نزوة تطوف بخياله..
أراد القرد أن يحتج، لكنه تراجع بعد أن مرر - بلمح البصر- شريطا لتاريخ الأمة كان مركونا في دولاب ذاكرته فقدر العواقب، وخلص إلى أن في الصمت حكمة.
أشار السيد للعبد أن انصرف، ورأى العبد أن يذكر القرد بما يجب قبل الانصراف، فنظر إليه وفي وجهه صرامة الواعد المتوعد: سري عن سيدنا يغمرك الرضا؛ وتنال موزة أو موزتين ، وإذا أخلصت فقد تحصل على سروال تستر به عورتك.
صعد القرد نظرة كسيرة إلى وجهي السيد ؛ ثم العبد ، وحك رأسه العاجز، وقد أقعى يفكر ويقدر ؛ وعلامات الشيخوخة والهرم تسبحان في عينيه الغائرتين؛  تتلاطم في أعماقهما أمواج الحيرة والضياع.
ثم رأي أن الأخلاق تحتم أن يحي الداخل القار فقال :
- عم صباحا يا سيدي ، وليهنأ يومك ، واعذرني إذا ما عجزت عن إسعادك ، ولك في تصرفك بي ، أو طلباتك مني  ما تشاء ؛ على قدر ما استطيع أن أحفظ معه النفس، وما زاد عن ذلك فهو بالنسبة لي فضلة أبذله ولا أفرط.
قال السيد: سبحان الله لصوتك في أذني ألفة وموقع ، وصوتك ليس بالغريب .
قال القرد: بيننا معرفة وصداقة قديمة يا سيدي، ومنعني الحياء؛ وتباين المقام أن أشير إليها.
غضب السيد وقال:
- يا قليل الحياء ؛ مكشوف العورة ، هل تراني قردا حتى أصادق القردة أسافل الخلق؟
- لا يا سيدي حاشاك، لست أنت القرد،ولكن كانت صداقتنا قبل أن أمسخ أنا قردا. أيام الطفولة والصبا، عندما كنا في المدرسة، كنت أنت تجلس إلى جانبي؛ وكنتُ آنذاك حاد الذكاء حسبما كان يزعم معلمنا الغبي،بينما كان ينعتك بالغباء ،ولعلك تذكر أنك رميته بحذائك وفررت من المدرسة. ولم تعد إليها أبدا، وقد فتحت لك تلك الحادثة باب السعد ،بينما بقيت أنا أطارد الكتب والأوراق.
تعجب السيد وقال : سبحان الله ، ذلك ما وقع فعلا ، لكنني لا أصدقك.
قال القرد : صدق يا سيدي صدق، فأنا التلميذ "نبيه" الذي كان يجيب عن كل صعب ،و يفهم ويحفظ كل معقد وغريب .
ما الذي جرى لك؟
- عاقبني الله يا سيدي على آثام ارتكبتها تباعا.قال السيد وقد هدأت ثائرته:
لم يكن معروفا عليك الشرانية أو العدوانية ، كنت طيبا ، وديعا على خلق .
- وتلك بعض الآثام يا سيدي ، فأول إثم يا سيدي ؛ أنني كنت صادقا في كل أقوالي؛ وفي كل أعمالي ؛ فعرف عني الناس سري وعلانيتي ، وأمنوا جانبي ،وصنفوني مغفلا ، لأني كنت أخبرهم عما يقع قبل أن يقع ، وآتيهم بما خفي كما وقع ،وأبدي عداوتي لعدوي فيهزمني عند الواقعة، ويتأكد صديقي من وفائي وطيبتي فيبيعني لتحصيل مصلحة، ويسترضيني بعدها ؛ فيستردني وهكذا دواليك.
- هل تريد أن تقنعني أن الله مسخك قردا لاتصافك بهذه الصفات؟!.
لا ولكني أعتقد أنه مسخني قردا لارتكابي كبيرة لا تغتفر؟
ماهي؟!
- لما هجرت أنت المدرسة مهديا إلى طريق الرشاد، لازمت أنا معلمنا الغبي الذي كان لا ينفك يذمك ، ويضرب بك المثل في الغباء، و ويجزم أنك ستبقي إلى الأبد عاجزا عن جمع أربعة إلى اثنين.
- وهل كنت تصدقه؟
- فيما يتعلق بالحساب وشؤون الدراسة واقع الحال كان معه، وتكذيبه - وقد علمني الصدق - لم يكن ممكنا.
ولكني لم انتبه إلى أن عقله الصغير كان لا يتجاوز مداه مدى الصفحة التي يقرأها.
ولغبائي كنت أصدقه ، وأخذ بأقواله ونصائحه.
- وماذا وجدت وكيف صرت إلى ما أنت عليه؟
- ها أنت ترى يا سيدي ، برهان كفره فيك ، فجزاء الله لك ولعبيدك باد لا يحتاج لدليل، إذ أطعتم سنة الله فهجرتم العلم والتعليم ، وسلكتم سبل الرزق والنعيم ، فنلتم العلا واعتليتم مدارج التكريم.
أما أنا المأخوذ بهوس ذاك الغبي الذي كان يلقبني بالعبقري الذكي ، فقد قضيت حياتي محاولا تعليم أمة أمية خِلقة، كتب الله عليها ألا تتعلم حتى وإن قرأت ، وكتب اللعنة على كل من أراد تغيير سنته تعالى فيها ، وأخلصت في إتياني لجريمتي وتماديت فيها حتى حاق بي غضب الله فرددت قردا.
- وماذا تشتغل الآن؟
- أنا الآن أدرب صغار القردة على فنون الجمباز
- إذن مازلت متعلقا بمهنتك؟.
ووجد السيد أنه يزداد كآبة عوض أن ينال شيئا من الترويح ، فأرسل في طلب العبد ، الذي حضر مهرولا ؛ وامتثل طائعا ، فقال له السيد:
- أيها العبد هذا الذي أمامك كان مدرسا لك أنت ؛وأمثالك من العبيد ، وأنت ترى ما حل به ؛  فقد مسخ لكثرة ما شوه من عقول ، وخرب من نفوس ،إذ أخرجها من طبيعتها التي جبلت عليها ، وأراد إكسابها طبائع أخرى يقول إنها موصوفة في الكتب.
ومثل هذا الكائن الممسوخ خطر على المحيط ، ولكن الصداقة التي نمت بيننا قبل أن يمسخ ، تمنعني من إيذائه، وجحافل العبيد التي دربها لخدمة السادة قبل أن يمسخ تشفع له، فأخرجه من هنا ، وسلمه لأي قراد يرى فيه حاجة.


                                                                           الضيف حمراوي 01/06/2009

الحياة كما أراها

- الحياة طريق طويل، شاق وملتو ، في آخره حفرة.
- نأتي إلى الحياة عزلا عراة، ونغادرها عزلا عراة.
- الحياة حلم جميل حلو؛  تفسده مرارة الواقع ، فنستعيض عنه بتصور حلم لواقع حلو بلا مرارة في الآخرة.
- تبدأ الحياة في هيئة زهرة وتحول عبر كر الأيام إلى بعرة.
-  الحياة كالابن العاق ، كلما زدت في عطائه بصدق ، زاد في إذلالك بتشفي .
- الحياة عاهرة تفضل أبناءها وأحفادها عن غيرهم كيفما كانوا.


السبت، 29 أكتوبر 2011

من كان على خلق كفته أخلاقه

 في العصر الجاهلي ، وقبل أن يهتدي الناس،  وتنتشر الكنائس والمساجد والدعاة،و الواعظون قال الحارث بن كعب يوصي بنيه  
 بنيَّ اهتدوا ، إني اهتديت سبيله   
                                    فأكرمُ هذا النَّاسِ،  من كانَ هاديا
عييتُ زماناً ، لستُ أعلمُ ما الهُدى
                                  وقد كان ذاكُم  ضِلَّة من ضَــــلاليـا
فلمَّا أرادَ اللهُ رُشدِي،  وزُلــــــفتيْ
                                  أنارَ سبيلَ الحــــقّ لي ، وَهَدانِـــيا
فألقيتُ عنِّي الغَيَّ للرُّشدِ والهُدى
                                  ويمَّمتُ نُـــوراً للحــنيفةِ بــــــادِيــا
وصِرتُ إلى عِيسى بن مريمَ هادياً
                                   رشيداً فــسمَّاني المَســيحُ حَوَاريــا
سعِدتُ بِهِ دهــــــراً فلمَّا فقــدتُهُ
                                  فقدتُ يمينيْ ؛ بل فقدتُ شِـــــماليا
بنيَّ ، اتقوا الله الَّذي هُوَ ربُّكُـــم
                                  بــراكُم له فيما بَــــــرَى ، وبرانـــيا
لِنعبُــــــــدهُ سُبحانَهُ دُونَ غيرهِ
                                   ونستدفِعَ البلوى بهِ ، والدَّواهيــــــا
ونُؤمِنَ بالإنجيلِ والصُّحُفِ الَّتي
                                  بها يهتــديْ من كانَ للـــــوحيِ تاليا
بنيَّ صحِبتُ النَّاسَ ، ثم خَبَرتُهُمْ
                                 وأفضلهُمْ ألفـــيتُ من كانْ واعِـــــــيا
وألفـــيتُ أسناهُم محلاًّ ومنصباً
                                 رشــــيداً عن الفحشاءِ والإفكِ ناهــيا
وألفــــيتُ أوهاهُمْ لدى كُلِّ أمرِهِ
                                 مُضِـــلاً لضـــلالِ العَشــــيرةِ غَـــاويا
بنيَّ احفظوا للــــجارِ واجبَ حَقِّهِ
                                 ولا تُسلــــِمُوا في النَّائِــــباتِ المواليا
وشُبُّــــوا على قُرعِ اليفاعةِ ناركُم
                                   ليأتمَّها الضّــــَيفُ الذي باتَ طاويا
ولا تعتدُوا بالحربِ منْ لم يكُنْ لكُمْ
                                  مِنَ النَّاس بالعُـــــدوانِ والظُّلمِ بادِيا
ومهما زرعتُم يا بنيَّ فإنَّــــــــــه 
                                  سيُحــــصَدُ نـــزراً كانَ أو كانَ زاكيا

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

مجرد هــــذر

قال أخي : مفدي زكريا أمازيغي ، وأنا كذلك أمازيغي وسوف أبقى....
فقلت: وماذ ا يعني كونك أمازيغي أو غيره ،هل تصير بذلك فوق البشر؟ هل تنزل بذلك دون البشر؟ أم أن مثل هذا الكلام مجرد هـــــــــــــــــذر؟

السلطة والعائلات العميلة في الجزائر وأوهام الاستقلال.



