الاثنين، 22 يونيو 2015

فوق ربوة




نعم أنا غبي ومغفل، وقد ورثت هذا الغباء والغفلة من أجدادي ألذين أحبوا وطنهم ، ومنحوه كل ما يملكون ؛ دون أن يأخذوا منه سوى الألم.

 فأنا أحب وطني ، لأنه وطني   فقط ،   أراه حديقة من حقها المطلق علي أن  أرعاها و أتملى جمالها وهو يزداد توهجا ، ووردة أتعهدها ليطغى شذاها على كل شذا، وطني ليس مكانا للعيش ليس لي بديلا عنه ، بل لا أرضى بديلا عنه ولا عوضا لأنه ذاتي وفي تجريدي من ذاتي وفاتي .

 
-            أعرف تاريخ وطني كما أعرفه، لا كما يقدمه لي صناع الدجل والتزوير، والأفاعي النافثة للسموم، مصاصة الدماء، التي لا ترى العيش عيشا إلا وسط الجثث والأشلاء.   واستعباد الأيتام والإماء ، وهيلولات  والكذب والافتراء .

-            أرى السارق المرتشي ، والناهب المسغوب ، والمنافق الإمعة المرافق ، والمدعي الفاسق ، أحط من الخساسة ، وأنجس من النجاسة ، حتى وإن ارتدى طيالس   القداسة ، وتزي بأزياء   الإمارة أو الولاية ، وزين صدره بنياشين السلطنة و الرياسة ، وحسنت مناقبه الأقلام والمحابر و تشدق بأبلغ الخطب من أعلى المنابر.
 
 -  نعم أقر باني كأسلافي غبي. نعم أقر بأنني مغفل.
 
وأقر أن غير المغفل والحاذق في قواميس السياسة ، وتجار النخاسة، أحسن مني ، وأذكى وأمهر ، يأخذ من الوطن ببراعة  ولا يعطي سوى الوقاحة ، والوطن له حديقة مستباحة، وعاهرة ملحاحة، يجلس على صدرها يرضعها ،.... ، يدوسها ويدوس جديها وأمها وأباها .
 
وعليها أن ترضى ، وتترجاه بألا يهجرها ، و من حقه أن يتمنع ويتدلل،   ليزيد من لوعتها وأساها.
 
  -  أقر أن غير المغفل، والحاذق أحسن مني    أذكى وأمهر.

 وطني يأخذ مني ويعطيه ،  فأزداد لترابه ومائه وسمائه عشقا، يرهقني ويريحه ،  يفقرني   ويغنيه، يكرهني ويدنيه   ،يلفظني نحو البحر ويأويه . فأزداد لترابه ومائه وسمائه عشقا .

 
-        وأقر أن غير المغفل، والحاذق أحسن مني ، أذكى وأمهر.

 كانت خيانته زمن الاستعمار  أفصح  من الشمس في رابعة النهار ،كان يدير طواحين الدمار . واليوم ألقمته ثديك، وفرشت له حضنك ، فغدا الملك  وغدوت المملوك ، وغدونا اليتامى وملك اليمين، يخطب فينا فتلقى عليه باقات الياسمين.

 
-          أقر  و لا حد لإقراراتي؛  إلا أني يا وطني لن آخذ منك سوى نسمة  تكفيني ،ودوما سأعطيك كل جهدي، أبذله نشوان لأنه منك كل  يوم يدنيني ، وسأكره إلى الأبد كل خائن آذاك  وبدلك بسواك ، ومازال  وسيبقى...

الضيف حمراوي 28/05/09

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...