أبدأ هذا الجزء من نقطة
قانونية ، استغلت بعد صدور قانون 90/25 المؤرخ
في 18/1990ذالمتضمن التوجية العقاري ، والذي سخر لخدمة أبناء القياد والباشغاوات والعملاء
ومافيا العقار وخدمهم المسترزقين من تنفيذ رغباتهم، ودعمته بالمادة 13 من قانون
الإجراءات المدنية والعقارية الجديد 2009 ، رغم أن العيب ليس فيها فقط بل في العديد
من المواد الأخرى التي صيغت بشكل يمنح جهاز القضاء ولواحقه المبررات
لاستنزاف قدرات المواطن البسيط ، وتدفعه إلى الاستسلام للظلم و الابتزاز، تنضاف اليهما عيوب شتى في الساهرين
على تطبيق القانون بشكل عام .
النقطة التي سأنطلق منها هي مبدأ توفر الصفة القضائية كشرط لقبول الدعوى أمام القسم العقاري. دون أي تعريف لمفهوم الصفة ، أو للضوابط التي تلزم القاضي الاعتراف بها في ذات القانون ، صفة غير موصوفة إلى الآن لا يدركها إلا من لا يعرف؛ يُعترف بها للغني وللشريف وتحجب عن الفقير وعن الضعيف. واحدة من المآسي التي يتجرع المواطن الجزائري مرارتها في صبر وصمت مطبق.
النقطة التي سأنطلق منها هي مبدأ توفر الصفة القضائية كشرط لقبول الدعوى أمام القسم العقاري. دون أي تعريف لمفهوم الصفة ، أو للضوابط التي تلزم القاضي الاعتراف بها في ذات القانون ، صفة غير موصوفة إلى الآن لا يدركها إلا من لا يعرف؛ يُعترف بها للغني وللشريف وتحجب عن الفقير وعن الضعيف. واحدة من المآسي التي يتجرع المواطن الجزائري مرارتها في صبر وصمت مطبق.
الحكم على الشيء فرع من
تصوره. ومن بؤس التشريع والقضاء عندنا أن المشرعين ورجال القضاء يتصدون لتقعيد إجراءات
،
و طرق الفصل في المنازعات
في تركات وممتلكات الشعب ، بناء على مفاهيم هم أنفسهم عاجزون عن إدراك ماهيتها ، وإدراك
مكوناتها ومحدداتها و أبعادها.
محور البحث في هذا الجزء سيكون "صفة التقاضي في الدعاوى العقارية"
كما هي في المصادر وفي واقع المتقاضين من حيث: تعريف الصفة في مصادر التشريع الجزائري
المعمول بها في المحاكم والمجالس القضائية، وشروط تحققها في أطراف الخصومة، وأدلة الإثبات
المطلوبة للإقرار بها أو حجبها، ونتائج تطبيقاتها في حياة المواطن وفي الواقع العقاري.
وكيف نشأت؟ ولمصلحة من ؟ وكيف استغلت إبان
الحقبة الفرنسية لتجريد المواطن من ممتلكاته ؟ ، وكيف مازالت تستعمل غالبا حين تتوفر
الشروط لنفس الغرض ، وبخسة انذل وأحط.
وحيث أن قاعدة "الحكم على الشيء فرع من تصوره" تمثل إحدى أهم أركان فهم السلوك البشري بصفة عامة والحكم عليه ، ولأن رجال القضاء بشر وبالتالي ينسحب
عليهم ما يصدق على غيرهم، ، يلزم تأسيسا على ما سبق القول:
بأن التصور الفاسد أو القاصر أو المشوه
يعطي حكما من جنسه : حكما فاسدا ، قاصرا ،
مشوها وبالنتيجة باطلا حتى وإن افترضنا توفر
شروط: الاستقلالية ،و الحياد ، والموضوعية ، والنزاهة ، والرغبة في إحقاق الحق وتحقيق
العدل في مُصدِره.
الصفة لغة : هي العلامة
والسمة، الميزة، يعبر عنها بكلمات واصفة مثل: أسمر، طويل، رجل ، زراعية، فلاحية ، بور ، منحدر ، امرأة ، أبن ،أب ، جد ، زوج ، وارث ، واهب ، مرتهن. فكل
هذه الصفات وما شابهها مما يستعمل في صياغة العقود المتعلقة بالتصرفات وفي كل قول يريد
تخصيص شخص أو شيء بنعت من النعوت بغية مزيد من الفرز والتعريف .
يفاجأ المرأة حين يقف على
عدم وجود أي نص تشريعي في النصوص التشريعية الجزائرية، بل والشريعة الإسلامية التي
تتصدى للفصل في المنازعات العقارية يعرف ما
هي صفة التقاضي تعريفا فقهيا أو قانونيا جامعا
مانعا؛ أو على الأقل تعريفا يتوفر على شيء
من الدقة والتحديد ،ويمنح الأحكام القضائية تأسيسا قانونيا ، أو شيئا من الموضوعية ومن
ثمة المصداقية التي تخفف من الإحساس بالتمييز
والغبن والظلم والضياع، بل ترك الحبل على الغارب لرجال القضاء يلقون بحيثياتهم وأحكامهم في أوجه المواطنين برفض أو عدم قبول دعاويهم بحجة انعدام الصفة بدون ضابط.
وبالبحث في القوانين السارية
المفعول في مجال العقار ، يتضح عدم وجود أي تعريف لماهية الصفة القضائية لأطراف الدعوى
في العقار، بل هي وبكل ما دار حولها ، عبارة عن مصطلح مبهم غامض ، عائم غائم ، بلا عناصر ، ولا معايير محددة ، لا يحكم
بوجوده أو عدمه إلا من كان لديه قصور أو لديه تشوه مشين في الإدراك ،أو عنده استعداد
طبيعي وميل للتعسف في التحليل والتعليل والتقدير والحكم، لأن من يجهل حقيقة أو وضعا أو خاصية يدوسها بعفوية ، ويحتقرها بداهة لكون أن كل عمل يصدر من صاحبه عن جهل ، ينتج حتما
الفساد والعبثية والتناقض . وانطلاقا من هذه الحقيقة استمد العلم قيمته وقداسته لدى
الأمم المتحضرة ، وتزداد أثار ما ينتج عن الجهل
تفاقما حين يكون الجهل والجاهل محميين ؛ ومدعمين بالسلطة ، ؛ومعززين بالقوة
؛ ومحصنين حصانة قانونية وقضائية ، فيصبح المجموع صلفا وتجبرا ورحى تدور تطحن
...والشوان والحجر.
