الأحد، 3 يناير 2016

التضليل قد يحقق هدنة لكنه لن يبني دولة


حين تطلب إلى شعب أو قبيلة أو أسرة تختزن في ذاكرتها  تاريخاً مفعماً بالدم ؛  دفعت خلاله  الغالي والرخيص مما لديها للتخلص من أعدائها وأعداء الوطن وعملائهم  الأشرس ؛ والأبشع ؛ والأرذل ؛ والأنذل منهم، الذين عبثوا  بكل شيء – وخلال 132 سنة - عبثا تترفع عنه الأبالسة و الشياطين ، خلف وراءه ندوبا غائرة في النفوس يستحيل أن تلتئم أو تندمل.

حين تفعل ذلك ؛ دون أدنى تفكير في اتخاذ إجراءات وتدابير تخفف بعضا من عبء الألم والإحساس بالظلم ؛وخيبة الأمل ؛وجبر الانكسارات ولو بإرغام الخونة والعملاء  والأنذال على التخفي عن الأنظار- على الأقل-  لخلق وهم  عند ضحاياهم بأن التضحيات التي قدمت قد أثمرت وأتت أكلها ؛ ولم تذهب أدراج الرياح.

حين تطلب إلى الشعب أن يلعن معك عظماءه، وتجبره على التصفيق لك عندما تطاردهم؛ وتنفيهم وتقصيهم؛وتخزيهم وتشوههم ؛ وتشوه ماضيهم.

حين تحملهم – تضليلا ونفاقا- على التصفيق لألاعيبك البائسة، وعلى مشاركتك في سفح دموع التماسيح، ومتابعة مسرحيات الحزن والحداد على ضحاياك، وضحايا الخونة والعملاء ،وضحايا أبنائهم واحفادهم , و كل أيادي العدو القذرة  الماسكة برقاب الشعب بالرعب والإرهاب والحديد والنار.

حين تخلي الركح  ووسائل الدعاية والإعلام إلا من وجوه  وألقاب  ورموز العمالة المحفورة بخطوط بارزة على جبين التاريخ المعلن والمخفي ، وتعتقدا أن التدليس واستغلال  غباء  الناس؛ والنسيان والإذلال والإقصاء ؛ وكر الأيام والليالي كفيل بتمرير الخديعة وتحقيق الهدف.

 



 حين ترفع هتافات الاستقلال دون استقلال في بلد  تدار شؤونه بيد المستعمر المتحكمة في بيادقه التي وزعها على خانات الوطن حسب ما يخدم مصالحه  ، وحين ترفع شعارات التحرر دون حرية ، وشعارات العدل دون عدالة ، وشعارات المساواة في  وحل الطبقية والجهوية والفئوية والمحاباة والرشوة ؛ وفي ظل احترام فلسفة المستعمر نفسه "فرق تسد" ، حين تفعل ذلك تكون قد أسأت التوقع ؛ وأخطأت التقدير والتدبير، وعلى النقيض منه تكون  قد شحنت أتون الانفجار وبركانه إلى حده الأقصى ،وتيقن عندئذ  أنك  تؤسس عن جدارة لاستحالة تحقق أي مصالحة جهوية ، أوطنية ، أو حتى إقليمية ؛ ووفرت كل الشروط لانكسارات ؛ وانهيارات ومآسي  فظيعة مقبلة  ؛ تدمر ما تتباهى به الآن  ويبدو لك إنجازات ؛  لأن المنطق القار في كل عقل سليم  يقول : ليس عدوك هو المخالف لك في الوطن ؛أو الجنس ، أو العرق؛ أو الدين ؛ .إنما عدوك من أهدر دمك ؛ و سطا على حقوقك وممتلكاتك ؛وعبث بكرامتك ؛ وسلبك حريتك ؛ وطمس تاريخك حتى وإن كان شقيقك.

 

 

 

 

                                                                                                       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...