  يجد الشعب الجزائري صعوبة في فهم تاريخه ، والاطلاع على أحداث ماضية المتراكمة بموضوعية ،بسبب جملة من المعطيات والعوائق الفكرية ، والعلمية ، والسياسية والاجتماعية ، وكل عنصر منها يصلح حقلا لبحوث لا تسعها المجلدات الضخمة ، وما تجدر الإشارة إليه في البداية وبعجالة هو دور ثلاث فئات من العائلات الجزائرية ،أو المحسوبة على الجزائر ، بحكم  أنها كانت  ؛ ومازالت متواجدة بها
و تمثل 80/ من قوة السيطرة الاستعمارية الفرنسية على الجزائر ، - سواء خلال فترة الجزائر الفرنسية القديمة قبل 1962م   l’ancienne Algérie Française  أو خلال فترة الجزائر الفرنسية الحديثة بعد 1962م . la nouvelle Algérie française - وهي بالمرصاد لقمع ؛ وقطع كل بنان يتجرأ على الإشارة إليها تلميحا أو تصريحا ، وهذه الفئات هي –:
1-عائلات القياد والباشاغاوات: هي  الأساس و تتكون في أغلبها  من الجزائريين الذين خانوا وطنهم ،وتنكروا له ،واعتنقوا  مبدأ الجزائر فرنسية عقيدة وعملا، وقاتلوا من أجل تحقيقه في أرض الواقع  مضحين بأرواحهم  ودمائهم ضد الجزائريين ، وحصلوا بذلك على السلطة ؛ والمال؛  والامتيازات  الكبرى المتوارثة والمستمرة ، وتعتبر هذه الفئة هي العمود الفقري الذي تلتف حوله مختلف أنسجة الدولة.
2-عائلات القضاء: القاضي، والباش عدل ، والخبير ـ والمحضر وأسرهم، المعينين برضا أسر القياد والباشاغاوات  ليكونوا تحت الخدمة ، ورهن الإشارة. كما أن هذه العائلات كانت على شيء من التعليم  الفرنسي ؛ أغلبه بمستوى التعليم الثانوي  و كانت هذه الفئة تعتبر أهم ثاني منبع يزود الإدارة الفرنسية بالقياد والباشاغاوات و يخدمها.
[1]
3- المرابطون المشعوذون
les marabouts [2] والذين لم يكن يخلو منهم مكان ؛ على امتداد التراب الوطني  وقد قامو ا بدور مخدر الشعب  حتى اندلاع الثورة التحريرية سنة1954م  ، وكانت زواياهم هي المعاهد التي يتخرج  منها القياد والباشاغاوات ،والقضاة  والمشعوذون ؛  وقد أختفى أغلبهم مع بداية الثورة ؛ ثم عادوا للظهور بعد انتهائها ، واصطفوا كعادتهم إلى جانب العائلات  السابق ذكرها ،  فأفتوا بحرمة  كل مساعي المرحوم هواري بومدين لخدمة مصالح أبناء ساداتهم من الإقطاعيين  ، واتهموه بالشيوعية ،والكفر ، وما شئت من الأوصاف الذميمة ، وبعد دحر كل مشاريعه الطموحة ،  كانوا الذراع التي ساعدت  في الانحراف بانتفاضة  الشباب التي فاجأت أبناء القياد والباشاغاوات سنة 1988م عن مسارها ، فارتدوا  الأقمصة  القصيرة، ,وأطلقوا اللحي ، وشكلوا لجان الدعوى وألقوها في المدن والأرياف ،  وجروا وراءهم السذج ورعاع الناس ، وأعدوا التربة الخصبة لعبدة فرنسا ، لإعادة بعث عصابات الجريمة كما كان عليه الحال قبل 1954م ، وسار الأمر على ما كان مخططا له ، و بعدها ساهموا  في تشكيل جماعات إرهابية ،  ألهت الشعب ، وشغلته عن مساءلة الناهبين ، وعن العبث بثروات الوطن ، و والسطو الوحشي  الذي حول ممتلكات الأمة إلى جيوب أبناء القياد والباشاغاوات والمتواطئين المتعاونين معهم  بالدينار الرمزي ، ولمحو أثار الجريمة أشعلوها حربا كاسحة ،فأباحوا سفك دم الشعب الأنديجاني البريء الذي وقع بين فمي كماشة ثلاثية الانياب ، وأخرقت آلاف المؤسسات ، وآلاف الأطنان من الأرشيف  القديم الذي يعود لمرحلة الاستعمار المباشر قبل 1962ن ، والذي يعود لما بعدها، وأزهقت عشرات الآلاف من الأرواح البريئة  بسبب تدخين سيجارة من هنا .أو لمجرد شبهة من هناك ، وزرع الإرهاب الممنهج و الفوضي الهادفة.

أفراد هذه العائلات هم الذين شكلوا النواة المحورية لتسيير وقيادة البلديات المختلطة
les communes mixtes
  التي أنشأها المستعمر سنة 1876م، وعدلها  بتاريخ 15/04/1884 ،  على أساس أن هذه العائلات؛ كانت قد برهنت بأعمالها  ، وعبر سنين طويلة ،على ولائها المخلص لفرنسا ، وعدائها المطلق والأبدي للشعب الجزائري . وعلى أنها هي خزان القياد والأغاوات ، والباشاغاوات الذين بوسعهم  أن يكونوا اليد الباطشة ؛ الحكام الحقيقيين الذين تعتمد عليهم فرنسا .
فقد ورد عن الأديب الفرنسي الشهير جي دي موبسان
Guy de Maupassant الذي دعا إلى تحسين صورة فرنسا في أعين الجزائيين،  ونبه إلى أن  بشاعة القياد والباشاغوات ، ومفاسدهم وظلمهم لأبناء هذه الأرض الطيبة،  أهم العقبات التي تشوه الوجود الفرنسي ، وتنفر الشعب الجزائري منه ، فقال يصفهم ويصف دورهم :
"طغاة مستبدون ، وحدهم المحترمون ،وحدهم المطاعون ،إنهم علة الخطر الدائم علينا ، وعقبة كأداء في وجه التحضر".
[3]
ومازالت هذه صفاتهم، نفس السلوك بنفس الخسة ،  وهم يسيرون نفس المكاتب، بنفس العقلية  الاستعمارية في الجزائر الفرنسية الحديثة.
هذه العائلات- والتي لن تقوم للجزائر قائمة ، ما دامت فيها هذه العائلات هي هي المسيطرة وهي الحاكمة ، والتي كان من المفترض لو نجحت الثورة التحريرية في تحقيق أهدافها ، أن يغادر هذا الطابور النجس  الجزائر سنة 1962م مع شواشهم ، وقبل إعلان الاستقلال ،و قبل مغادرة الجيش الفرنسي ، والمعمرين والحركى لها ، وبصفة أبدية وبدون رجعة ليمكن أن يقال ، وبخطاب سياسي له شيء من المصداقية، أن الشعب الجزائري قد حقق استقلاله الفعلي والعملي ، واسترد ممتلكاته ،وكرامته ،وثأر لشهدائه الأبرار الذين سقطوا على امتداد 130سنة، وأخذ بحق المنفيين والمشردين عبر أركان الكرة الأرضية المتنائية، مع احتفاظه بحق متابعة أعدائه - وفي مقدمتهم هذه العائلات - بحقوقه المدنية ، والسياسية ، والاقتصادية وأولها حق التعويض عن امتهان كرامته واستباحة أراضيه ، وأعراضه على امتداد قرن وثلث ، وهو ما لم يحدث ، بل حدث عكسه ، حين سلمت فرنسا نصيبها  الباقي في  سلطة تسيير شؤون الجزائر المستعمرة والمقدر آنذاك بنسبة 20 في المائة إلى هذه العائلات العميلة التي كانت تسهم في حكم الجزائر؛
 واستعباد شعبها بنسبة 80 في المائة؛  إبان حقبة الاستعمار المباشر؛ وبذلك تجمع بأيديها ، وأيدي ذريتها حكم الجزائر كاملا بنسبة مائة بالمائة ، مما أجبر الشعب الجزائر في عهد الاستقلال المزعوم ، على محاولة الاستنجاد برموز الاستعمار المباشر، طمعا في درء مظالم  أزلامه الذين خلفهم من بعده ، فلا غرابة إذا خرج الناس في العاصمة الجزائرية مستغيثين بالرئيس شيراك ؛ مثلا ؛ بعد فيضانات باب الواد،  ولا حين ذهبوا أبعد من ذلك "حيث تحرك الكثير منهم [الجزائريين] في البحث عن كل الأدلة؛ والوثائق؛ وشهادات الاعتراف[بالخدمات] التي قدمها آباؤهم ؛ وأجدادهم لفرنسا أثناء تواجدها الاستعماري في الجزائر، لدرجة أن البعض منهم لجأ إلى المجاهدين للحصول على إمضاءاتهم على شهادات تثبت ما فعله آباؤهم وأجدادهم الحركى من تنكيل ؛ واغتصاب النساء  من أبناء وبنات وطنهم، وهذا كله من أجل على الحصول على الجنسية [الفرنسية]... ووصل الأمر إلى حد شراء الإمضاءات مقابل مبالغ مالية تتراوح مابين10 و15 مليون سنتيم."[4]