لا يوجد تعريف قانوني للصفة
ـ لا في القانون المدني ، ولا في قانون الإجراءات المدنية القديم ، ولا في قانون الإجراءات
المدنية والإدارية الجديد.
بل والأسواء أنه لا يوجد أي تعريف جامع مانع ، أو على الأقل متفق عليه لماهية الصفة القضائية في قضايا العقار حتى في كتب الشريعة ،سوى تعريفات جزئية متناثرة في كتب الفقه والقانون العامة متناثرة هنا وهناك يطعن بعضها بعضا غالبا ، قام بتقعيدها أفراد وفق قناعات ومصالح شخصية وملابسات ظرفية تحكمها الأهواء السياسية والمذهبية ، (حنفي ، حنبلي ، شافعي ، مالكي ....) فـ " من خلال استقرائي للمصادر القديمة والحديثة مما توفر بين يدي لم أجد من الفقهاء من عرف الصفة القضائية تعريفا مباشرا، وإن وجدت لها تطبيقات من خلال حديثهم عن الدعوى أشاروا فيها إلى "أن الصفة شرط من شروط الدعوى"[1]
بل والأسواء أنه لا يوجد أي تعريف جامع مانع ، أو على الأقل متفق عليه لماهية الصفة القضائية في قضايا العقار حتى في كتب الشريعة ،سوى تعريفات جزئية متناثرة في كتب الفقه والقانون العامة متناثرة هنا وهناك يطعن بعضها بعضا غالبا ، قام بتقعيدها أفراد وفق قناعات ومصالح شخصية وملابسات ظرفية تحكمها الأهواء السياسية والمذهبية ، (حنفي ، حنبلي ، شافعي ، مالكي ....) فـ " من خلال استقرائي للمصادر القديمة والحديثة مما توفر بين يدي لم أجد من الفقهاء من عرف الصفة القضائية تعريفا مباشرا، وإن وجدت لها تطبيقات من خلال حديثهم عن الدعوى أشاروا فيها إلى "أن الصفة شرط من شروط الدعوى"[1]
إذن اتفق الفقهاء على اعتبار توفر الصفة شرط لانعقاد الخصومة ، ولكنهم
لم يتفقوا ، على تعريفها ، ولا على طرق معينة لإثباتها ، وهي تختلف غموضا وظهورا حسب اختلاف القضايا ، فقد تكون ظاهرة
بينة لصيقة بالمتخاصمين ؛ كصفة الشرطي ، والدركي
، والوزير ، وقد تكون عارضة أو خفية
تحتاج إلى بحث وتحقيق بكل الطرق والوسائل ،
و القضاء بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة فيه تهديد خطير لحقوق المتضررين الذين يلجأون
للعدالة لحماية حقوقهم .
والتعريفات العامة على فقرها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُعَد قوانين ،وتُبْنَى عليها أحكام تهدد ممتلكات
الناس وحقوقهم ، ولا يجوز تسليطها على الرقاب
دون تبرير ودون أن يوضح لهم لماذا يفعل بهم ما يفعل ؟، وماهي الحكمة منه ؟ وعليه فهي لا
تلزم أحدا ، وعوض التصدي لهذه المعضلة ، أمعن المشرع والقائمون على شؤون السلطة القضائية عندنا في مد رقعة المأساة فاعتبروا الصفة من النظام
العام ، وتركوا الأمر لاجتهادا القضاة الفردية
،وفوضوا لهم حق منحها لمن شاؤوا من للمتقاضين أو حجبها ، بدون ضابط أو قاعدة ،فتفرق هؤلاء بدورهم تفرق الأهواء والميول والمصالح والضغوط ، والانتماءات والإغراءات ،
وخاصة في المنازعات العقارية فبعض القضاة يأخذ بمثل هذا التعريف والبعض الآخر يضرب
به عرض الحائط ، والبعض يأخذ بالشيء حينا وبنقيضه حينا آخر.
وفي ظل هذا الفقر الفقهي والتشريعي في مجال تحديد مفهوم صفة التقاضي ،وأوجهها؛ وشروط وإجراءات
إثباتها ؛ ومن يحق له إثارتها ، وضع المشرع شرط الصفة
لقبول الدعوى في مدخل قانون الإجراء المدنية
والإدارية الجديدة المادة 13 ،الذي شرع في حقبة سيادة الفساد والمفسدين ، وكأن هذه
المادة وضعت هنا عن قصد ، كي تعمق أكثر شقاء المواطنين و تسد عليهم باب المطالبة بحقوقهم
، أو على الأقل المطالبة بحمايتها من تكالب
مافيا العقار؛ على عكس قانون الإجراءات المدنية القديم الذي أخر ذكرها المادة 459 ق
إ م القديم ، ولعدم وضوح الرؤية في تحديد ماهي
الصفة القضائية ، وما هي أدلة توفرها أو عدمه تراكمت أحكام متناقضة متضاربة ، انعكس فيها ما يعيشه القضاء ؛ من تضارب في التصورات ، والمفاهيم والتعريفات التي
تدور حول تركيب "صفة التقاضي" والتي كثيرا ما يحكم بتوفرها أو عدم توفرها
بدون دليل وعلى غير أساس من الشريعة او القانون
أي أن حال من يشتغل بفقه القضاء عندنا كحال حاطب بليل .حيث يجعل القضاة –وبدون حرج- من توفر شيء أو خاصية لا يعرفونها شرطا
في المتخاصمين ، يتأسس عليه قبول أو عدم قبول الخصومة. وفي كلتا الحالتين دون نص قانوني
يشرح لماذا؟ و دون تبرير.
مشروعية الصفة : وقبل البدء
في مناقشة ، مسألة التضارب في شرط الصفة القضائية كما تعكسها التطبيقات ؛في نظام ومجتمع
يعتبر كل ما فيه عبارة عن ريع يحق لكل مسؤول فيه ، أن يأكل منه على قدر مسؤوليته وشراسته
وتوحشه ، وكمدخل يفسر جزءا من إشكالية (المنازعات العقارية في الجزائر) أي الصراع المرير
والقاسي القائم والمستمر بين " مافيا
العقار" التي ورثت الكولون بعد 1962 م . والتي وجدت لها ذخيرة وخزانا لا ينفد في طبقة القياد والبشاغوات ووكلاء فرنسا ومن معهم
من سماسرة التراب الذين تربعوا على سدة المؤسسات الفاعلة ، ووفروا لها غطاء حاميا ؛
إداريا وتشريعيا ؛وقضائيا. وبين المواطن البسيط
المهمش ( الفلاح البسيط الفلاق وابن الفلاق).
