السبت، 17 أكتوبر 2015

من صور الجزائر عام 2015م




أنقلها كما وقعت في البلد الوحيد في العالم الذي استطاع أن يتوج فيه الفساد حاكما ومالكا  ومقررا لما يجب وما لا يجب،   بلد يخنع  بأسره : بأحيائه وجماده ؛ مملوكا للمفسدين بشكل يتناقض تماما مع عظمة مرحلة من تاريخه أبهر فيها  شعوب القارات الخمس  هو بلد المليون ونصف مليون شهيد.


"أمس ؛ جمعتا الصدفة في جلسة بمكتب موثق بلغ من السن عتيا ، يحفظ القرآن ، وحج حجات عدة ،يزين حيطان قاعات محله بالأحاديث النبوية والآيات القرآنية ، ويكدس كتب القانون بجانب مكتبه الفاخر ، ويمتهن  التوثيق منذ بداية الستينات  ،وضع تحت يده أرشيفا  لا يقدر بثمن فغدا ملكية خاصة يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه .
كنا سبعا جالسين في مكتبه ، ثلاثتنا لا نعرف الأربعة الآخرين والأربعة لا يعرفون ثلاثتنا ، وأثناء جلوسنا في انتظار أن ينجز لنا الموثق مطالبنا ، دخلت جماعة  تالثة لإمضاء عقدهم المنجز: عقد صاحب الشأن وشاهديه.

نادى القاضي الموثق على أحد الشهود ليمضي ، وحين أبصر أن الكاتبة قد سجلت في العقد أن هذا الشاهد "بطال" بلا مهنة ، صاح الموثق المنتفش  في وجهه : كيف؟. بطال وتشهد ؟، بطال يعني لا توجد عندك نقود و أموال  ، وجئت لتشهد ؟.أعوذ بالله.
 ورغم ذلك سلمه الوثيقة، فأمضى المسكين وانصرف  محرجا منكمشا.
ولكن القاضي استمر يشتمه في غيبته : صعلوك ، متسول ، متشرد ، لا يملك لا نقود،
 و لا أموال ويشهد ، أعوذ بالله ؟ هذا لا ينبغي ، هذا ضد القانون.

قلنا له :كيف ذلك ؟.

قال : البطال ، ومن ليس له نقود  ، ولا أموال ، لا ينبغي له أن يشهد ، ولا يحق له أن يخرج من بيته،  ويسير في الشارع. 
القانون يلزم الشرطي في الشارع أن يسوق كل من ليس له نقود  ولا أموال إلى السجن ، في الشارع  على الشرطي أن  يسألك :هلك عندك الدراهم ؟ فإذا قلت :لا. ألقى عليك القبض ، وساقك إلى السجن ، وهذا بموجب القانون ، قانون العقوبات.

الذي يأتي ببطال ، أو بمن لا نقود لديه ليشهد له؛  كمن يأتي بسجين ، فالذي لا نقود له مجرم لم تصل إليه يد الشرطة  فقط."


كنت أضحك ؛ أضحك، أضحك وهو يتحدث بجدية غريبة، كنت أضحك كي لا أنتحب على بلد المليون ونصف مليون شهيد التي ملكها السفهاء. والمنحطون، والمتخلفون ذهنيا وكتموا أنفاسها فبلغ فيها التعفن درجة جعلت شعوب العالم تعافها رغم جمالها الإلهي البديع.


إذا كنت ثريا بالأموال المسروقة المنهوبة ، وبأموال الرشوة والمخدرات والتهريب فأنت بطل ، ويحق لك أن تشهد أمام القاضي الموثق ، وعلى الجميع أن يحترمك بموجب القانون ،وليس لأحد كائنا من كان  أن يسألك من أين جئت وإلى أين تذهب ؟،  وإذا كنت فقيرا فعلى الشرطي أن يسوقك إلى السجن بتهمة عدم  امتلاكك للنقود والأموال.
ولعل إخضاع السلطات الفرنسية مسؤولي (دولتنا)  المتيمين بحب باريس في مطاراتها للتفتيش الجسدي الدقيق وبالتعرية، كان تطبيقا للقانون  الذي ذكره القاضي الموثق، وللتأكد أنهم لم يأتوا إلى فرنسا  بجيوب فارغة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...