 
إن محاولة اختلاق جيل من الحركى والخونة المزيفين -على غرار المجاهدين المزيفين - ليس الهدف من ورائه التنكر للوطن  فقط ، كما تذهب بعض التحليلات ، ولكن الواقع  والمنطق يفرضان الاقتناع بأنه  إذا كان لابد ،ومن المقدر والمحتوم على هذا الشعب  أن يعيش تحت  السيطرة الفرنسية ، فالأفضل أن يكون ذلك تحت سيطرتها المباشرة ؛ وفي ظل عدالتها ،فهي ألطف وأنظف  ألف مرة ، من العيش تحت حكم عملائها من أبناء القياد والباشغاوات الذين خلفتهم على رأس الحكم في الجزائر، حكم أحفادهم ،وعبيدهم.
 ولأن الناس قد خبروا ،أو سمعوا ممن خبر ؛  أن العيش تحت الحكم المباشر للمستعمر (الراشد)  الذي كان يقدر بنسبة العشرين بالمائة و الذي كان يسهم به الفرنسيون  على قلته ، أرحم من بكثير من انفراد  عملائها بحكم الشعب، وفي سبيل ذلك يسلك أبناء شعب المليون شهيد كل السبل ؛  بما فيها  الارتماء بين أحضان  أمواج البحر العاتية ، طمعا في الوصول إلى الضفة الأخرى.
تعتبر هذه العائلات التي عادت من حصونها بفرنسا ،أو خرجت من مساكنها المحمية بالثكنات بالمدن الجزائرية بعد 1962
م  ، لتستلم الحكم المباشر من يد الفرنسيين، محمية بفيالق،  يقودها وتأتمر بأوامر ضباط يعرفون اختصارا DAF ،("déserteurs de l'armée française")  أعدتهم فرنسا مسبقا  ، وهم أعضاء تابعون لجيوشها هوى وانتماء ؛ تحولوا بقدرة قادر إلى ضباط قيادة في الجيش الوطني ؛ بعمليات تمويهية سنة 1962م ، كانت قد صحبتها معارك ضارية بينهم ، وبين شعب ، أعزل ، جريح ،من اليتامى والأرامل ، والعجزة ، ومعطوبي حرب مقدسة شرسة انهزمنا فيها نحن الأنديجان ،
و انتهت بشعار الاستسلام "سبع سنين بركات" وتمكنت خلالها القوى الاستعمارية الوريثة من بسط كامل سيطرتها على مقاليد السلطة ، و منذئذ؛ وهي تعمل على إذلال و تهميش الشعب العدو الذي دفع الغالي والنفيس ، طمعا في استرداد حريته ،وأصبحت هذه القوة الضاربة  المشكلة من ضباط  DAF   ، وأبناء و أحفاد عائلات القياد والباشاغاوات ،وبقايا الحركى الحاقدين،  هي نواة النظام الجزائري المؤطر والموجه سياسيا وإداريا  من طرف فرنسا ،مع قبروإبعاد  بقايا المجاهدين الحقيقيين و القوى الوطنية بطرق أهمها:
أ- مخادعة قسم من بقايا فلول المجاهدين المشتتين، المنهكين المتعبين ،بل تستطيع أن تقول إذا أردنا الحقيقة الموضوعية الخالصة ، المهزومين المستسلمين .
ب-  رشوة البعض الآخر بأمور تافهة، منصب حارس ، ومنحة ....
ب- ,إسكات الباقي بالترهيب ، أو التصفية الجسدية، والنفي ،و السجن التجويع وما شابه . وبذلك حققت هدفها ،فسطت على الحكم بعد أن أكملت سطوها على أراضي الأهالي ، وممتلكاتهم ، وامتصت دماءهم ، وبرهنت لهم على مقدار توحشها ، وقدرتها على الفتك بخصومها.  
     إن عائلات القياد والباشاغاوات ،وعائلات القاضي والباش عادل، وكافة لواحق العدالة الفرنسية ، وعائلات (المرابطين ) المشعوذين وعائلات الزوايا المحللة. كانت، ومازالت، أخطر ثلاثة أوبئة فتاكة أصابت الجزائر ، فقضت على نسيجها الاجتماعي، ودمرت بنيتها الاقتصادية، وشلت وشوهت بنيتها الذهنية والفكرية، وهدمت أسس وأطر المفاهيم الأخلاقية لديها ، وزرعت مفهوم الدولة العدوة، والحكومة الظالمة بالضرورة ، ورسخت هذه القناعة  في ذهن المواطن العادي بممارساتها ، أيام الجزائر الفرنسية القديمة ؛ تحت الحماية المباشرة للمستعمر، ومازالت تقوم بدورها في ترسيخها ، وبنفس الممارسات الآن ، في ظل الجزائر الفرنسية الحديثة ، طبعا مع تزويق وتنميق الشعارات البراقة و الخلابة المخادعة ، ولكن بنفس العائلات، وبنفس القوى والتصور ،ولنفس الأهداف ، ولقاء نفس العطاءات، ودائما من نفس الصندوق والخزينة ، صندوق وخزينة الشعب الجزائري .
 من هذه العائلات عائلة براهيمي التي تواجدت مع بداية الاحتلال الفرنسي؛ بعرش أولاد إبراهيم ؛ بالمنطقة المسماة آنذاك بـ "البطام" التابعة لدائرة سور الغزلان،  ولاية الجزائر ، والتي تحمل الآن اسم العزيزية وتتبع ولاية المدية ، هذه العائلة التي تضاءل دورها  إلى حد ما ، بعد ما عرف بحركة التصحيح الثوري 19جوان 1965م،  عادت متماسكة مع مثيلاتها المنتشرة عبر أصقاع الوطن بقوة  ، بعد استشعارها التهديد الجدي الذي تحددت لديها ملامحه،  بفعل القرارات التي أصدرها الرئيس الجزائري الأندجاني المرحوم هواري بومدين ،والذي أفصح عن نواياه الوطنية بصورة عملية من خلال الشروع في تنفيذ الثورات المعروفة ؛  وفي مقدمتها استرجاع أراضي الشعب الجزائري المنهوبة من هذه العائلات ،مما جعل هذه العائلات تدرك ؛ أن ضياع سلطانها الذي شكلته إبان 130سنة من الخيانة ؛ على وشك الوقوع  على يد هذا المارد الذي خرج من صلب الشعب ، و لا ينتمي لعائلات القياد والباشغاوات فتنادوا ، ولم يغمض لهم جفن إلا بعد أن قبروه ، وقبروا معه جميع مشاريعه ،واستعادوا مفاتيح الحكم كاملة، وقد ساعدهم هو بأفدح خطإ ارتكبه ، حين سلم قيادة الإدارة، و الجيش ، والمخابرات لضباط فرنسا بحجة ندرة الإطارات .
لا أحد بمقدوره أن  يعرف مدى الحقد ، والكراهية  التي تكنها عائلة براهيمي -عائلة الباشاغوات و القياد ، التي كانت تقيم بأولاد إبراهيم بلدية البطام العزيزية وبيرغبالو إبان الحقبة الاستعمارية- للجزائر والجزائريين   أكثر من سكان عرش أولاد إبراهيم ، هذه العائلة كان أفرادها مضرب المثل في الخيانة والعمالة ، وعبر عشرات السنين أذاقوا سكان المنطقة ما لا يمكن وصفه من البؤس ، والعذاب ، والنفي والتشريد ،ومصادرة الممتلكات،منقولة وعقارية، .
يعود منشأ هذه الأسرة إلى المدعو بوجمعة بن محمد بن موسى الذي كان ضابط تموين في طابور الكولونيل سيريزتحت قيادة الجنرال بوجو، والذي قتل في معركة طاحنة بين جيش الجنرال،وهو يحاول احتلال المنطقة ،وجيش الأمير عبد القادر سنة 1840م خلال حروب (1840-1841) في الجهة الجنوبية الشرقية لعرش أولاد إبراهيم ، بلدية السدراية حاليا، وانخراطه كضابط في طابور تموين جيوش بوجو ثابت في عدة تقارير أنجزت من طرف وزارة الداخلية الفرنسية ومخابراتها تلخص أهم المهام  التي أداها هو ؛ وفرع من أحفاده من بعده ، محفوظة في الإرشيف الفرنسي تشيد  بوفاء هذه العائلة  وتفانيها المستمر والمتوارث في خدمة فرنسا وترتب بموجبها حقوقا للعائلة على الدولة الفرنسية وكمثال على هذه التقارير ذاك التقرير المحرر في شهر فيفري 1945؛ والممضي والمصادق عليه من طرف وزارة الداخليةالفرنسية  بباريس عام 1945 في ملف تكريم حفيده براهيمي الأخضر  بن محمد بن بوجمعة  بوسام الاستحقاق الشرفي، كما أثبت المؤرخ الجزائري المرحوم محفوظ قداش، في كتابه " الأمير خالد" هذه الحقيقة  نقلا عن جريد الناصح الاستعمارية أن: " القايد براهيمي الأخضر هو حفيد القايد الذي لقي مصرعه سنة 1840 م وهو يقوم بتموين طابور الجنرال سيريز ضد الأمير عبد القادر "[5]  وترك هذا الخائن وراءه ولدين هما :
أحمد بن بوجمعة ، الذي تبرأ من سلوك والده ، وانحاز لعامة الشعب الجزائري، وعاش حياة عادية كبقية أفراده ،وعلى إثره سار معظم خلفه من بعده إلى اليوم.

والولد الثاني وهو محمد بن بوجمعة ؛ أنذل القياد بعد وفاة والده ،حيث وبعد أن أخضعه المستعمر الفرنسي للاختبار ، وبعد أن تأكد من أنه أكثر ولاء لفرنسا من والده بوجمعة بن محمد،نصبه "قايدا" على عرش الشرفة (الميهوب)و أولاد إبراهيم سنة 1875؛،وأوكلت له مع زمرة من الخونة عملية جمع المعلومات الاستخبارية ، لتحقيق أهداف قانون "الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا " La constitution de 1848 qui proclame l'Algérie " intégrante du territoire français partie" فأظهرتفانيا في الرصد، والتجسس ، والإعلام ، وتزويد الجيش الفرنسي بكل ما يحتاجه ، وساهم بنشاطه في تامين المراقب و مواقع الحراسة وتتبع حركات سكان العرش واتصالاتهم، وحصر ثرواتهم و المساعدة في تقرير الغرامات الواجب عليهم أداؤها للحكم الفرنسي ؛ عملا بشريعة المستعمر،والسعي في تحصيلها وإجبار سكان المنطقة بشتى الحيل ومختلف أساليب الإكراه والغش والتدليس على إخضاعهم ، والتواطؤ مع قضاة المستعمر وموثقيه ، على تجريد الأهالي من أراضيهم ومصادرتها لفائدته، وقد بلغت نشاطاته أوجها بين سنوات 1880،  التي عين فيها ـ إلى جانب دوره الخياني كقايدـ عضوا في المجلس البلدي لبلدية بئر غبالو- التي استقرت بها طائفة كبيرة من المعمرين( 271 معمرا ) بعد مصادرة سهول عين بسام من أصحابها وإبعادهم إلى بلديات : الدشمية، ووادي جنان، والمعمورة ، وريدان،  والحاكمية وغيرها من المناطق الجرداء، واندمج مع المعمرين في ممارساتهم، وكانت النتيجة أن أخضع المنطقة بشكل كامل ،و أمن الطريق الوطني رقم 08 بين تابلاط وسور الغزلان لسلوك الجيش الفرنسي،  ذهابا وإيابا ،وبين مدن الجنوب الشرقي ومنطقة الجزائر و المتيجة وسنة 1904 التي بلغ فيها أوج الطغيان والتجبر وكانت أخطر فترات حكمه التي دامت ثلاثين (30) سنة عجفاء مرمدة .