و لذلك يجدر تسجيل ملاحظة
بهذا الصدد، ملخصها أن في نواة القضاء الجزائري عيب خلقي، تعود بذوره إلى الحقبة الاستعمارية،
إن من حيث سلوك القضاة أو غايات جهاز القضاء برمته.
مهد المستعمر لتوظيف
"عدم قبول الدعوى لانعدام الصفة" في القضاء العقاري بجملة من الإجراءات والتشريعات :الإدارية
والقانونية ؛ تمثلت في إعداد العدة التي تمكنه أولا من تحطيم القدرات النفسية والعقلية
والمعنوية للمواطن الجزائري ؛ وإرغامه على الرضا بالمهانة ، ثم تأتي المرحلة الثانية
، وهي مرحلة كسر كل علاقة بين الفلاح الجزائري
وملكيته الموثقة ، وإنكارها ، وإتلاف سماتها ، ومحو آثارها ،لأن هذه العلاقة كانت وستبقى
هي منبع ودافع كل مقاومة .
وبعد أن قام المعمرون والقياد
والباشغوات بعملية السطو على أملاك وأراضي الأهالي ؛ أتي دور القضاة ليمنح للجرائم المرتكبة
في حق المواطنين غطاء قانونيا ، ويصبغها بصبغة الشرعية . وبه تنتهي عملية المصادرة والاستيلاء بطرق مبررة قضاء وهذا المنهج مازال مطبقا حتى الآن .
و كانت الاستراتيجية التي
اعتمدها المستعمر متدرجة وفعالة تمثلت في:
-1 قيامه بقطع وبتر الأواصر
والروابط العائلية بين المواطن الجزائري وأصوله ، وإتلاف كل دليل يثبتها في حال وجودها،
وجعل العائلة الجزائرية وأفرادها يظهرون بمظهر
الغرباء عن أهليهم
وعشائرهم وأراضيهم، من خلال تفتيت القبائل
والعروش والدواوير بل وتفتيت العائلة ذاتها كنواة.
2- طمس الأنساب وقطع الروابط
الأسرية: ولطمس هذا الروابط وتدمير أسس النظام
الاجتماعي القائم ، وعزل الأفراد ، وبث عوامل الفرقة والشقاق بين أبناء الأصل الواحد
،وتغيير أساس الملكية والاستيلاء على أراضي الأهالي لفائدة المعمرين والعملاء و والمتعاونين
معها فرضت فرنسا في 23 مارس1882
قانون الحالة المدنية ؛ أو قانون الألقاب الذي ينص على استبدال ألقاب الجزائريين الثلاثية
، وتعويضها بألقاب لا تربطهم بأنسابهم ،بل
تجردهم منها ،فتم تأسيس السجل الأم للحالة المدنية واستمر فرضه ، وفرضت عليهم ألقاب
غريبة ، قبيحة فيها من السخرية والإهانة ، والعنصرية والتمييز ما لا يحتمل ، واستمرت
العملية حتى سنة 1892م. وتأسيسا عليها وضعت عراقيل جديدة لانتقال الملكية وتسجيلها والتصرف فيها حتى
أن الكثير من رجال التشريع الفرنسيين أنفسهم ،
قد انتقدوا قوانينهم وإجراءاتهم المجحفة التي فرضها قادتهم على الأهالي الجزائريين
وربطوها بشروط و بآجال غير معقولة ، واتخذوها
مطية لتسليط مزيد من الغرامات؛ وسبيلا لمصادرة أراضي الأهالي في حال انعدامها أو انقضائها
؛ بعد أن قننت بحيث يسمح انقضاؤها بتبرير عملية إدراج أملاك الأهالي ضمن العقارات الشاغرة
السائبة ؛ ثم مصادرتها ، وبيعها في مزاد علني شكلي للمعمرين والقياد والباشغوات تُمنع
فيه بطرق احتيالية عروض غيرهم ، وتشكل خطرا على وجود من ينافسهم، ومن ضمنها هذه الاشتراطات الخبيثة، اشتراط الفريضة (l’acte
de filiation ) في نقل العقارات وتسجيلها
كما عبر أحد مشرعيهم في مداخلته أمام اللجنة المكلفة بمراجعة مشروع قانون تسجيل الملكية العقارية 1906م بقوله :
- " نحن نعلم ان التصاريح
بالمواليد وبالوفيات ،تُتَلقى في موطن الأهالي territoire indigène من
قبل القياد ، الذين لهم أجل ثمانية أيام لتحويلها إلى رئيس البلدية أو الإدارة (قانون
23 مارس 1882، المادة 18) حيث تقيد في سجلات الحالة المدنية. ولكن في الممارسة العملية في الواقع ، فإن الخوجة "كاتب البلدية" لا يقوم بترجمة وتسجيل التصريحات التي تلقاها خلال
الشهر إلا في نهاية كل شهر، و يُخشى أن تكون
مهلة العشر أيام الممنوحة لضابط الحالة المدنية غير كافية لنقل بيانات الوفيات إلى
المحافظ العقاري؛ لأن المهلة قصيرة جدا، ولكن
ما هو غير كاف على الاطلاق هو مهلة عشرين يوما
الممنوحة للورثة من الخلف لتحرير شهادة (الفريضة).
- إن إعداد الفريضة توجب على القاضي جمع شهود شرفاء؛
وبعدها الانغماس في حسابات كثيرة و معقدة للغاية، مما يتطلب غالبا فترة أطول بكثير
من هذه المهلة الممنوحة.
