الاثنين، 27 أكتوبر 2014

البطام (2)






مدرسة الشهيد حسيني علي بن الحاج
  
 
في إطار سعيها لتحقيق أهداف سياسة الإدماج التي كانت فرنسا تسعى لتجسيدها بكل السبل؛ طمعا في تخفيف الكراهية المتجذرة في أعماق أبناء الأرياف ، من خلال استعمال التلاميذ كوسائط بينها وبين العائلات من جهة ،  ولتمكين أبناء العائلات الميسورة المتعاونة معها ؛ وخاصة  عائلات القياد والباشغوات  من اتقان اللغة الفرنسية وثقافتها ؛ وإبعادهم عن اللغة العربية وثقافتها وقيمها من جهة ثانية ، عملت فرنسا ؛ مع اقتراب الاحتفال باليوبيل الذهبي للاحتلال  على الشروع في بناء أقسام دراسية بالأرياف، وضمن هذا التوجه ؛ جاء بناء مدرسة البطام  التي حملت بعد الاستقلال  اسم الشهيد المرحوم حسيني علي بن الحاج الحالية.
 بدأ العمل على إقامة مدرسة فرنسية لأبناء الأنديجان بالبطام سنة 1922م  ، بعد أن لاح لفرنسا أن انتهاج الإدماج عن طريق المدرسة قد حقق نتائج باهرة في العديد من المدن الكبرى.
وعليه تم فتح مدرسة لأبناء الأنديجان بالبطام من قسم واحد ؛ ضمن 15 مدرسة ابتدائية تم فتحها في نفس السنة في كل من برج منايل، والشلالة ، الحراش ، ومليانة، أقوني بوعافير(مكلا) ، ومسرغين ، وقسنطينة، وواد زناتي ، وسور الغزلان ، وسوق هراس، وهناية ، وسانت أوجين ، وأراقو، وجمابس.
 وبعد ذلك بثلاث سنوات ؛ شرع في توسيعها إلى قسمين ، وسكن للمعلم، ووحدة صحية ، على مساحة من هكتارين تعود ملكيتها لفريق حملات نصيبهم المفرز لهم في الخمس العائد لفريقهم أولاد زاير ، والمعروف بخمس البطام ،وادعى  الخائن باشاغا براهيمي الأخضر أنه هو من تبرع بالقطعة  من عقاره ، وأشاعت وسائل الإعلام الفرنسية ذلك في حينه  ، وقد ورد في جريدة صدى الجزائر "  L’Echo d’Alger" أنه سيجرى بتاريخ 16-01-1925م على الساعة الثامنة صباحا، بمقر (العمالة ) الولاية بالجزائر العاصمة فتح مناقصة مغلقة من 6 حصص لأشغال بناء مدرسة مخصصة للذكور من أبناء الأهالي "الأنديجان" بالبطام بلدية بئر غبالو.
وكما أوردت نفس الجريدة أنه و بتاريخ 1925/05/28:استقبل عامل العمالة ( والي الولاية) معلم وتلاميذ مدرسة البطام.
وأثناء الثورة تعرضت  المدرسة لهجوم جيش جبهة التحرير الوطني وأحرقت مرتين على التوالي عامي 1957م و1958م   حولت بعدها مباشرة  إلى ثكنة عسكرية لفترة من الوقت ، حين كان ضابط المصالح الأدارية الاجتماعية sas يتخذ من حوش النجمة "قصرألف ليلة وليلة" مقرا له ولحاميته والذي تقدمت به عائلة براهيمي عربون ولاء للمستعمر ، وبعد  أن اكتمل بناء  "البرج" المقر الجديد لإقامة المصالح الأدارية الاجتماعية واستقر به لـَ sas ؛ أنتقل جيش الاحتلال ( المكتب الثاني) إلى حوش النجمة بعد إخلائه ،   ثم أعيد ترميم المدرسة ، واستأنفت وظيفتها في تعليم أبناء الفرنسيين وأعوانهم وقلة قليلة من أبناء بعض الأنديجان .
وقد كانت هذه المدرسة هي الحاضنة التي نشأ بين جدرانها أبناء الشهداء والعائلات الجزائرية  البسيطة بعد سنة 1965م إذ كانت أول دفعة حصلت منها على الشهادة الابتدائية والسنة السادسة عام 1969م ، وكان أول معلمي الحرف العربي بها هم الاساتذة الأفاضل : المرحوم دحماني علي ، جزاه الله خيرا . والشيخ خليفاتي رشيد ، والشيخ اسبع السعيد. أطال الله في عمريهما وبارك لهما في صحتهما وأولادهما وأموالهما وجزاهما خير الجزاء ، ثم تلتهم كوكبة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...