لم يكن محمد بن بوجمعة رجل فرنسا الوحيد في العائلة ، بل كان ابنه إبراهيم إلى جانبه ، وكان أكثر منه إخلاصا وتفانيا في خدمتها ، وقد حصل على اعتراف فرنسا ورضاها فنال وسام الصليب الأكبر واستحقاق جوقة الشرف ، بتاريخ 16 جانفي سنة 1901م.La Gand'Croi Rouge de la légion d’honneur. [6]  والذي تقام مراسيم تسليمه في قصر جوقة الشرف ( Palais de la Légiond'Honneur‏) الواقع على الضفة اليسرى لنهر السين في باريس. : وعين" قايدا- caïd" لعرش أولاد طاعن بعد ذلك ، ورقي إلى صف ضابط بتاريخ 30 جانفي سنة 1912 "[7].وقد وصفه الأستاذ المحامي بن تومي ، محامي جبهة التحرير الوطني منذ 1948م ، ثم سجين المستعمر الفرنسي، و أول وزير عدل بالجزائر (سبتمبر 1962- 1963) لجريدة "لاتربيون " الصادرة يوم الأحد 3جويلية 2005 قائلا: " العقيد صادق يستطيع أن يقول لكم ؛ أن والد براهيمي الأخضر ، مثلا ، كان قايد ، وجده ، أرذل باشاغا وجد في الجزائر ، لقد كان رمز الخيانة ذاتها "[8] وفي المقابل أطلق المستعمر العنان لرجلي العائلة، فزرعا الفساد، وشكلا عصابات للسطو على ممتلكات الأهالي، وعلى كل من أبدى اعتراضا على فسادهما ومظالمهما، أو عبر عن عدم رضاه على الاستعمار الفرنسي.فأصابت الاغتيالات كل من أظهر تمردا،أو ممانعة مما دفع بأهل المنطقة إلى عدة محاولات للتخلص من كبيرها محمد بن بوجمعة بن أحمد ، وقد نجح يحي بن عبيد (عفرون) ، في القضاء عليه ، وتخليص العرش من شروره يوم 16 جوان 1904 مساء ، وهو عائد إلى مسكنه بـ"حوش الوسط"(مزرعة) ، بعرش أولاد إبراهيم ، في واد سليمان  بدوار البطام ، ويعرف المكان الذي صرع منذئذ إلى الآن بـ "مقطع القايد".

و من سوء حظ سكان المنطقة ، أن أسند المستعمر عضد براهيمي إبراهيم الذي سبق وصفه، بأخيه براهيمي الأخضر بن محمد،  وقد اختلفت تقارير المستعمر المدنية والعسكرية حول سنة ميلاده ،بعضها تذكر أنه ولد سنة 1880م بالبطام (العزيزية) وهو الشائع وأخرى تذكر أنه ولد بنفس المكان لكن خلال سنة 1884م، وبعضها وخاصة تقارير وزارة الحرب تذكر أنه ولد سنة 1882 ببئر غبالو.

مؤهلاته : تذكر تقارير المصالح الاستعمارية أنه كان يعرف القراءة والكتابة بالفرنسية، وأنه في المقابل شديد الأمية بالعربية،ويذكر كبار المنطقة أنه كان شديد الأمية باللغتين، وتصفه جريدة Le libertaire de Sébastien Faur الصادرة يوم 26 أكتوبر 1951 في الصفحة الثالثة  بـ : " الأمي تاجر الدجاج باشاغا بئر غبالو براهيمي الأخضر  l'analphabète marchand de poules de bir--rabalou le bachagha Brahimi Lakhdar ".

ورغم هذه الأمية تذكر نفس التقارير أنه اشتغل خوجة (كاتب) ببلدية البطام ابتداء من سنة 1896 حتى سنة 1904م، وفي هذه  السنة ، وبعد القضاء على الطاغية الخائن والده محمد بن بوجمعة على يد عفرون يحي بن عبيد في واد سليمان، سارعت فرنسا مباشرة إلى تعينه في نفس السنة "قايد-caïd"على دوار البطام  خلفا للمقبور والده وهو لم يكمل الرابعة والعشرين من عمره، وعضوَ أنديجان بالمجلس البلدي لبلدية بئر غبالو وذلك بتاريخ 13جويلية 1904؛ ثم مستشارا لدى نفس المجلس بتاريخ 17جويلية 1904.

 وحسب تقرير تحريات السلطات الفرنسية  في إطار إعداد ملفات وقوائم استحقاق وتوزيع الرتب والأوسمة والنياشين على  الخونة والعملاء المحرر في نهاية 1910 كان في هذه العام قد قضى 14 سنة أقدمية في خدمة المستعمر في الميادين المدنية والعسكرية، بوصفة " أنديجان (عديم الكرامة) جزائري، وشيء فرنسي "  "Indigéne algérien sujet  français"، وبناء على هذا التقرير قلد وسام فارس الاستحقاق الشرفي Chevalier  de la légion d'honneur، فكان شر خلف لشر سلف ، يملأ الحقد قلبه ،وتعمي وضاعة الأصل بصيرته ، ويوجه طبع الخيانة الموروث فيه ،تفكيره وسلوكه. و بعدها بمدة رقت أخاه براهيمي إبراهيم بن محمد إلى رتبة صف ضابط بموجب مرسوم بتاريخ 30 جانفي 1912 اعترافا بخدماته التي قدمها للسلطة الاستعمارية. وعينت ابنه " براهيمي الطاهر بن براهيم عضوا ومديرا  لشركة التوفير والاحتياط من ( 1904-1908) ثم عينته  حارسا بلديا (1908-1910م)، ثم رئيس الجماعة  (1910-1912) ثم قايد (1912-1920م)." ثم رقي  إلى رتبة حاكم " Grade de  commandeur " وقد عاث هذا بدوره فسادا لا يقل عن فساد عمه.

 و خلال فترة (1904-1919) تحددت ملامح شخصيته لدى المستعمر حددها في عدة تقارير فهو 

ـ "مراسل ، جامع و(مخبر) مبلغ للمعلومات الدقيقة بمضامينها ، وأشخاصها،  وأوقاتها ومساراتها، ومراقب، ومتلقي، ومنفذ جيد للآوامر، والتعليمات، وفي، ومخلص ومطيع لفرنسا.

ـ منفذ جيد وصارم لقوانين الضرائب، والغرامات على الأهالي،وتحصيلها وجمعها."

 

وخلالها تم تفكيك عرش أولاد إبراهيم تفكيكا كاملا ، بتجريد معظم الأهالي من أراضيهم ، وتصفية خيرة الشباب فيه ،بالترويض والاستعباد، أو بالنفي والإبعاد ، وسلط على السكان قمعا لم تر، فرق عرش أولاد إبراهيم ، وأولاد امحمد ، وبني عمران ، وبني جعد- وخاصة الجهة الغربية الجنوبية منهم ( الشرفة القبلية ) المسماة آنذاك، بالحارك ، الميهوب حاليا - مثله من قبل ، وتدعمت بذلك سيطرة العائلة الخائنة على كل الموارد و المقدرات ، وتحققت لها أسباب القوة مما مكنها من الثأر ، وتغير حالها ؛ فأثرت  بعد فقر؛  إذ نجد المستعمر يصفها في أرشيفه :كشف القوانين الفرنسية Bulletin des lois de la république française وهو يقدم أبشع قايد و باشاغا عرفته الجزائر على امتداد تاريخها ، رغم كثرة القياد والباشاغوات الأنجاس فيها ، بقوله : " براهيمي الأخضر بن محمد نائب الأهالي" adjoint indigène " لدوار البطام بلدية بئر غبالو ، بصفة استثنائية ، من عائلة غنية ، مؤثرة ووفية جدا لفرنسا ، وقد خلف والده ، وجده ، على رأس دوار البطام ، ووفر الأمن في المنطقة منذ بدأ الاضطرابات وحقق نتائج جيدة ..."[9].  وهذا بعد أن كانت قبل سنوات كما وصفت في وثيقة أخرى "عائلة براهيمي [عائلة] حديثة النعمة لها 10 قياد ، موزعين على بلديات : البطام ، بيرغبالو ،عين بوسيف، وسور الغزلان"[10]  والثمن رقاب الأبرياء .