- وأخيرا، فإن الرسالة التي يوجهها المحافظ العقاري إلى ورثة الميت لن تصل بسرعة إلى مقصدها كما يتخيل المرء؛ لأن موزعي البريد لا يذهبون إلى كل نقطة في الدواوير. وعوضا عن ذلك يتم تسليم الرسائل المسجلة الموجهة إلى الأهالي، إلى الإداري لتوزيعها على أصحابها يوم السوق الأسبوعي؛ لذلك سوف يستغرق تسليمها حوالي ثمانية أيام. ونحن نرى أن مهلة 40 يوما المنصوص عليها في المادة 20 لتسجيل الورثة غير كاف على الاطلاق، وسوف يتجاوز دائما المهلة المحددة
- وأخيرا، فإن الرسالة التي يوجهها المحافظ العقاري إلى ورثة الميت لن تصل بسرعة إلى مقصدها كما يتخيل المرء؛ لأن موزعي البريد لا يذهبون إلى كل نقطة في الدواوير. وعوضا عن ذلك يتم تسليم الرسائل المسجلة الموجهة إلى الأهالي، إلى الإداري لتوزيعها على أصحابها يوم السوق الأسبوعي؛ لذلك سوف يستغرق تسليمها حوالي ثمانية أيام. ونحن نرى أن مهلة 40 يوما المنصوص عليها في المادة 20 لتسجيل الورثة غير كاف على الاطلاق، وسوف يتجاوز دائما المهلة المحددة
ويمكن للمرء أيضا أن يتساءل:
إلى أي مدى كان شرعيا فرض تكاليف على الأهالي غالبا ما تكون مرتفعة جدا؟؛ مقابل تحرير فريضة للورثة ، وهم على الرغم من أنهم ملاك لأراضيهم لا يكونون
غالبا قد قاموا بفرزها وترقيمها وتسجيلها
على أنفسهم.
هذا الاعتراض يبدو
أكثر خطورة عندما تفكر في أن الفريضة سيتم
طلبها مرة أخرى بمناسبة كل حالة وفاة لشريك في الملكيه. فإذا كنا نجد- كما يحدث
في كثير من الأحيان - ملكيات مشاعة، بين 50 أو 60 شخصا، واشترطنا الفريضة لكل حالة
وفاة، فإن ذلك سيصبح بلا شك عبئا ثقيلا على العقارات المسجلة ، وذات طبيعة تبعد الأنديجاني
عن تسجيل ممتلكاته".[2]
و"بسبب انعدام عقود
الحالة المدنية في القوانين الاسلامية ، اعتمدت الفريضة الموثقة
على يد القاضي بناء على شهادة الشهود كدليل على أثبات الأبوة " [3] . إذن
الفريضة هي في المقام الأول دليل على ثبوت النسب ، ثم كانت إحدى الوسائل التي
يعتمد عليها في قسمة العقارات وانتقال الملكية من السلف إلى الخلف ، ولم يكن يشترط
فيها التوثيق على يد موثق أو قاض أو فقيه إلا إذا كان هناك تعدد للورثة يتعذر معه حساب الأسهم وتحديد مناب كل وارث. وتحرير
الفريضة ،إذا حتمها الأمر ، كان يتم بناء
على تصريحات أصحاب الحقوق في العائلة المالكة والشهود التقاة الثقاة ، وتسمى فريضة
جدلية .
إن اعتبار تحرير
الفريضة شرطا لفرز الحقوق وانتقال الملكية العقارية بعد تفتيت الأسر عن طريق
اصطناع أو فرض ألقاب متباينة على أبناء الشخص الواحد أو الجد الواحد اعتبر من باب التكليف بتوفير المستحيل ، ولعل مثل هذا النقد الموضوعي
جزئيا هو ما جعل القضاء الفرنسي يستبعد اعتبار الفريضة شرطا لتوفر الصفة أو لقبول
دعاوى المتخاصمين في المنازعات العقارية وقضى في العديد من قراراته بأن الصفة تثبت
بكل الطرق المشروعة عكس المعمول به في القضاء الجزائري خاصة بعد دخول هذا الأخير
حقبة الفساد الشامل الذي أغرق الجزائر منذ إلغاء قانون الثورة الزراعية.
3- كانت عقود ملكية الكثير من العقارات المشاعة بين العروش أو العائلات محررة بأسماء أسلافهم الثلاثية ، ثم تكاثر خلف الفرق الدواوير والعروش والعائلات وكان الرابط دائما بين السلف و الخلف هو الأسماء والألقاب الثلاثية ، فغالبا ما يكون هناك اسم يتكرر مثلا اسم علي يتكرر بكثرة في فرقة أو عرش اولاد علي ، ويحي في عرش اولاد يحي ، والدراجي في فرقة أولاد دراج وهكذا ، فإلى جانب تكرر الأسماء هناك اللقب الثلاثي المنسوب للعرش الذي يحفظ السلسة والهوية مثلا تجدهم يعرفون الشخص : محمد بن سليمان بن الدراجي النايلي نسبا وسكنا.
4- حرق وإتلاف عقود الملكية: فبعد أن تبين لها أن حفظ وثائق الملكية لدى الجزائريين يتم عن طريق الأرشيف العائلي، بحيث لم يكن لدى القاضي الموثق سجلا لمحفوظا للتعاملات العقارية والتجارية ، بل كان القاضي يحرر العقد بحضور معاونيه والأطراف والشهود ، وعند الانتهاء يمنح لكل طرف نسخة من العقد المبرم ، وهم من يتكفل بحفظها لاستظهارها حين تنشب بينهم الخصومات والمنازعات، حينذاك عمدت إلى سلاح النار والدمار الشامل " razzia "؛ بحيث كان من أول ما أصدره بيجو قانون " تكثيف سياسة الأرض المحروقة بإباحة الحرائق وإتلاف الأرزاق" " فكانت القبائل والعائلات معرضة لأن تفقد كل وثائق ملكيتها بين ليلة وضحاها .
5- إبطال عقود ملكية رسمية : بموجب أحكام ينطق بها القضاة باسم الإمبراطور؛ ثم ؛في مرحلة تالية باسم الحكومة الفرنساوية مقابل رشاوى وإغراءات ووساطات ؛ أو تحت تهديدات وضغوط وإكراهات مدعومة بشهادات المرتزقة من شهود الزور الذين كان يسمح لهم بالاصطفاف أمام المحاكم ، ومكاتب التوثيق ليستدعوا للشهادة عند الحاجة مقابل مبالغ مالية ،تبيح للمعتدي : المعمر، والباشا آغا ، والقايد ، والعميل القومي الاحتفاظ بالغنيمة كجزء من أملاكه.
6 -مبدأ تجريد الأهالي
من أراضيهم : بكل السبل والوسائل وهو المبدأ الذي كرسه عمل السلطة الاستعمارية طوال
132 سنة – ثم تابعت تكريسه السلطات الفعلية التي ورثتها بعد ذلك وحلت محلها بطرق تفكيرها وتسييرها وسلوكها
التي تابعت - عن طريق أجهزتها المختلفة : التشريعية والقضائية والإدارية ، إقامة كل
ما يمكن من عقبات وعراقيل وحواجز قانونية تبرر إنكار وعدم الاعتراف بهذه الصفة أو العلاقة
، بل والعمل على تدميرها في حالة وجودها ،وفتح الأبواب أمام وكلاء الفاتحين والغزاة للاستيلاء
على أملاك المغلوبين، الذين عجزوا عن حماية ممتلكاتهم بحد السلاح. والفرق أن الأحكام والقرارات بعد 1962م أصبحت تصدر باسم الشعب الجزائري ضد أبنائه ولفائدة أعدائه.
