الخميس، 4 أبريل 2013

قوانين أم قضاة أم... ؟


قوانين أم قضاة أم...؟




أيهم أولى بالعناية والمراقبة ؛ القاضي ؛ أم النص القانوني ؛ أم هما معا  ؛ أم السلطة المشرفة والمنتفعة ؟ وأيهم خادم للآخر تابع له مؤتمر بأوامره؟

الملاحظ أن السنوات الأخيرة قد كثرت فيها الشعارات والشطحات الزائفة المضللة؛   مثل إصلاح العدالة، وإصلاح القوانين وما شابه، وفي نفس الوقت طغى الفساد واستشرى بشكل عام وشامل بلا وازع أو رادع، مع فقدان الثقة بشكل يكاد يكون مطلقا في العدالة، والسكوت على مثل هذا الوضع والتمادي فيه هو في حد ذاته جريمة، ولأنني أحد أفراد هذا الشعب الذي يحكم له وعليه وباسمه فمن حقي الطبيعي أن أقول:

   الجاري به العمل والغالب ألا يلتزم  القاضي  بالقانون إنما ينفذ تعليمات رؤسائه وأصحاب القرار  ، حين يتعلق الأمر بقضايا ؛ أو شخصيات ؛  أو عائلات وجماعات لها وزنها السياسي ؛ أو المالي ؛ أو الاجتماعي ."نعم. نحن ننفذ التعليمات التي تردنا صباح مساء عبر الهاتف وعبر الفاكس وعبر كل وسائل الاتصال، نحن مجرد عبيد لوزارة العدل.. من لا ينفذ التعليمات يعزل.."سعد بوعقبة ،نقطة نظام ، جريدة الخبر2016/06/18 .

وهو يستعمل معيار مصلحته الخاصة؛  وأمنه الشخصي قبل كل شيء ؛  واضعا نصب عينيه رغبات من أتوا به إلى كرسي القضاء ، ومن  لهم القدرة على عقابه وجزائه ، وترقيته وعزله، فالقاضي في الجزائر فوق القانون ، وتحت السلطة التي تعلوه ؛  وتمسك بيدها خيوط  حاضره ومستقبله ،  و وهو يعلم علم اليقين أنها إنما جاءت به ليحميها  ، ويحمي مصالحها مهما كانت وكيفما كانت : سلطة حكم، أو سلطة تعيين وعزل، أو سلطة ترقية ودحرجة أو سلطة المال والمصلحة. ومن أجل إرضاء هذه السلط أو إحداها إذا أمن شر الأخريات داس القانون ؛ وخالفه جهارا نهارا ؛ وهذا ثابت ومسجل في  العديد من الأحكام والقرارات وعلى جميع المستويات والدرجات : من قضاة المحاكم الابتدائية حتى المحكمة العليا. وبالتالي فإن بذل العناية الفائقة في صياغة النصوص القانونية  ؛ دون إلزام القاضي بحتمية احترامها - تحت طائلة العقاب في حال  مخالفتها  ؛ ومهما كانت المخاطر والإكراهات أو الإغراءات التي يمكن أن يتذرع بها-   تبقى عملية فيها من العبث  ؛ وتضييع الجهد والوقت الشيء الكثير، ولا تعدو كونها كرنفلات متتالية، وتخديرا مؤقتا لآلام الشعب  ، وذرا للرماد في العيون ؛ والظهور أمام الرأي العام المحلي والدولي بمظهر خادع ومخادع؛ يغاير الحقيقة والواقع ،  ويزيد في الاحتقان ، ويعرض مستقبل الوطن لخطر لاحق ؛  ماحق ؛   أت؛  لا ريب فيه.

 القاضي من حيث هويته وماهيته ورمزيته قبل القانون لأن الإنسان هو من أوجد القوانين والتشريعات وليس العكس ؛  وبالتالي فالاهتمام بصياغته وتكوينه أولى ألف مرة من الاهتمام بأي عنصر آخر من عناصر جهاز العدالة ، ورغم الإقرار بجدوى التدقيق في صياغة النصوص وضبطها  ؛ وتحديد مجالاتها  ، وما إلى ذلك   ، غير أن أهم من ذلك ؛  هو الاعتراف بحقيقة مرة ناصعة حالكة السواد ، انتشرت نتانتها في الأرجاء  ؛ فعمت وهي أن أزمتنا ليست أزمة نصوص  ؛ أو هياكل كما تريد السلطة أن توهم المواطنين ؛ لأن مبادئ العدل مبادئ إنسانية عامة وشاملة ؛ بغض النظر عن الاختلاف في الجزئيات ، والأصباغ المحلية والحضارية التي تضيف للجوهر ؛  ولا تنقص منه ، والنصوص القانونية من حيث الوفرة والإحكام على جميع المستويات: الوطني والعربي والدولي ؛  تزيد عن حاجة القاضي النظيف، الشريف، الكفء المستقل، العادل، الموضوعي، المحايد والنزيه ، الذي يحكم فعلا باسم الشعب ، لا باسم سيده ؛ أو باسم المكسب المخبوء وراء الشعب البريء مما فعل باسمه ؛ ؛ براء الذئب من دم يوسف. 

و لكنه ومن جهة وظيفته، وفي كرسي حكمه، يجب أن يكون مثله مثل الذين يحكمهم الماثلين أمامه  تماما ، تحت القانون  ؛ وتحت قواعد العدالة، تابع لها غير متبوع، محكوم بها غير محاكم لها، مقيد بالنص والدليل منظور إليهما بالصفات والمؤهلات المسرودة أعلاه  ، وهي كفيلة بتحقيق أمن الافراد والأمة  والوطن بأسره ، سواء أتمت المحاكمة في ساحة  عمومية ، أو تحت شجرة ، أو في بهو دار للقضاء،  أو قصر للعدالة.

 فهل لكم أن تجدوا لنا قاضيا أو منهجا لتكوين قاض، فيه هذه الصفات قبل تحبير القوانين؟ .

 أم أنكم مغرمون بالعبث  ؛ وعبادة مصالحكم الخاصة ، بكل طرق التضليل المعهودة والمبتكرة، تجهدون أنفسكم في تحبير القوانين؛ ثم  تجهدونها مرة أخرى لتنتقوا لها من يخرقها جهارا نهارا بفخر واعتزاز مختارا عاملا  بتوجيهاتكم وتحت رعايتكم  ؛ أو مرغما مكرها تحت سطوة تهديدكم ووعيدكم ، ليحصل على ترقية إلى منصب أعلى ويزيد في ترسيخ  السنة   إياها ؛ ويشتهر بأنه من أتباعها ؛ والمبشرين بهدي سدنتها ؟؟؟؟؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...