الأحد، 21 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الازهر -3-




ثالثا : حرية الأديان.

في البند الثاني جاء في البيان : "التأكيد على أن المسلمين والمسيحيين في الشرق هم إخوة".

السؤال : وماذا عن اليهود؟ وماذا عن الصابئة المندائيين ومنهم الإيزيديين ؟ ، وماذا عن الدروز ؟ وعن المذاهب الإسلامية والفرق  التي تعتبرونها غير سنية ،ويجوز تفجير السيارات المفخخة في أحيائها وفي أجسدها. أو أن الظرف يقتضي منكم  تطمين المسيحيين لأن وراءهم الغرب المسيحي  ، وعلى رأسه أمريكا والدول العظمى التي تحمي الأنظمة التي تظلكم وتضلكم ، مقابل الاستمرار في طحن المنطقة ، وإفناء شعوبها الغبية ونهب مواردها المباحة والمستباحة ؟.
تخدعون القراء بألفاظ مضللة حين تكتبون " أن المسلمين والمسيحيين عاشوا معًا على مدى قُرون عديدة".
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح : كيف عاشوا ؟ ومن الذي كان يحكم منهم الآخر ؟ ومن الذي قاد المنطقة إلى هذا التخلف؟ ،  وكم رئيس مسيحي تولى أمر المنطقة على امتداد  ما يقارب خمسة عشر قرنا ؟ ومَنْ  مِن بين مسيحيي الشرق ومسلميه  استباح دم الآخرين، و أموالهم  وكرامتهم واخضعهم لنزواته صاغرين  ؟ ولماذا تقدمت كل البلدان التي اعتنقت المسيحية بما فيها شعوب أمريكا الجنوبية ،بل الشعوب الهندوسية والبوذية والتي لا دين لها ،  وفي الشرق كل يوم نغرق اكثر في العفن والتوحش والهمجية، تزداد الظلمات والسدوم قتامة وتكثفا؟ و في طليعة قياداتنا خادم الحرمين الشريفين ، وعلماء مكة المكرمة، و الرؤساء المسلمون السنيون  وعلماء الأزعر الشريف ،  ودمشق الشام وفقهاؤها سنة وشيعة ،و النجف الأشرف ، وقم المقدسة وحوزاتها العلمية، وبشاور وما أدراك مابشاور و...
"في دولٍ وطنيةٍ سيِّدةٍ حُرةٍ، تُحقِّقُ المساواةَ بين المواطنين جميعًا، وتحترمُ الحريَّات".
 متى ؟ هل كان هذا  في الماضي ؟ إذن ما بال الناس تلقي بأنفسها افواجا أفواجا  في أحضان البحار، مستغيثة مستجيرة ببلدان الكفر وشعوبها  المحسوبة نجسة عندكم ؟  وما بالها تمعن في هذا التقاتل البدائي الخالي من كل آدمية ؟ وما بالها فقدت كل القيم والأخلاق الإنسانية حتى صار السارق فيها اشرف بآلاف المرات من ولاة أمره وحراس وطنه ؟ وصار الجاهل فيها أكثر حياء واعتدالا من إمامه، والمجرم أنظف وأشرف من قاضيه؟  و كلام السكير وتصرفاته أكثر معقولية ومنطقية من كلام وتصرفات رؤسائه المعدودين عندكم حكماء ؟ ووو...
فإذا زعمتم  أن هذا كان في الماضي،   يكون ذلك منكم كذب  صراح ونفاق بواح على الملإ و في واضحة النهار ، وبدون حياء ولا أخلاق ، ويصبح من العبث مواصلة قراءة بيانكم  المدلس ، وإذا كنتم تزعمون أن هذا سيتحقق في المستقبل فيكون زعمكم  كزعم من يعد باصطياد العنقاء ببيضها وفراخها في ساحة الأزهر ، ومن يصدقكم  لا يعد عندي وعند العقلاء أهلا للتكليف.