و لأهن كان يعلم مدى فضاعة القاضي العميل وهوسه بارتكاب المظالم؛ فقد حمى المستعمر
مواطنيه إلى جانب الأوربيين واليهود من فساد هؤلاء القضاة بموجب الأمرية الصادرة في 26سبتمبر-22
أكتوبر1842 ؛المادة 33 والمادة 37 المصاغة هكذا:
المادة 33: "المحاكم الفرنسية
لها الولاية القضائية، على جميع الناس، في جميع المسائل المدنية والتجارية باستثناء
تلك التي يكون كل أطرافها من المسلمين، فإن ولاية نظرها تعود للقضاة [4] ". المسلمينومن المعاني التي يمكن
أن تفهم من هذه الصياغة أن من ليسوا بشرا، يجب أن يتحاكموا أمام قضاة ليسوا من
البشر كما سنرى.
أي يمنع على القاضي المسلم
نظر أي خصومة ، أطرافها ، أو أحد طرفيها ،
أوضمن أحد طرفيها شخص غير مسلم :أي إنسان .
والعكس '' قال الوزير في تقريره للملك:
"إنه لمن الأهمية القصوى سياسيا أن تكون أراضي الجزائر مأهولة وعلى وجه السرعة
ليمكن تطويرها. ولكن هناك واحدة من أكبر العقبات التي يمكن أن تعيق تقدم حركة الاستعمار
وهي حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار التي تكتنف الملكية العقارية. أيضا، فإن الأمر
ألذي يشرفني ان أتقدم به أمامكم يهدف إلى إلغاء قانون [.M.
Warnier...] وبصفة جوهرية إنهاء حالة الشك وتنقية وإصلاح و تأمين حقوق الملكية.
إنه من عادة الأهالي (الأنديجان)
تفضيل العيش في الملكيات المشاعة، وهناك عدد لا حصر له من الملاك على الشيوع لنفس العقار، وفي غياب نظام الحالة المدنية، مما جعل المشترين الأوروبيين(الغزاة)
في بعض الأحيان يضللون ويقعون في أخطاء بشأن من يبيعون لهم الأراضي، ومن العدل
والملح الإسراع بتنظيم مكتسباتهم. "
المادة 1- تعلن صالحة البيوع
التي وقعت في الماضي بين الأهالي ( الأنديجان)
والأوروبيين، المحررة أمام القضاة المسلمين المنصبة على حقوق القصر، والواقعة من قبل الأزواج
لحقوق زوجاتهم، ومن قبل الاخوة لحقوق إخوانهم، ...الخ .
وهذا يعني إجازة بيع ملك
الغير خلافا لكل خلق أو قانون أوعرف .
المادة 2 - تنص على أن
الإيجار السنوي يتضمن انتقال الملكية.
المادة 3- لا يطعن في أي
بيع صادر من جزائري (أنديجاني ) لأروبي بحجة انعدام أهلية التصرف.
المادة 4 – ينبغي أن تصاغ على الشكل التالي : "كلما كانت الدولة
أو الأوروبي، كمدع أو مدعى عليه، في نزاع يهدف
إسترداد الممتلكات، أو بطلان أو فسخ البيع أو إجراءات نقل الملكية، وبوجه عام جميع
الإجراءات الفعلية المتعلقة بحالة العقار يجب ان تعرض أمام المحاكم الفرنسية ويحكم
وفقا للقوانين الفرنسية "[5]
ومثل هذه القوانين، وهي كثيرة لا جدوى من عرض
المزيد منها كانت ضمانة كافية لتحقيق العدل بين غير المسلمين، وقهر الأهالي بتحكيم
الفساد في رقابهم، وفي أعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم.
فأحكام وقرارات
القضاء في الجزائر الفرنسية قبل 1962م مهما قيل فيها وعنها تبقى أرقى وأكثر عدلا وإنسانية من أحكام و قرارات ما
يطلق عليه تعسفا القضاء الوطني.
لقد بقيت شخصية القاضي
نمطية متوافقة مع جذورها المحفوظة في أرشيف المستعمر في التحيز؛ وانتهاك القانون،
وازدواجية المعايير، والارتزاق بالبيع والشراء والمقايضة في حقوق الضعفاء؛ فالقضاة
هم القضاة بنفس العقلية المنبطحة أمام الحاكم، وبنفس الرذائل و الفساد الأخلاقي
والسلوكي، وضعف التكوين.
والقياد والبشغاوات هم
نفس القياد ونفس الخونة، بنفس الخسة والنذالة والجشع وبمزيد من السلطة والنفوذ،
ونحن نعرض نماذج منها كما صورتها أقلام الفرنسيين وأعوانهم إبان الحقبة
الاستعمارية ونترك أمر مقارنتها بالوضع
الراهن، والحكم للمعنيين ، يقول أحد الضباط الفرنسيين و هو جزائري خريج مدرسة سان
سير العسكرية اسمه عبد الله:
أ- "أؤكد أنني سأقول الحقيقة، كل الحقيقة، ولا
شيء إلا الحقيقة: الكثير من القضاة، مثلهم مثل نظرائهم القياد يعملون على خداع الناس
وامتصاص دمائهم حتى آخر قطرة دم. وإذا كان التنافس العنيف ، في الممارسات المشتركة
للسلطة هو الفاصل غالباً بين المسؤولين والقضاة الأنديجان (الجزائريين)، فأن الاتفاق
المثالي سرعان ما ينشأ بينهما، بمجرد أن يتعلق الأمر بدافعي الضرائب التعساء إذ يكمل القاضي بمهارة عملية السلخ التي بدأها
القايد. وهكذا فالفرق الوحيد بينهما هو أن الأخير(القاضي) يأكل علنا، في وضح
النهار، ملقيا بجرأة تحديه للجمهور، بينما الأول (القايد) يطعن ضحاياه في الظلام
بطعنات رهيبة ترغمهم على التخلي عن أنفسهم و حقوقهم دون دفاع."[6]
ب- " وهكذا ففي الآونة
الأخيرة، واحد من هؤلاء (القضاة)، معروف جيدا
في مقاطعتي بنبله و كماله و نزاهته، لم يكن يرتاب في أني سأتناول مسألة العدالة
الإسلاميةla Justice musulmane ، فتوسل إلي
راجيا مني عدم تقديم أسلحة جديدة ضد جهاز فاسد معاب ومنتقد حتى من القضاة أنفسهم معترفا أن العدد الأكبر منهم هو وصمة عار في جبين المحاكم .
