الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

الشعر التعليمي نشأته وتطوره .

 

الشعر التعليمي عنوان غير دقيق لخلو المنظومات التعليمية من أركان الشعر وهي:  العاطفة، والخيال، وجماليات اللغة التصويرية المفعمة بالمجاز و ألوان الإيحاء.

وعليه فإن تسمية هذا الأسلوب في التعليم بالشعر إنما هو من باب التجاوز بحكم التشابه في الجانب الشكلي ليس إلا. وأغلبه أراجيز على وزن بحر الرجز تاما أو مجزوءا ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن===مستفعلن مستفعلن مستفعلن).

فنظم العلوم في نصوص على أوزان شعرية مقفاة كفن يسهل حفظ العلوم ويحببها للمتعلمين ويمكنهم من استحضارها عند الحاجة لا علاقة له بالشعر كإبداع إلا من الناحية الشكلية: الوزن، والتشطير، والتقفية.

تعد الارجوزة الأموية  أول (نظم) شعر تعليمي ظهر في اللغة العربية على يد العجاج، وابنه رؤبة، جمعا فيها ألفاظ العربية وشواردها وأمثالها وحكمها ونوادرها. يقول الدكتور شوقي ضيف: "والأرجوزة الأموية من هذه الناحية تعد أول شعر تعليمي ظهر في اللغة العربية".

توسع نظم العلوم في قصائد موزونة الذي أسس له العجاج في اللغة العربية يقول شوقي ضيف "ألهمت الأرجوزة الأموية الشعراء في العصر العباسي أن يقوموا بنظم شعرهم التعليمي، كما ألهمت أصحاب النثر وضع المقامة"

وترسخ (الشعر التعليمي ) وأصبح ميدانا يتنافس فيه العلماء بعد إطلاع العرب على مثله ونظيره عند اليونان (ملحمة هوميروس) وذلك عن طريق الترجمة التي ازدهرت في القرن الأول من  العصر العباسي الأول 132 هـ  749م ) ـ ( 232 هـ 850م).

فظهرت نتيجة للعاملين السابقين معا المنظومات التعليمية كمنظومة الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفي سنة 170 هـ  786م التي ضمنها بعض معاني ووظائف حروف العطف وحروف النسق :

فانسِقْ وصِلْ بالواوِ قوَلكَ كلَّهُ         وبِلاَ  وثُمَّ وأَوْ فَلَيْستْ تصْعُبُ.

الفاءُ ناسـقه كذلك عـندنا                وسبيلها رحبٌ عندَنا مشعب.

أي حروف النسق عند الخليل بن أحمد هي : الواو، ولا، وثمَّ، و أوْ والفاءُ.

اتسعت معارف العرب العلمية نتيجة ازدهار حركة الترجمة و الاطلاع بفضلها على تراث وحضارات شعوب البلدان المفتوحة في مقدمتها اليونانية، والرومانية، والفارسية والهندية فشمل الشعر التعليمي ـ زيادة على علوم اللغة ـ مختلف مناحي الحياة  الدينية ،والفكرية والفنية ، كالفرائض، والأحكام، والتاريخ والتربية والصناعات وغيرها.

تتابع تنافس العلماء في نظم المتون العلمية فتنوعت مجالاتها وميادينها ومواضيعها منها أرجوزة منصور اليشكري المتوفى (370 هـ  980م ) في النحو (3910 بيتا).ومنظومة الحريري المتوفي سنة (512 هـ ـ1118م). "ملحة الإعراب" حتى بلغت أوجها في عصر المماليك،( 648هـ ـ1250م )ـ (923هـ ـ 1517م.) ،الذي عرف بعصر الضعف والانحطاط لضعف الشعر الوجداني والنثر الفني فيه ، ووفي المقابل أصبع نظم العلوم هو ميدان التباري المفضل للعلماء فظهرت متون مطولة في نظم العلوم كمنظومتي ابن مالك  المتوفي سنة( 672 هـ ـ1275م). (الكافية والشافية) و (الخلاصة الألفية). ثم توالت المنظومات المختلفة .

وفي النحو وعلوم اللغة راجت وشاعت منظومات الشعر التعليمي حتى بلغت عشرات المتون الشعرية  لعشرات الناظمين من النحاة . وأصبحت من ركائز تعليم النحو والصرف وقواعد اللعة العربية وعلومها في الكتاتيب والمدارس.

وفي علم قراءات القرآن نظم الشاطبي توفى  (790 هـ ـ 1388م منظومته "حرز الأماني ووجه التهاني" في القراءات السبع.

ونظرا لإقبال طلاب العلم على حفظ المتون المنظومة في مختلف العلوم خاصة في النحو تصاعد تنافس النحاة في نظمها في العهد العثماني (698 هــ 1299م )ـ(1341هـ م ـ1923 م ) فازدادت كثرة ً وإن لم تلق نفس الحفاوة التي حظيت بها ألفية ابن مالك ، ومن أشهر منظومات النحو في هذا العصر  " «المقدمة الآجُرُّومية في مبادئ علم العربية» "  المشهور "بالأجرومية " لمحمد بن عبد الرحمن بن أجروم المتوفى سنة . (672 - 723 ه) (1273 - 1323 م) ، وأرجوزة " الألغاز النحوية لعصام الدين بن عربشاه الإسفراييني المتوفي ( 951هـ ـ1544م)  ومنظومة شرف الدين العمريطي المصري  توفي حوالي( 988 هـ ـ 1580 م ) "الدرة البهية في نظم الأجرومية" ، ومنظومات أخرى في النحو وغيره من العلوم الرائجة في ذلك العصر.

 

 

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...