ومن خلال هذه الحقائق الموثقة، والشهادات الصريحة  ، نجد أن هذه العائلة التي جاءت إلى العرش، مع طابور الكولونيل سيريز تحت قيادة الجنرال بوجوغازية ، حازت على رضا فرنسا المستعمرة ، ففرضتها على العرش، وتغير حالها ، ومستها النعمة بعد فقر : حديثة في بداية الأمر ، ثم ترسخ فيها الثراء ، بفضل نهب ممتلكات الأهالي العقارية والمنقولة ؛ و كي تعرب هذه العائلة عن اعترافها بالجميل للمستعمر الفرنسي ، ولي النعمة الجديدة ، وواهب السلطان ، وعن حبها لقواته المسلحة، والتودد لرجاله ، درج براهيمي الأخضر على إقامة الولائم الفاخرة للفرنسيين كما ورد في كتاب : "الأوجه الخمس للقديس سانت اكزوبيري" الصادر سنة 1951 في الصفحة 38: " باشاغا بيرغبالو براهيمي الأخضر وافق على استقبالنا فوق أراضيه ، وكان هذا أجمل حفل ؛ حيث كانت أربع مشويات - (قد تكون خراف وقد تكون خنازير)- تثبت عظمة وكرم مضيفنا، وحوالي الفجر ، كانت طرق العودة إلى الجزائر تسمع الأغاني الفاسقة - (لانصراف المدعوين مخمورين) –التي تذيعها حافلتنا ، وصدفة وجدت قائمة مدعوي الفرقة 33/2 الذين حضروا ضيفة باشاغا وأثبتها هنا :الرائد ألياس ، النقباء :سانت أكزوبيري ،كريسيل ،بينيكو، دوهازي ،كونيقليو مولينير، غازينيف أن دريفا ، والملازم :دوبوتناك ..... ويواصل سرد قائمة المدعوين."[11]


ولتغطية هذه الولائم الباذخة التي كانت تحقق رضا رجال المستعمر من جهة ، وتسمح لباشاغا الأخضر وأفراد أسرته من توسيع علاقاتهم مع طبقات المجتمع الفرنسي ؛ جريا وراء مصالح خسيسة من جهة أخرى ، كان لابد للأسرة من بناء ثروة لا تنضب ، تمكنها من دفع الرشاوى للقضاة ، والموثقين ، والخبراء ، بغية تحرير السندات المزورة لمصادرة أراضي ألأهالي ؛ في حال انصياعهم لرغباتها ، أو تمكنها عن طريق علاقاتها بأصحاب القرار بتعريضهم للعقاب إذا رفضوا ،بل وكانت عقود نقل العقارات تحرر في بيت القايد بحوش الوسط ؛  بدوار أولاد إبراهيم ، حيث يجبر الناس على الإمضاء في سجلات التوثيق على بياض ،ثم يصرفوا ويبقى القايد والقاضي والمدعوون للوليمة يعبثون كما يحلو لهم.
وجاءت الحرب العالمية الأولى (1914م -1918م) فرصة ذهبية للعائلة ،إذ مكنتها من الظروف ؛ والأدوات وأمدتها بالذرائع التي سمحت لها بالثأر من العرش ، فاتهمت خيرة الشباب والأسر بالتعاون مع الألمان ، وتحريض الناس على الثورة ضد فرنسا وخلال سنتي 1915م ،1916 م ، كانت قد نفت من كل أسرة شابا على الأقل إلى غويانا ، أو كالدونيا ، أو إحدى المحتشدات الداخلية (تعظميت) ،أو أبعدتهم إلى ضواحي العاصمة ، السمار ، سيدي موسى ،.... الخ .حيث مات الكثيرون في منافيهم ،وعاد بعضهم ،واستقر البعض الآخر هناك ،بينما استولت عائلة القياد على أراضيهم . وما إن حلت سنة 1919 م حتي "تربع براهيمي  الأخضر وحده على عن مساحة تزيد عن 5000هكتارا"
[12]،  رغم "أميته وجهله
illettré »  « [13]  واستغل فلاحتها: حرثا ، وحصادا ، ورعيا، بتسخير الجوعى من الأيتام والأرامل والفقراء المذعورين من بطشه. وما إن انتهى النصف الأول من القرن الماضي حتى تضاعفت مساحة أملاك العائلة بثلاث مرات موزعة بين السواقي ،والعزيزية ، والميهوب بولاية المدية ، وبيرغبالو ، وسور الغزلان وعين بسام بولاية البويرة وبقدر ضخامة هذه المساحة فأن ضحايا هذه العائلة من البشر أكثر بكثير.
 ويعتبر باشاغا براهيمي الأخضر، الباشاغا الأمي ، وعائلته ؛ من الشخصيات الأثيرة لدى فرنسا لأسرار مازال أرشيف المستعمر يمنع معرفتها ، ويكفي أن نعرف أن "النشيد الوطني الفرنسي La Marseillaiseتم اعتماده باقتراح من هذا الشخص النذل وإرضاء لرغبته  ".[14]  فقد  كان الاستعمار لا يرد له طلبا ، ويبذل الجهد في حراسته، ويوفر له الحماية، ويرخص له بارتكاب كل الممنوعات مادام ضحاياه من الجزائريين،   فمكنه من إحاطة نفسه بمليشيات مسلحة وعصابات من المجرمين ؛ وقطاع الطرق والمرتزقة ، استعملهم في إرهاب سكان المنطقة، وتعذيبهم  لتجريدهم من ممتلكاتهم:  أراضيهم إذ صادر ما يزيد عن 5000 هكتارا من أرضي المواطنين، كما أطلقت يده وأيدي إخوته وأبنائه وأبناء إخوته إبراهيم ، والميلود في نهب أموال كل مناوئ لهم رافض لأعمالهم العفنة ، ولم تسلم حتى مواشيهم، وبهائمهم على قلتها. بل كان يسلطهم حتى على القياد والقضاة الذين يرغب في تأديبهم أو عقابهم ، كما استعمل هذه العصابات ، تحت نظر المستعمر وبمباركته في ارتكاب جرائم ردعية ضد رجال القضاء مثلما فعل مع قاضي محمكمة عين بسام المعروف بالقاضي حمود ومأساته التي كانت عبرة لكل قاض يرفض أو يأبى الإنصياع لنزواته وطلباته، وهي معروفة، مشهورة بين أبناء الجهة ، وقد كان الهدف العام المشترك بينه وبين المستعمر هو نشرالرعب في نفوس الناخبين، وحتى المنافسين، بحيث أصبحت تلميحاته في المجالس والمقاهي أوامر واجبة التنفيذ خاصة أيام الحملات الانتخابية في مواسم الانتخابات الصورية التي كان الاستعمار ينظمها ، فعلى سبيل المثال في واحدة من الانتخابات التي كان فيها هذا العميل ضمن مرشحي قائمة الإدارة الفرنسية "في عين بسام ، كانت كل الطرق المؤدية إلى مكتب الانتخاب مسدودة بميليشيات براهيمي الأخضر المسلحة"[15].

و"في نفس  المدينة في مكتب "البطام" قام هو شخصيا ،  وعلى مرأى من العامة الحاضرين ؛ بجلد  مندوبي  قائمة الانتصار للحريات الديمقراطية ،وحين احتج المترشح ، ح .حفيظ ، أجاب  باشاغا –براهيمي-الأخضر:  أنه فعل ذلك تنفيذا لأوامر تلقاها من الحاكم والوالي ليتصرف كذلك ؛ ويمنع مندوبي حزب الانتصار للحريات الديمقراطية من الدخول إلى مكتب الاقتراع"[16].
و في واقعة أخرى اشتهرت بمجزرة الدشمية ، مقر عرش أولاد فارهة ، التي دبرها وأشرف عليها هو وابن عمه باشاغا أحمد يصفها جون شارلزجوفري فيقول:  "في عرش الدشمية ،  وبدون أي مبرر معقول ، ودون تحذير مسبق ،  أطلقت الشرطة المتنقلة النار على الجماهير ،وأصابت في الطريق أثني عشر ضحية –ويكمل ساخرا-  إنه عمل جيد ، فقد فرض النظام ، واستتب الأمن ، ويستطيع الناخبون أن ينتخبوا بكل حرية لمكاتبهم ،باشاغا براهيمي الأخضر الذي استنزفهم ، واغتنى فأثرى على ظهورهم ،ومن السخرية بهم أن يريد ويرغب في تمثيلهم  بالمجلس،  بتواطإ الوالي،  وبفضل الجريمة  حقق غاياته . ولكن دماء شهدائنا ستطارده  حتى داخل مخادع ساداته ،ستطارده حيثما ؛ وأينما جلس ،  إلى أن تقوده عدالة الرجال المدعومة والمؤيدة بالعدالة الإلهية إلى قفص القتلة ،  ومجرمي الحق العام ؛ سيأتي اليوم الذي سيطرد  فيه هو وأمثاله من  عملاء و صنائع "أررنست"-الوالي-  من كل الساحات السياسية ، على أيدي هؤلاء الفلاحين أنفسهم ، الذين يقوم الآن بفعل المستحيل في سبيل الحيلولة دون تحررهم."[17]
 ثم  يصفه وهو ينصب في المجلس الجزائري بعد انتهاء الانتخابات الصورية " باشاغا براهيمي الأخضر ، رجل الاحتلال يحتل مكتبه في المجلس الجزائري فوق اثني عشر جثة من  مواطنينا"[18].
وفي ظل هذه الرعاية ، ومع نهاية النصف الأول من القرن الماضي،  كان للعائلة 17(سبع عشر)عميلا؛  بين: قايد؛  وباشاغا؛ ودع عنك الخواجات ،والشنابيط ،..  و أشهرهم. على الإطلاق الابن المدلل لفرنسا ، باشاغا الأخضر  الذي شكل مع من سبقه ، أو سار على نهجه من أبناء العائلة ، نموذجا وأيقونة في الخيانة ، وصار قدوة العائلة ونموذجها وهاديها في السياسة ، والبرجماتية ، واغتنام الفرص، والسعي المحموم إلى  الكسب -وبكل الطرق والحيل- ولو على حساب الوطن  ، والدين ، والقانون ، والتاريخ ،  وجثث الآخرين ،  فكان ومازال كذلك ، مرجعا للعائلة في كل شيء ، تسمي  أبناءها باسمه وأسماء من شاركه عمالته لفرنسا،  وتتحلى بخصالهم ، وتضرب المثل بسيرتهم،  ولم يحدث أن تبرأ فرد منها  من خيانتهم  وعمالتهم  ، بل أن للعائلة حكمة تخصها ،  تحفظها بلغة موليير ، ويرويها سلفهم  لخلفهم ، إنجيلا وقرآنا ،سمعتها  شخصيا من أحد أفراد العائلة نفسها  هي"  Il ne faut jamais juger ses ancêtres"  لاعتقادهم أن هذا السلف الذي نهب لهم  أملاك شعب كامل ، ووضعها بين أيديهم  ؛ يجب أن يكون   فوق النقد والتجريح ، والغريب أن  الحكمة نفسها تتبعها الجهات المسؤولة في نظام الحكم  ذاته في تعاملها مع أفراد هذه العائلة وأمثالها .
كان لموت باشاغا براهيمي الأخضر-الابن الأمي  البار المدلل-  يوم الخميس إلى الجمعة 03/09/1954م ، أثر الصدمة على المستعمر وقد نعته وسائل الإعلام الفرنسية ،وذكرت بوفائه وتفانيه في خدمة فرنسا ، ويكفي الاطلاع على جريدة
 La dépêche Quotidienne الصادرة يوم السبت 4/09/1954 م  لمعرفة منزلته عند العدو ، من خلال الشخصيات الرسمية والمعمرين الذين سارعوا لبكائه ، وتقديم تعازيهم ، وتعازي الجمهورية الفرنسية لابنه باشاغا على بن الأخضر ، وأخيه القايد محمد ، وسائر أفراد عائلته ، ومن الشخصيات المعزية التي ذكرتها الجريدة :رئيس دائرة سور الغزلان ديروبي ممثلا لوالي الجزائر، وأصالة عن نفسه ، والسيدين كلود سلاكرو، ومناد بن تونس عضوي المجلس الجزائري ممثلين للمجلس ، وروجي مارسلان المستشار العام ، وكل رؤساء بلديات ومعمري المنطقة : الهاشمية ، وعين بسام ، والخبوزية ، وبير غبالو".[19]