أشعر بأسف عميق لعدم استجابتي
لرغبته لأنني أكون إذا فعلت قد برهنت على فشلي في أداء واجبي وخنت ثقة الجمهور؛ ووافقت
على إخفاء وتغطية واحدة من أعمق الجراح في هذا البلد"[7]
ج-" خاضعين للتأثيرات والضغوط المحلية، وللأحقاد الأسرية والعائلية و المشاعر
المسمومة المتأججة بين السكان الأصليين، بقي القضاة جامدين داخل ممارساتهم القضائية الضارة و الجامدة
تخضع قراراتهم لأسباب بعيدة عن روح العدالة."[8] .
ومع الأسف قبل أن تسحب
فرنسا أبناءها من الثكنات و المحاكم والإدارات
والمصانع ، رتبت أمورها بحكمة ؛ بفضل حنكة قادتها ، وتخطيطهم المحكم، وإخلاصهم
لوطنهم ولثقافتهم، وللثقة التي وضعها فيهم
شعبهم ، ومعرفتهم العميقة والدقيقة بالتعامل مع العائلات العميلة التي حكمت بواسطتها الشعب الجزائري لمدة 132سنة يقول مصطفى بوقبة في حوار له مع جريد الشروق:
"ولما تقلّد لاكوست المهام خلفا لسوستال، شرع في تطبيق سياسة الترغيب والترهيب،
بخلق مناصب شغل للجزائريين لأن هناك حوالي 8 أو 9 ملايين جزائري وأغلبهم بطالون، وحتى
الترقية في المناصب التي لا تتطلب مستوى معينا فإنه يخفضه بالنسبة للجزائريين، حتى
داخل الجيش سواء الخدمة الإجبارية أو غيرها، وقد تم ترقيتهم لرتب عالية لم يحلم بها
المتعاقدون"[9].
والكثير من هؤلاء ؛وعلى غرار بقية المواقع التي تتطلب خدما وأعوانا كانوا في
المحاكم والمجالس القضائية ،وقد بذل لاكوست جهودا ليكوّن منهم أنذل خلف لأنذل سلف ، فتسلموا المهام وكانوا
ومازالوا عند حسن لاكوست وسوستال وذريتهما .و أصبح الكثير منهم قضاة بعد 1962م ،ومنحهم
القانون الحق بصورة مطلقة في منح الصفة وحجبها عن الجزائريين في قضايا العقار التي
تطرح على المحاكم ؛ ومع الأسف فمنذئذ 1830م لم يتغير شيء بل كل شيء
يتدهور يوما بعد يوم .
وما دمنا نتحدث عن الصفة، فالأولى أن نعرف صفة جهاز القضاء عندنا ، وأهليته، وشخصيته التي رسمها قضاته بسلوكهم في الخيال والتصور الجمعي للشعب الجزائري.
يقول علي يحي عبد النور المجاهد والوزير السابق، والمحامي ، وعميد المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر ، ومؤسس "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" 1985م ، والحاصل على جائزة منظمة الكرامة الكائن مقرها بجنيف : " عدالة ما بعد الاستقلال نسخة طبق الأصل من العدالة الاستعمارية ، والفرق الوحيد بينهما هو أن العدالة الاستعمارية كانت تطبق القانون". وهذا يعني "عدالة القياد والباشغوات الخونة"، لا يوجد فيها لا بشر ولا قانون.
وما دمنا نتحدث عن الصفة، فالأولى أن نعرف صفة جهاز القضاء عندنا ، وأهليته، وشخصيته التي رسمها قضاته بسلوكهم في الخيال والتصور الجمعي للشعب الجزائري.
يقول علي يحي عبد النور المجاهد والوزير السابق، والمحامي ، وعميد المدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر ، ومؤسس "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" 1985م ، والحاصل على جائزة منظمة الكرامة الكائن مقرها بجنيف : " عدالة ما بعد الاستقلال نسخة طبق الأصل من العدالة الاستعمارية ، والفرق الوحيد بينهما هو أن العدالة الاستعمارية كانت تطبق القانون". وهذا يعني "عدالة القياد والباشغوات الخونة"، لا يوجد فيها لا بشر ولا قانون.
فبعد 1962م ، ، وفي
غفلة من الشعب السكران بنشوة ما كان يعتقد أنه انتصار و إبعاد للعدو المستعمر ،
واستعادة للاستقلال ، وانعتاق من العبودية تسلل أبناء القياد والباشغوات والخونة
والعملاء في صمت إلى كل الأجهزة الحساسة في (الدولة) :العسكرية و الإدارية ، والاقتصادية وأهمها جهاز
العدالة بدعم وحماية من ضباط فرنسا المنبثين داخل الجيش الوطني الشعبي، وعقدوا شبكة علاقات واتصالات محكمة لها أهداف محددة في مقدمتها :
- احتلال مناصب القيادة في الجيش الوطني الشعبي.
- احتلال مواقع القيادة والتحكم في الإدارة.
- الاستحواذ على جهاز القضاء وخاصة مجالس القضاء والمحكمة العليا .
- تدمير الثورات: الصناعية، والزراعية والثقافية.
- تزييف وتشويه تاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر بشكل عام، وتاريخ الثورة التحريرية على وجه الخصوص.
- السعي في تجنيد وبث العيون والأعوان من المتاجرين بذممهم، وأبناء الحركى وعملاء فرنسا الصغار، وأبناء الخماسة الموالين لعائلات القياد والباشغوات في المديريات والمديريات الفرعية والمصالح الإدارية والأمنية على مستوى الولايات والدوائر البلديات.
- أضيفت لها مهمة استرجاع الأراضي والعقارات المؤممة بعد عام 1971م.
- إعادة ربط مصير البلاد ومستقبلها بذيل الدولة الاستعمارية "الأم الحنون" فرنسا التي ترعى (الجميع).