تتحدثون في هذا البند أيضا عن" تعدد الأديان في الشرق في تاريخنا المشترك" ، رغم أن هذا التعدد المزعوم إذا ما ثبتت له آثار ، فهي باهتة، وغير واضحة المعالم ، أقليات دينية تعيش في صمت صاغرة ، منزوية  مختبئة خائفة مرعوبة، تشتري حق السماح لها باستنشاق الهواء بدفع الجزية ، والاصطفاف في آخر الصف ؛بحيث لا تزعج خير أمة أخرجت للناس ، لا يسمح  لها بالتقدم والبروز إلا في المجالات أو المهن التي يعجز عنها المسلم أو يعافها ، عرضة لكل التهم  وأقبح النعوت، فئران ، أحفاد القردة  والخنازير ، حمير، شر الدواب ،  كلاب تلهث. وهذه الأوصاف التي تسمون بها شركاءكم ؛ لا يمكن لأي مسلم إنكارها ،وإلا عد كافرا كما قال الرئيس المصري المنتخب بأغلبية الشعب المصري المسلم بطريقة ديمقراطية وشفافة بعد أن تم إعداده عقائديا ودينيا على أيدي علماء الأزهر ومؤسساته ورجاله، يقول مرسي  " المحتلين لأرض فلسطين ...أحفاد القردة والخنازير" ولمن ينكر هذه الأوصاف التي تعد أناشيد القنوات الدينية الممولة من الأنظمة ، والمباركة بتبريكات رجال الدين ، أو يدفعها عن الإسلام ، يرد الدكتور كمال  الهلباوي ، نجم الدين في القنوات المصرية "لأن كلمة الله هي العليا والذي وصفهم  به الله سبحانه وتعالى ، لا يستطيع أن ينكره مرسي ، ولا الإخوان ،ولا أي مسلم عاقل، لأن أي نكران لأي معلومة من الدين بالضرورة يخرج الإنسان من سياق الإسلام ،وهي من نواقض الإيمان ، ومن نواقض الإسلام " وهذا تعليل يصح سحبه على كل من  وجه لهم في القرآن ، وخصهم به المفسرون ، من مسلمين عدهم رجال الدين منافقين ، إلى المسيحيين ؛ والصابئة المندائيين ، والمسلمين الخوارج  والشيعة  وكل من لم ترض عنه السنة الأزهرية الإخوانية والوهابية ومرسي والهلباوي كغالبية الشعب المصري والإسلامي لا ينطلقون من فراغ بل من تراث مقدس، تعتاشون أنتم من نشره والتبشير به   وعلى أساسه تسلك الجماعات والمليشيات الجهادية  في تصديها لغير المسلمين  مقتدين بسلوك السلف الصالح في مواجهة ألد أعداء الإسلام الأبديين في كل مكان وزمان " { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) } وطبعا لا تحاولوا المراوغة  وتقولوا أن الآية هنا تتحدث عن وجود مودة بين المسلمين والنصارى ، لأن النصارى المذكورين هنا جماعة  يهودية  وجماعة نصرانية  ؛ دعيتا إلى الإسلام فأبت الأولى واستكبرت وأسلمت الثانية  فجاءت الأية بهذا الوصف مدحا لها جزاء إسلامها.
" قيل: إن هذه الآية والتي بعدها نزلت في نفرٍ قدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى الحبشة، فلما سمعوا القرآن أسلموا واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إنها نزلت في النجاشيّ ملك الحبشة وأصحابٍ له أسلموا معه." تفسير الطبري ، ج10 ص 499 .
 " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "  ورغم ان اليهودية ديانة مغلقة ، لا تقبل لأحد  غير يهودي الدخول فيها او اعتناقها  مهما كان ، إلا ان هذا هو موقف المسلمين القار والمستقر ؛ إذن فصحيح الدين  عكس ما تقولون في بندكم هذا، من بيانكم هذا  وهو الثابت بالنص ،وبسلوك المسلمين  ،وليس ما ذكرتم، فعن اي مساواة وعن اي تعايش تتحدثون؟.
توردون في بندكم ، وبدون حياء- الحديث عن " احترام الحريات"، فعن أي حريات تتحدثون؟.