   أما الأنديجان – العامة- وفي مقدمتهم خدم العائلة ، وحشمها فلم يصدقوا خبر الوفاة ، ولم يقر بذهن أي واحد منهم ،أن باشاغا الأخضر يمكن أن يموت ، وخوفا من انتقام الشعب من جثته بعد دفنه ، دفن في سرية، ولا أحد يعرف مكان قبره إلى الآن؛  باستثناء أفراد عائلته طبعا.
وأما ابنه باشاغا براهيمي علي بن الأخضر
،
 فقد واصل مهامه كعضو في المجلس الفرنسي ،  وبعد التحذير الأخير الذي وجهته الثورة للمتعاونين مع الاستعمار نهاية سنة 1956م ؛ جمع 11شخصا من عبيده ؛ و خدمه ورعاته؛  في حوش مزرعته بالميهوب, بحضور كوكبة حامية من الجيش الفرنسي ، صحبة ابن عمه باشاغا أحمد الذي كان من الآمرين بمجزرة الدشمية؛  في انتخابات 1948م ، وبعد أن تنازل براهيمي للجيش الفرنسي عن حوش المزرعة المذكورة؛  ليكون مركزا متقدما لمواجهة الثورة بناحية الزبربر ، أوصى خدمه بالعودة إلي باشاغا أحمد في كل ما يتعلق بتسيير ورعاية شؤون المزرعة،وغادر بعدها إلى فرنسا واستقر هناك حتى الاستقلال.

أما باشاغا براهيمي أحمد بن إبراهيم  الحامل لوسام الاستحقاق الشرفي
  le grand Grand'croix rouge de  légion d’honneur  
La  فقد  كان " قايد وضابطا  Officierمنذ 13 جويلية 1915م"[20] ؛ وترقى في المراتب  حتى اغتيل داخل سيارته، التي كان يسوقها بعد أن صرف سائقه،  في طريقه إلى مدينة سور الغزلان ، رفقة القايد محمودي بوطيبة ، بالمكان المسمى الفحام  ،قيل على يد مجموعة من الثوار (فلاقة) ، وقيل على يد مجموعة من المعمرين الغاضبين - وقيل جنود فرنسيين يمتطون سيارتي جيب-، لأنهم  كانوا يتهمونه بالتعامل مع الجهتين : المستعمر والثورة في نفس الوقت ، " وقد وقع الحادث  في الأوائل من شهر رمضان ،  (مارس)  سنة 1957 م. وكان مع مرافقه يحملان وسام الاستحقاق الشرفي"[21] ، وهذا بعد أن "قضى 32 سنة كاملة في خدمة فرنسا ، فقد
كان لحظة اغتياله  يشغل - بالإضافة إلى صفة باشاغا - منصب  قايد  على دواري : أولاد فارهة ، وأولاد بوعريف "[22]، ولم يكن اغتياله  سنة 1956 كما  ذكر ذلك زيراري رابح المكنى  الرائد سي عز الدين في كتابه..... والذي يبدو من خلال شهاداته المتعلقة بعائلة براهيمي أنه يفتي بما لا يعرف ، أو يريد استدرار رضى أبناء القياد والباشاغاوات في السلطة .
ويمكن حصر قائمة القياد والباشاغوات الذين قدمتهم عائلة إبراهيمي خدما للاستعمار الفرنسي- مع إهمال الخواجات والحرس (الشنابط) (جمع خوجة)، ، وجمع (شانبيط) منهم ، رغم ما كان تمثله هذه المناصب أيام الاستعمار للقائم بها، وللإدارة الفرنسية ، وللشعب – كما يلي:

  
 -1  بوجمعة بن محمد بن موسى الموسي   قتل سنة 1840م. برتبة ضابط التموين لطابور الجنرال سيراز
-2  براهيمي محمد بن بوجمعة قايد ، قتل في16  جوان  سنة 1904م على يد يحي بن عبيد في واد سليمان يدعى الآن مقطع القايد.
- 3 براهيمي إبراهيم بن محمد ،قايد وحامل لوسام La grand'croix rouge de la légion d’honneur   1901م .
 4- باشاغا براهيمي الطاهر بن إبراهيم (1882-1951م). تم تجنيده في طابور خدم فرنسا ابتداء من عام 1912 وتم تعينه قايدا على دوارالبطام، ودوار الشرفة، وفي 22ماي 1930 تم تحويله ليصبح قايدا على عرش عريب،ثم أصبح الحاكم المطلق على ناحية السواقي وبوسكن وبعدها عُين أبنه محمد (محاد الطاهر) على رأس نفس المنطقة وكانت فرنسا عندئذ قد تيقنت من عمالة الأب الطاهر بن إبراهيم المطلقة من خلال ما أظهره  من شراسة في قمع الدواوير وإخضاعها بفظاظته الزائدة" فكافأته  بترقيته  إلى  باشاغا بعدة أوسمة منها وسام رتبة حاكم " Grade de  commandeur

5- براهيمي الأخضر بن محمد ،قايد، وباشاغا (1880م- 1954/09/03)- عدة أوسمة منها :

[23] La grand'croix rouge de la légion d’honneur  نائب بالمجلس الفرنسي ، ثم نائب دائم بالبرلمان الفرنسي لعب دورا في السياسة الاستعمارية الفرنسية بالجزائر وخاصة في فترة ما بين الحربين.

6- براهيمي الميلو بن محمد بن بوجمعة.

الذي كان قايد على دوار سيدي زويكية أو زويقية، وتم تحويله بنفس الوظيفة والرتبة وبناء على رغبته وطلبه  إلى دوار البطام بموجب قرار مؤرخ في 22 ديسمبر 1930م،وبتاريخ 22 جويلية 1945 رقي إلى رتبة فارس نظير خدماته للمستعمر،  وبموجب قرار ترقية صادر في 30 مارس 1951 رقي القايد براهيمي الميلود قايد دوار البطام التابع لبلدية بير غبالو إلى رتبة آغا شرفي، طبعا نظير وفائه وإخلاصه للمستعمر الفرنسي، وبقي على ذلك إلى أن نفذت فيه الثورة حكمها بالإعدام بعد انطلاقها في نوفمبر 1954.

    7- براهيمي علي بن الأخضر (1911/01/10- 1976/05/10 م) ، باشاغا ، ونائب بالمجلس الفرنسي. المعروف بـ (باشاغا علي ).
8-  براهيمي أحمد بن إبراهيم (ت 1957) ،درس بزاوية الشيخ الحمامي بوادي يسر رفقة شقيقه الخوجة صالح ،  عين ، قايدا على أولاد فارهة و أولاد بوعريف، ثم باشاغا. المعروف بـ (باشاغا أحمد) .
9- براهيمي محمد بن الأخضر قايد. (القايد محاد بن باشاغا) المعروف بـ (محاد بن باشاغا ) .
10- براهيمي محمد بن الطاهر (محاد الطاهر) في  22 ماي 1930 تم تحويل القايد براهيمي الطاهر بن إبراهيم  من دوار البطام إلى دوارعريب بناء على طلبه، وبنفس التاريخ عين االمستعمر ابنه براهيمي محمد بن الطاهر خلفا له على دوار البطام. ثم أصبح فيما بعد  قايدا على منطقة السواقي.
11- براهيمي الميلود بن محمد (ت 1957 علي يد الثوار) ، قايد . المعروف بـ (القايد الميلود ).
12- براهيمي قدور بن إبراهيم (1907/04/23– 2003/08/16 م). قايد .المعروف بـ (القايد قدور ).
11bisـ وأخوه الأكبر غير الشقيق براهيمي بوجمعة المدعو صالح، والذي كان مكلفا بإعداد وتجهيز فرق القومية وتأطيرهم وقيادتهم في قمع الشعب وفرض النظام الذي يأمر به الحاكم في سور الغزلان ، مات عام 1945  بداء السل الذي كان قد عاد به من المغرب بعد عودته وفرقته من القومية التي شاركت في إخماد حرب الريف المغربي  1926م

13- براهيمي محمد بن الميلود.(1923/01/15- 2008/11/16م). قايد. المعروف بـ(القايد محاد الميلود ).
14- براهيمي سعيد بن إبراهيم قايد لفترة قصيرة ، عزله ابن عمه باشاغا لخضر بسبب طيبته، والمعروف بـ (القايد سعيد).