وفي عام 1971م بدأ
الامر يتكشف وبان بوضوح أن الرجل قد اختار الخط الوطني خاصة بعد توجهه في علاقاته
الدولية والخارجية صوب الاتحاد السوفياتي، والصين ؛ والبلدان الاشتراكية ؛ ومنظمة دول عدم الانحياز ، وعلى المستوى الداخلي
إعلانه عن تأميم البترول في 24 فبراير 1971م ، وعزمه على بناء قاعدة صناعية ثقيلة : (رويبة ، قسنطينة،
بلعباس- أرزيوا ،سكيكدة ، الحجار) ، إصداره قانون الثورة الزراعية 08 نوفمبر1971م، والشروع
في تطبيقه في تفس الشهر؛ ومباسرة بناء قرى الثورة الزراعية الذي حرر الخماسين من عبودية
السكن لدى الإقطاعيين وهو ما شكل ضربة قاضية للاستغلال الذي دام طوال عهد الاحتلال المباشر
،ثم مجانية العلاج وديمقراطية التعليم .
و في نظر فرنسا وطابورها بقيادة الضباط الذين تحولوا بناء على توجيهات من ديغول وجهاز مخابراته واندسوا في صفوف الثوار ابتداء من سبتمبر 1957م - فإن الأخطر من ضمن كل هذا الأهداف المرسومة- هو سياسة التعريب الذي سيزيح الفرنسية إذا ما كتب له النجاح ، خاصة و أن الرجل قد أعلن في خطابه للشعب " ليس هدفنا أن نعرب؛ وأن نسترد لغتنا فقط ، ولكن أن نطور هذه اللغة حتى لا تبقى لغة الشعر والغراميات...بل تصبح...لغة التعامل في سكيكدة في مصانع الغاز ،والبتروكيمياويات، وفي الأوساط العمالية والفنيين والمهندسين في الحجار " وهذا يتعارض جوهريا واستراتيجية فرنسا التي تجعل من أهم اهدافها الحفاظ على جعل السيادة المطلقة للغة الفرنسية دون سواها في الجزائر ، ومن هذا كله ظهر لفرنسا و لطابورها الذي كان يراقب الأمر عن قرب أن الجزائر على وشك أن تفلت منها ، فاعتمدا معا – فرنسا وقواها الضاربة في الجزائر أسلوب المناورة والتمويه ، فتظاهرت الاولى بأنها لا تتدخل في شؤون الجزائر، وهي تحترم اختياراتها كدولة مستقلة ؛ وسارع أبناء القياد والبشغوات والخونة إلى التظاهر بالثورية والوطنية من خلال التهليل لقرارات مجلس الثورة في ثوراته الثلاث . و سارعوا إلى التبرع بممتلكاتهم وممتلكات غيرهم لفائدة الثورة الزراعية ، وانطلقت حملة إعلان قوائم المتبرعين عبر وسائل الإعلام ، وشرع في تكوين الاوعية العقارية للتعاونيات بضم أراضي المواطنين البسطاء إلى أراضي القياد و تسجيلها زورا وخلافا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الثورة الزراعية على ذمة القياد والبشغوات بفضل أبنائهم المهيمنين على الإدارة والقضاء من كتاب ورؤساء دوائر ومهندسين فلاحيين وظفوا كخفراء وأتباع وخدم لرؤسائهم وليس للقانون ، ولجان بلدية جل أعضائها أميين يبصمون بأصابعهم دون علم بالمبصوم عليه وفتحت السجون للمعترضين من الفلاحين البسطاء الذين نزعت منهم أراضيهم وضمت لأملاك القياد والبشغوات وعملاء المستعمر ، ورضي بعضهم تحت القهر والقمع أن يتحولوا من ملاكين لأراضيهم إلى مجرد مستفيدين فيها ، وسارت الأمور وفق استراتيجية محسوبة مسبقا. وفي المقابل جمل أبناء القياد والبشغوات والعملاء صورتهم البشعة أمام الرأي العام ، وتحصلوا على مزيد من الوظائف والمناصب في دواليب الدولة ، ودعموا صفوفهم بشكل لم يكونوا يتوقعونه ، واخترقوا الحزب العتيد الوحيد الذي كان مخترقا بشكل فاضح ومن خلاله فتح الباب أمام أفواج جيش فرنسا المدني لإثبات عضويتهم في المنظمة الوطنية للمجاهدين
يقول أحمد بن شريف : "عدد المجاهدين المزيفين فاق 30 ألف وبعضهم حركى" لهم شهادات عضوية في منظمة المجاهدين، دعموا بها شهاداتهم المدرسية والعلمية المزيفة ، وأصبغوا بها الشرعية على استحقاقهم لمناصبهم في سلم المسؤولية . وزادوا في تمتين روابطهم ،وتوحيد مصيرهم الموحد أصلا ، بالمصاهرة والتزوج فيما بينهم وهي العادة التي ورثوها عن أسلافهم من العهد الاستعماري المباشر.
ثم بدأ الهجوم المضاد من
الباطن وبكثير من الحنكة والخبث عبر التحكم في الاتصال والإعلام، وتضليل الشعب بواسطة
الشعارات الفارغة: من الشعب وإلى الشعب، اخدم أرضك يا فلاح و... وتقديم المعلومة الكاذبة
في الاتجاهين، وعزل الرئاسة-خاصة بعد منتصف السبعينات - عن الشعب بحيث لا يصل إلى الرئاسة
إلا ما يسمحون هم بوصوله.
وخاصة إذا عرفنا أن الجهل كان متفشيا بين أبناء الشعب البسيط ، وأن فرنسا كانت قد سحبت جميع إطاراتها وخلقت فراغا مرعبا شل مرافق الدولة ، وتحت ضغط حاجة النظام الماسة إلى أبنائه ؛عاد حزب فرنسا ليحتل الجزائر من الداخل ، فكان معظم من شغل وظائف الكتاب والكتاب العامين في البلديات ، والدوائر والولايات ، وكتاب الضبط في المحاكم والموثقين ، والقضاة في المحاكم ، والمجالس القضائية ، والمجلس الأعلى للقضاء، وفي الإدارة المركزية و باقي المؤسسات العمومية عبارة أفراد من تركة استعمارية موبوءة ينحدرأفرادها من عائلات القياد والباشغوات ، والعائلات العميلة التي وقفت ضد كل الثورات المتتابعة التي قادها الشعب ضد الاستعمار الفرنسي، وقارعتها ثورة بعد ثورة ،تحركها الكراهية والأحقاد الدفينة والرغبة في الانتقام .