لم ترد في صحاحكم أبدا كلمة "حرية" أو ما في معناها . وله علاقة بحرية الناس ، خصوصا  في اختيار عقائدهم وممارستها ، وما جاء في القرآن بهذا الشأن طمستموه ،و ألغاه  فقهاؤكم ومفسروكم ، وعد منسوخا ، وعد القول به جهل بالدين ، ودعوة إلى الكفر، مثل ( لكم دينكم ولي دين) ،التي نزلت ردا على كفار قريش  حين قالوا  للرسول " تعبد آلِهَتَنَا سَنَةً ، وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً"  ألغيت  ونسخت  بإباحة قتل الكافر والمشرك من غير اتباع الديانات الإبراهيمية مطلقا  ، يعني الآن  يجوز بل يجب قتل الملحد والبوذي والمجوسي ، وكل وثني . وأقل ما يجب على المسلم فعله ليصح  إيمانه ؛ احتقار أتباع هذه المعتقدات ، وعدم التعامل معهم في المأكل والزواج ، وما يحمي الملاحدة والبوذيين والمجوس ووثني إفريقيا وغيرها   من أذي المسلمين اليوم،  هو قوتهم العسكرية ، والاقتصادية والقوانين والأعراف الدولية ، وضعف المسلمين وهوانهم  .
  ولم يبق لكم السلف الصالح فرصة لتأولوا الآيات القرآنية وفق ما طلبه منكم السياسيون ، كقوله تعالى ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) سورة الكهف 29 . إذ قطعوا عليكم الطريق ،خاصة وانكم انتم أنفسكم قد علمتم الأجيال أن ما قاله الشيوخ ، وخاصة  شيوخ السلف الصالح مقدس ، ومنكره منكر للمعروف من الدين بالضرورة ، ورأينا حكم من يفعل ذلك أعلاه، قال ابن زيد في قوله:( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وقوله(اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) قال: هذا كله وعيد ليس مصانعة ولا مراضاة ولا تفويضا. ( تفسير الطبري ج18 ص10).
 وهذا هو الفهم السائد المتفق عليه ، والمعمول به  بالإجماع، أي أن معنى  الآية ، والوجه الذي ينبغي أن تفهم عليه ،هو أنها  تهديد ووعيد ،  وليس مراضاة أو تفويض الناس في اختيار معتقداتهم.
وما جاء في سورة الغاشية من قوله تعالى ": فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ" سورة الغاشية، نسخت وألغي الحكم بها وتقرر العمل بمقولتكم المشهورة " اقتله أو يسلم" ولا وجود لأي خيار ثالث.
حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،   لست عليهم بمسلط أن تكرههم على الإيمان ، قال : ثم جاء بعد هذا : ( جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم  ) وقال ( اقعدوا لهم كل مرصد  ) وارصدوهم لا يخرجوا في البلاد ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم  ) قال : فنسخت ( لست عليهم بمسيطر  ) قال : جاء اقتله أو يسلم . (تفسير الطبري  ج24 ص 390 ).
وأما ما أسند إلى عمر بن الخطاب فلا يحتج به ،أولا  لأنه ليس مشرعا ،فهو ليس رسولا ، وليس  مشاركا للرسول في  تلقي الوحي ،ثم لأنه لم يأت في شأن الدفاع عن حرية العقيدة ، وثالثا أننا لم نسمع أنه  أعطى للناس في عصره حرية  اختيار عقائدهم وحرية ممارستها ، وإنما سمح بقتل كل مجوسي بعد فتح فارس ، إذا رفض التخلي عن دينه .
وهذه هي قناعة كل مسلم ، فالمشرك غير الكتابي ، والكافر نجس باتفاق . وحمله على الإسلام  ، أو قتله هي رسالة المسلم .
 و الكتابي نجس  عند الأكثرية ، وحمله على الإسلام أو دفع الجزية  و الرضى قهرا بحكم المسلم القريشي  هي رسالة المسلم الكونية .
هذه باختصار شديد ،  وبدون تفصيل  محددات تصور المسلم لغيره من البشر ،ولحرياته وحقوقه وواجباته ، وللطرق الشرعية في كيفية التعامل معه ،  وفي هذا تنحصر رسالة المسلم في الوجود : نشر الإسلام ، و جعل كلمته هي العليا ؛ كي يسعد في الدنيا ، ويفوز في الآخرة بالقصور والخمور وحور العين.
يتبع...

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...