الاثنين، 14 مايو 2012

الهدية


الهدية

وانطلق موكب العروس، الفقيرة بلا حدود، تحت زغاريد النسوة المعرسات الحادة المتحدية، تنتهك حرمة أذان الجارات المتطلعات من الزوايا والشقوق،

وتنهدات الجدات، و الأمهات النافثات في العقد، وفي صدورهن.

 آزرتها طلقات البارود ؛ تزرع الرعب في قلوب العذارى من سرعة هذا الزمن القاسي  ،وتدمي بأصابعها الجارحة كلوم العوانس ؛  الواهنات ؛ الجالسات خلف الأبواب الموصدة، في هذه  البيوت الفقيرة؛  المتهالكة الجدران  ، المدعومة  بظهور شبانها  المقوسة ،  الملفوفة  في أسمال تربة، مغبرة ، متسخة ،يضحكون في بلاهة  ، ساخرين من كل شيء ، يمتعون النظر بسعف الدوم الحاد ، وأكف التين الشوكي المستعدة ؛  والمتأهبة لصفع هذه الخدود المكدودة ؛  البلهاء ،بعيونها المتلصصة المترصدة.

علا صوت من هناك مصدره " الزقاي" تصحبه قهقات هأ هأ هأ  :

-   يا البكري؛أرأيتم هذه  البرذعة  التي يحملونها فرحين،هأ – هأ- هأ  ؟.

تجاوبت معها قهقهات ساخرة؛  انطلقت من أسس الجدران المتقابلة؛ سرعان ما انكمشت، حين استدار نحوهم فارس من الموكب، وقبل أن يتحدث الفارس، أخرج حصانُه لسانَه ؛ ثم قال  -على عادة الحيوان في فن القول-  بلغة ركيكة من وراء لجامه، وكأنه يمضغ كرة من اللبان:

  - إن كنتم تسخرون منها فهي قد غادرت؛ على كل حال،  و إن كنتم تسخرون منا ؛ فإنكم لن تدركوا مقدار غبائكم إلا حين تعرفون البغل الذي نأخذها إليه... !. ثم استدار منصرفا ؛ وقد أغنى صاحبه عناء الحديث.

وبعد سنوات عديدة عادت العروس ،  سيدة منعمة مع ابنها ؛ في سيارة فخمة رباعية الدفع،ملأى بالمئونة و الهدايا ،  لجبر نفوس العوانس ، فخرج الناس  مستطلعين يتساءلون؛  لزيارة  من جاءت هذه السيدة الثرية؟  وكلهم يتمنى لو تجعل بيته مقصدها. وكان من بين الهدايا التي تلقاها"الزقاي" برذعة جديدة.... وارتفعت قهقهات  هأ - هأ –هأ . .. 

الضيف حمراوي 14/5/2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...