مع انطلاق ثورة أول نوفمبر 1954 م ، وجه المجاهدون تحذيرا لكل القياد والباشاغاوات ،  والمتعاونين مع المستعمر بالتخلي عن خيانتهم (وظائفهم) ؛ في آجال محددة وإلا تعرضوا للعقاب ، ولم يستجب قياد عائلة براهيمي لهذه الدعوة ،مما حتم على الثورة تنفيذ حكم الإعدام في القايد براهيمي الميلود ، والنائب بالمجلس البلدي ببئر غبالو ، براهيمي مسعود بن الطاهر ، واحتمى بقية أفراد العائلة بتحويل مزارعهم إلى ثكنات للجيش الفرنسي مثل: الميهوب ،غشيوة (بوزاوش)، ،حوش النجمة ، أو بالهجرة إلى فرنسا. أو بدفع بعض الذي غنموه من الشعب الفقير إلى الثورة وشراء رضا بعض رجالها مقابل حصولهم على الحماية.
بعد 1979م ،  استعادت هذه العائلات مجدها ، واستأنفت نشاطها بفضل رجال فرنسا في الإدارة ، ثم بقيادة ابن قايد فرندا، ومازال خَلَفُها الوفي لسنن أسلافهم مستمرين في مصادرة ما بقى من أراضي  أبناء العرش " الأنديجان" ،وخاصة بعد انتهاء العمل بقانون الثورة الزراعية ،  وهذا برعاية السلطة وتحت حمايتها ،وحين يصرح موسى تواتي حسبما أوردت جريدة الشروق الصادرة يوم 15/07/2011  أنه عاش حادثة تتمثل في:" أنه حين راجع أحد الولاة في شان المظالم التي تصيب المواطنين نتيجة لقرارات الاسترجاع ومحاضر التنصيب المزورة التي كانت تحررها المصالح الفلاحية على مستوى الولايات لفائدة أسر القياد والباشاغاوات ، أجابه الوالي بقوله: " إن الذي عينني هو من قرر ، وسوف لن يفلح ضغطك ، فلا داعي لتضييع وقتك "
[24].
و نحن لا نشك في أن هذه الحادثة كانت ساحتها ولاية المدية ، وهي تعكس سلوك العبد في المزرعة؛  مع سيده القايد أو الباشاغا صاحب المزرعة ، وصاحب الفضل ،لأن أفراد هذه العائلة ،وأمثالها تعرف الحكمة الفرنسية التي اعتمدها الجنرال ديغول ؛ حين قرر أن يختار حكام الجزائر الفرنسية الجديدة ؛ فاشترط أن يكونوا ستين نفرا من أبناء القياد والباشاغوات. عملا بنصها المشهور "الابن نسخة من أبيه ""
Tel père tel fils " ؛ ونفس الحكمة يعتمدها ورثة فرنسا الأم؛  أبناء القياد والباشاغاوات الحاكمون للجزائر الفرنسية ؛ في تعيين مواليهم ؛ في جميع المؤسسات الحساسة :ولاة ، وقضاة ؛وموظفي نظامهم ، اقتداء بكبيرهم الذي علمهم السحر ، ،فلا يختارون إلا من تربى في ساحة المزرعة ،واصطبلاتها، وتشرب نسغ العبودية والطاعة العمياء ،والولاء للقايد أكثر من الولاء لله أو الوطن ، وأن يكون ممن تبرعوا عليه بمنحة للدراسة في الخارج ؛ أو احتلال منصب لا يستحقه ، على شرط أن يمضي صك الولاء لهم بدمه ، ونظير ما ذكره موسى التواتي؛  هو أن أحد القضاة ؛ والذي كان في مجلس قضاء المدية ؛ وقضى فيه نصف حياته المهنية ، قال لنائب في المجلس الشعبي الوطني آنذاك ؛ حين راجعه راجيا منه ضرورة النظر في المظالم التي تقع بالعزيزية ؛ والميهوب ؛ نظرة موضوعية : أنه قد عرف كل شيء سماعا من القايد براهيمي محمد، الذي تربى في حضنه ؛ بعين بسام ،وأن من الأحسن للنائب أن لا يتعب نفسه .
الأسوأ من ذلك والأدهى،  أن هناك قرارات نهائية بالبراءة أصدرها قضاة شرفاء؛ يمنع أو يمتنع قضاة  العائلة عن النظر إليها أو فيها ،فتغدو لاغية ، وأخرى ملغاة
بقرارات نهائية بعد إعادتها من المحكمة العليا ،  تعتمد ويحتج بها،  إرضاء للعائلة المدللة،  وتؤسس عليها قرارات مصادرة لأملاك الأنديجان ، كما يقطع الناس عن أنسابهم  بتجاهل الأدلة المادية الموضوعة بين أيدي القضاة الموالين للعائلة صاحبة الفضل،  فتطمس الحقيقة وتهدر الحقوق ، وقائمة التجاوزات طويلة ـ والسلطة بمختلف أجهزتها ترى وتسمع راضية معجبة، والحجة دائما هي أن  : القاضي حر في تكوين قناعاته،وقناعاته فوق كل القوانين طبعا ، و هي الفاصل في الظاهر ، وفي الجوهر فإن الفاصل هو ولاء القاضي لعائلة القايد،  والباشاغا الذي عينه ،وبإمكانه أن يفعل به ما يشاء متى شاء  ، تلك هي  الحقيقة المرة التي تشكل العامل الحاسم الذي يحكم قناعة القاضي والتي يحظر الحديث عنها في السر والعلانية ، مما أنتج مآسي لا تسعها لا مساحة الأراضي المصادرة لصالح عائلة براهيمي قبل1962 ؛ في عهد الجزائر الفرنسية القديمة ؛ ولا تلك المصادرة في عهد الجزائر الفرنسية الجديدة ؛ وهذا لسبب بسيط ؛ هو أن عائلات القياد والباشاغاوات هي التي تعين وتعزل ، وتجازي وتعاقب .
هذا الظاهر الذي عشناه وخبرناه؛  نحن الشعب البسيط الأعزل،  المنسي الذي نعتاش على الخطب الموسمية؛  فوق قطعنا الأرضية المروية بدماء أبائنا وجثثهم ، فما الذي يحدث وراء أبواب القصور المغلقة والمحروسة ، والمطاعم العالمية الفاخرة ،والفنادق ذات الشهرة العالمية؟.

لقد ارتكبت فرنسا خطأ ؛ حين سمحت للرئيس هواري بومدين بالقيام بانقلابه  ويبدو أن ذلك كان في غفلة منها ، ولكنها بدهائها المعتاد  تداركت الأمر؛ ورتبت أمورها في هدوء ، وساعدتها الظروف وفي مقدمتها فقر الجزائر العام والشامل الذي سببته عائلات القياد والباشغاوات والمعمرين ،فتمكنت من القضاء عليه ، وأعادت القياد لسابق عهدهم ، ونصبت قيادات يعرف حقيقتها الجميع، وأجبرتها على التكفير عن ذنبها نحوهم ،وكاعتذار منها لهم ، عن الخطإ الذي ارتكبه فخامة الرئيس المرحوم هواري بومدين ، وكتعويض لهم عما أصابهم من ضرر ، واستدرارا لرضاهم ،وبتوجيهات من مقرات صنع القرارات الحاسمة التي تجمعت خيوطها بين أصابع ابن قايد فرندا ،وعضو المخابرات السرية الفرنسية(سابقا) ،- الحاكم العام الفرنسي الجديد في الجزائر راعي مصالح العائلات العميلة في المستعمرة - ، مستشار لدى رئاسة الجمهورية ، ثم، الأمين العامة لرئاسة الجمهورية الجزائرية 1985م ، و مدير مكتب رئيس الجمهورية ، ثم وزير الداخلية ،وتحت نظر الرئاسة، وبرعاية الوالي ،وبتواطؤ إدارة المصالح الفلاحية بولاية المدية، وأفراد في جهاز العدالة على مستوى محكمة تابلاط ومجلس قضاء المدية ، عينوا خصيصا لرعاية مصالح عائلة براهيمي بسعي من أبنائها المؤثرين ، ولحمايتهم من الرعاع من أبناء الأنديجان والفلاقة من جهة ، ولتمكينهم من استكمال مصادرة ما لم يصادروه قبل 1962 من جهة ثانية، فتم الزج بالكثير من أبناء العرش في سجن تابلاط والمدية ،وتم إجبار عائلات كاملة على التخلي عن أراضيها لفائدة هذه العائلة بالإكراه ، وبصفة خاصة خلال سنوات 1992-1995م ، ومازال الغش، والتدليس ، والتواطؤ ، و سهر السلطات على حمايتهم وانحيازها إلى جانبهم، ومعاملتهم بوصفهم خلف لعائلة مدللة استقر في عرف الجزائر الفرنسية بعهديها القديم والجديد أن مكانتها تعلو كل القوانين والأعراف والأخلاق- مستمرا كما كان عليه الحال أيام الاستعمار الفرنسي المباشر تماما ، بل أكثر.

إن ما تسميه الصحف والمجلات ووسائل الإعلام  التي تسند نظام الجزائر الفرنسية الجديدة ، وتدور في الفلك الذي رسمه لها بالملمتر بـ "الطابور الخامس ،أو الجناح المتفرنس بالجزائر ، أو اليد الخفية "
[25] التي توجه دفة السلطة وهي كلها في جوهرها تسميات تهدف إلى التعمية لا غير ، لأن هذا الطابور في حقيقة الأمر؛  هو الشعب الذي خان قضيته ،وضحى بشهدائه ونسيهم ، وبقية الطوابير الحاكمة بصفة عملية وفعلية وواقعية،  هي دولة الجزائر الفرنسية الجديدة
La nouvelle Algérie française ، دولة عائلات القياد والباشاغاوات التي تأسست بعد فشل الثورة التحريرية بصفة نهائية ؛  يوم 5جويلية 1962م بكامل أجهزتها ، وسلمت قيادها إلى عائلات الخيانة ، بغض النظر عن الواجهات أو الأقنعة التي تواجه بها الشعب، فنحن الشعب المهزوم ، المنكوب في أراضيه ، وأعراضه ،وثورته ، الخانع الخاضع خضوع الزوجة لسطوة المستمتع الشرس ، نحن الطابور الخامس وماعدا ذلك وهم.
والغريب،  أن أفرادا من هذه العائلة ؛  ينشطون في حماية حقوق الإنسان؛  والدفاع عنها، ويسعون في نشر السلم  والتصدي للظلم في العالم ،بينما يمارسون أبشع ما حرمته الأديان والأعراف في مساقط رؤوسهم.
وليعلم هؤلاء؛  أن الشعب الجزائري الذي يعادونه ؛ له هو أيضا حقوق، وهو يعاني أمر أنواع القهر على ضفتي البحر المتوسط الشمالية والجنوبية من أهل الأرض التي دفع من أجلها كل غال ونفيس:
فأما الحركى وأبناؤ هم ؛ ومن تبعهم من الجوعى والمقهورين ، جزء هذا الشعب ، الذين جوعهم القياد والباشاغوات ، وأرهقوهم بالسخرة في مزارعهم ، وعبثوا بأعراضهم ،وزينوا لهم فرنسا الأم الحنون ؛ مقدمين لهم من أنفسهم براهين على نجاح وفوز من تبعها ، ودفعوهم إلى الانخراط في صفوف جيوشها ،فدفعوا من أجلها دماءهم في مقاتلة أهلهم و أعز الناس إليهم ، وحين انسحبت الأم إلى الضفة الشمالية انسحبوا معها كخدم مستهلك ، أو خدم مغرر بهم ، فتنكرت لهم ،و حالهم وحال أبنائهم في أحياء المدن الفرنسية معلوم ؛ ولا حاجة للإطالة في الحديث عنه.
وأما نحن "الفلاقة" المهزومين؛  في الجزء الجنوبي ؛ الذين أوكلت فرنسا الأم أمر حكمنا فيه لأبنائها الشرعيين ؛ المعترف بهم من قبلها ؛ بصفة رسمية علنية ودولية ، بموجب قرارات منح الصليب الأكبر الأحمر لوسام الاستحقاق الشرفي من مختلف الرتب،
la Grand'croix rouge de la mérite d’honneur فحالنا أسوآ من حال الحركى هناك ،أو في أحسن الحالات لا يختلف عنهم كثيرا لأننا كنا أوفياء لهذه الأرض أيضا ،كما كان أولئك أوفياء لفرنسا الأم ، ورغم اختلافنا في كل شيء فإن الجامع بيننا أننا جميعا أبناء الأنديجان الخاسرين الذين أفقرهم وجهلهم مجمع القياد والباشاغاوات تحت المظلة الحامية للأم فرنسا العجوز ؛ لعنهم الله ولعنها.
وحين يطلع علينا علي كافي ؛ في تصريحه للصحافيين يوم الخميس 21/07/2011 " ؛ معترفا : أن الدولة الجزائرية (غائبة ولا وجود لها، وفرطت في دورها، وفرطت في تاريخها، وفي تاريخ الجزائر، وذبحت الأجيال الحالية والأجيال القادمة ودمرتها، فنحن الذين عشنا النضال منذ بدايته، أنا شخصيا منذ الأربعينات إلى الآن، أرى اليوم طموحاتنا تسقط جملة واحدة، وأجد نفسي في الظلام، أجد نفسي أسير نحو المجهول "
. [26]،هذا أنت الذي تقلبت في نعيم النظام لأزيد من خمسين عاما ؛ تقول ذلك ،فماذا نقول نحن الذين مازالت نعال القياد والباشاغوات فوق رقابنا؟،وعدالة الدولة التي ترأستها تفتح لنا أبواب السجون ،وتصادر أملاكنا ، وتمنحها لعائلة براهيمي بقرارات محررة حسب الرغبة والمقاس؟.



بصراحة ، ليس لنا من قول لكم ولأمثالكم سوى : " صح النوم" ؛ ورغم ما في تصريح هذا  (المجاهد الأكبر) من اضطراب ، ولامعقول ، إذا أن الإقرار بعدم وجود الدولة الجزائرية؛  كاف واف؛  يجعل ما جاء بعده فضلة كلام ؛ وإطناب ، ولده الإحساس بالأمن والأمان ،لأن من لا وجود له لا يوصف، ولا يسند ، ولا يسند إليه، ولا يمدح ولا يذم ... وكل ما يهمنا من تصريح السيد علي كافي ؛ هو إقراره بأنه وأمثاله ، قد ارتكبوا جرائم أفدح بكثير من تلك التي ارتكبها أبناء القياد؛  والباشاغاوات؛  وضباط فرنسا ،لأن الشعب ما كان ليصدق هذه العائلات الخائنة ، أو يهادنها أو يستسلم لها ، لو لم ير ميل المجاهدين أمثالكم  من الذين عاهدوا مليونا ونصف مليون شهيد ،وملايين المعطوبين والمشردين على الوفاء لمعاداة كل من عادى الجزائر يوما ، يميلون إلى العائلات العميلة ؛ ويتحلقون حولها مصفقين مهللين، ويوالونها ، ويرغموننا على تصديق أكاذيب سلطة الجزائر الفرنسية الجديدة
la nouvelle Algérie française المعادية ،والتي كانت دوما تظهر لنا كراهيتها واحتقارها ؛ بل وعداوتها في كل شيء ، وفي كل مناسبة وحركة ، و لدى كل زاوية ، وهي تصر في علانية وتبجح  على الفساد وإفساد كل ما هو جزائري أصيل ،إذن يا سيادة المجاهد ؛ وفخامة الرئيس: إذا كان أعداؤنا خونة للوطن والتاريخ ،فأنتم –وأخص هنا المجاهدين الحقيقيين الخلص الذين أحبهم؛  وأقدرهم أكثر من أي شيء فوق تراب هذا الوطن الجريح ،وأشفق عليهم بقدر إشفاقي على نفسي المطعونة من جميع الزوايا- ضالون ومضلون للأمة ،  وخائنون لعهودكم ؛ لأن المنطق يقول: أنه إذا كان وقف القتال مع الجيش الفرنسي معقولا ، فإن الأمر مع الخونة مختلف تماما ، إذا رفضوا الرحيل معها ، ولأن ضباطها وعملاءها  المندسين منهم ؛ بين صفوف المجاهدين ؛والذين كانت فرنسا تحرس على حياتهم أكثر من حرسها على حياة جنودها الفرنسيين الخلص؛  ليقينها  أنهم  أخطر علينا وأفيد لها من أبنائها، وكان هذا واضحا، وهو مثبت في كتبها ووثائقها ، فكم ضابط منهم أمسكته وأطلقت سراحه زاعمة فراره ، ليعود للتجسس عليكم ،ويرصد نشاطكم ،وليستعبدكم ويستعبدنا بكم  ، وهذا ما كان ؛  وما هو حاصل، وكان عليكم قبل أن تقبلوا التعامل مع هذه العائلات ، وترضوا ببقائها أن تحصوا ، كم عائلة من عائلات  القياد والباشغاوات انقلبت ضد فرنسا منذ 1847م حبا في الجزائر وهويتها؟
إن ما آلت إليه الجزائر الآن من فوضى ، وما ستصير إليه حتما من دمار إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه ، تتحملون أنتم -المجاهدين الحقيقيين لا المزيفين – وحدكم كامل إثمه لنكوثكم العهود ، وقبولكم إيقاف القتال سنة 1962م ؛ مع الخونة والعملاء ؛ نزولا عند إغراءات ديغول ، وانخداعا بمزاعم الستين نفرا من أبناء القياد والباشاغاوات وشواشهم ، وضباط
daf الذين أختارهم لتنفيذ "مخطط معد مسبقا وحددت معالمه في باريس" كما ورد في أصل الأزمة الجزائرية  لعبد الحميد  براهيمي ص34، ومقابل قبولكم للرشوة المتمثلة في حب المتع ، ولذة المناصب التي خصصتم بها أنفسكم وأبناءكم ؛ دون رفاق دروبكم من الشهداء ؛ رضوان الله عليهم ، وغيرها من الإغراءات التي جعلتكم تنحرفون وتحرفون التاريخ ، ومثلكم الطاهر الزبيري الذي يزعم الآن أنه دفع لمحاولة الانقلاب على هواري بومدين من طرف ضباط فرنسا ، ونقول له : ها قد ذهب بومدين ، وخلا  لك الجو بعده لمدة 40 سنة ومن معك فبضتم وصفرتم ، فماذا حققتم ؟ ورب عذر أقبح من ذنب.

   الضيف حمراوي27/06/2011










[1] L’Algerie révélée : la guerre de 1914-1918 et le premier quart du xxe siécle .par Gilber Meynier page 672,673.
[2]- Les institutions de l’Algerie durant la période coloniale (1830-1962)

[3] A l’interface de deux sociétés, mixtes Les administrateurs de communes  
Exposé de Philippe de MAZIERES- CDHA. Page .3
 - جريدة الشروق أون لاين  الصادرة يوم 13/10/2009  ،تحقيق نوارة باشوش لطيفة بلحاج[4]
[5]- الأمير خالد " د/ محفوظ خداش ،وثائق وشهادات لدراسة تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية، ديوان المطبوعات الجامعية ،المؤسسة الجزائرية للطباعة 2009 - Codification 4.07.2248- ص54
[6]- La  Revue indigène, Kraus reprint , 1912 ; volume 7, page 117
[7] -Bulletin des lois de la République franc̜aise, page 406 Partie 1,Volume 23 -Partie 2,Volume 23.;Imprimerie nationale, 1920

Propos recueilli par Yasmine Ferroukhi,le dimanche,03Juillet 205

[9] -Bulletin des lois de la République franc̜aise , Partie 2,Volume 20 Page 38. Imprimerie nationale, 1919
[10] - Les institutions de l'Algérie durant la période coloniale (1830-1962) - Claude Collot ; Édition du CNRS, 1987  page 129

[11] Les cinq visages de Saint-Exupéry,  Pelissier Georges. ( + de détails ) Editeur : FLAMMARION . Date de parution : 1951 ( + de détails )
[12] - الأمير خالد " د/ محفوظ خداش ،وثائق وشهادات لدراسة تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية، ديوان المطبوعات الجامعية ،المؤسسة الجزائرية للطباعة 2009 - Codification 4.07.2248- ص54

[13] L'aliénation colonialiste et la résistance de la famille algérienne
Saadia, Lakhdar  page 42

[14] -Histoire du nationalisme algérien -1919-1951, Volume 2- page .829
[15] --Histoire du nationalisme algérien -1919-1951, Volume 2- page .867
[16]- Débats parlementaires: Compte rendu in extenso des séances de l'Assemblée nationale et du Conseil de la République. 28 nov., 1946 - 22 nov page 121

[17] - La Guerre d'Algérie par les documents-  Jean-Charles Jauffret Volume 2-  page -167

[18] - La Guerre d'Algérie par les documents: Volume 2 . Jean-Charles Jauffret –page 167
[19] - Dépêche quotidienne ; Samedi 4 septembre 1954, page 01

[21] - Mémoires par Robert Verdier page ; 187.
[22] -Journal officiel de la République française ;page 248

[23] Les Grand' Croix de la Légion d’honneur de 1805 à nos jours- Auteur : Michel et Béatrice Wattel


- جريدة الشروق اليومي الصادرة بتاريخ -15/07/2011 عدد3353 ص6[24]
- جريدة الشروق اليومي الصادرة بتاريخ -15/07/2011 عدد 3353 .ص6 [25]  
[8] - أخبار الجزائر . 04:33 مساء الثلاثاء 25 شعبان1432)(26 يوليو 2011)[26]

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...