ولامتصاص دم الشعب وفق ما يقتضيه موروثها الأخلاقي نشطت الشبكة الخبيثة في التزوير واستعمال المزور، والإرشاء والإرتشاء والتحريف والتزوير في كل شيء عند هؤلاء,، حتى كان يمكن للمواطن مثلا ، أن يستخرج له 10 شهادات ميلاد أو أكثر بنفس الرقم و بخط نفس الكاتب من نفس السجل مختلفة في كل شهادة معلومة خاطئة عن قصد حيث : يواجه المواطن في البداية بإنكار وجود الوثيقة المطلوبة في الإرشيف بعد تصفح متكاسل يوحي بالطلوب للسجل، فيضطر المواطن المسكين لدفع رشوة بـ 05 أو10ؤدنانير ليقوم الكاتب المدلل بالتفتيش له عنها ، ويطلب من المواطن الانصراف والعودة بعد أجل يحدده الخبيث ،فيمتثل (المواطن) المسكين مع تأكده أن وثيقته موجودة في المصلحة لأنه سبق له أو لوالده أو والدته استخراجها، ولكنه- من جهة أخرى- يعلم وهو الجاهل الأعزل- أنه إذا ما عبر عن غضبه ،أو اشتكى، أو ثار فسيعاقب بحرمانه من حاجته ، وقد يمزق اصلها وتنتزع من جذورها ، أو يحول إلى من هو أسوأ و أفسد من الكاتب بألف مرة ، وقد يستدعى الدرك أو الشرطة ، وقد بتعرض لضرب مبرح ، أوتلفق له قضية بتهمة إهانة موظف أثناء أدائه وظيفته ،- ليس بهذا الوضوح ولكنه شاهد أو سمع بعاقبة من تصرف مثل هذا التصرف قبله - ثم قد يكون الحبس ، وهو يعلم أن المحكمة مسكن الشياطين ، ومربض إبليس اللعين فيستسلم .
وبعد انقضاء الأجل المحدد يعود ، ويجلس منكمشا صامتا ينتظر وفق ما يقتضيه النظام الموروث عن السلطة الاستعمارية ،ثم يفهم ،فكي يلتفت إليه الموظف المسترزق لابد أن يناديه بأدب ويصافحه بيد فيها 05 دنانير ، ويحصل على وثيقته ، و ولكنه لا يلبث ان يعود بعد أيام لاستخراج نفس الوثيقة لأنها رفضت بسبب وجود خطإ فيها ، وبشأن نفس الوثيقة سيتكرر الذهاب والإياب ، وفي كل مرة ن رشوة بـ 05 ،10، 15، 20...دينار او دنانير ، مرة خطأ في اللقب ، وأخرى الخطأ في الاسم ، والثالثة الخطأ في اسم الأب... والرابعة في تاريخ الميلاد ..... وكل ما 00؟ دينارا تقدم ثمنا لطلب تصحيح الخطأ المرتكب الذي يستبدل عن قصد بخطإء آخر، مع العلم ان أجرة الأجير كانت بين 07 دنانير إلى 14 ديتار يوميا. قد تكون هناك أنواع أخرى من الرشا ،كالسخرة ، أو مجموعة من طيور الحجل ، اوغزال ، أو عسل و لوز، أو لترات من زيت الزيتون او غيره مما يؤكل أو يلبس أو يستعمل. وترتفع قيمة الرشوة وتنخفض حسب الخدمة المطلوبة، وحسب مركزي الراشي والمرتشي. هذه هي الثقافة التي فرضها أبناء القياد والباشغوات والعائلات العميلة على الشعب الإنديجاني عديم الكرامة ؛ الذي تجرأ وحارب أمهم الحنون ، ينضاف إلى ذلك أن حراس معظم هذه الإدارات والمرافق ، وسعاة بريدها ، وعمال التنظيف فيها ، والساعين لتحصيل مصالح رجالها كانوا من قدماء المجاهدين وعائلات الأسرة الثورية.
وهذا لم يكن شاذا ، ولكن عكسه هو الشاذ ، ولم يكن خاصا بمؤسسة أو مرفق ولكنه كان هو العام ،باستثناء وزارة التربية والتعليم وعلى وجه خاص في المستويات الدنيا منها التي ملئت بالممرنين وقليل من المساعدين أغلبهم من أبناء الشهداء والأسرة الثورية الذين سدت في وجوههم مناصب العمل المحتلة من أبناء حزب فرنسا في المدن ، فلم يجدوا غير . المدارس التي انتشرت في القرى والأرياف و المدارس الجبلية المتفقرة لأبسط شروط الحياة والتي لا يطيقها ولا تليق بمقام ابن القايد.
تم في 1975م حين أصبح بوعلام بن حمودة وزيرا للعدل ، اكتشاف مجموعة من القضاة الذين كانوا ضد الثورة وتسللوا لسلك القضاء ، ومجموعة أخرى من القضاة المرتشين ، وهذا لا يعنى أنه تم كشف كل الخونة و المرتشين ، ولكنها كانت قطرة من بحر ، وحاول بوعلام بن حمودة الاستمرار في عملية التطهير ، لكن الرئيس بومدين امره بوقف العملية لأسباب مازالت مجهولة ، ويقال كي لا تشوه سمعة الجزائر ، أو سمعة النظام ، ورأي يرى أنه حتى في هذه المرحلة كان حزب فرنسا مهاب الجانب ، ،وبدلك تعاظم الداء في السر والخفاء. وحين قرر الرئيس هواري بومدين التصدي إلى حقيقة ما كان يجري حوله كان الوقت قد فات.
ولامتصاص دم الشعب وفق ما يقتضيه موروثها الأخلاقي نشطت الشبكة الخبيثة في التزوير واستعمال المزور، والإرشاء والإرتشاء والتحريف والتزوير في كل شيء عند هؤلاء,، حتى كان يمكن للمواطن مثلا ، أن يستخرج له 10 شهادات ميلاد أو أكثر بنفس الرقم و بخط نفس الكاتب من نفس السجل مختلفة في كل شهادة معلومة خاطئة عن قصد حيث : يواجه المواطن في البداية بإنكار وجود الوثيقة المطلوبة في الإرشيف بعد تصفح متكاسل يوحي بالطلوب للسجل، فيضطر المواطن المسكين لدفع رشوة بـ 05 أو10ؤدنانير ليقوم الكاتب المدلل بالتفتيش له عنها ، ويطلب من المواطن الانصراف والعودة بعد أجل يحدده الخبيث ،فيمتثل (المواطن) المسكين مع تأكده أن وثيقته موجودة في المصلحة لأنه سبق له أو لوالده أو والدته استخراجها، ولكنه- من جهة أخرى- يعلم وهو الجاهل الأعزل- أنه إذا ما عبر عن غضبه ،أو اشتكى، أو ثار فسيعاقب بحرمانه من حاجته ، وقد يمزق اصلها وتنتزع من جذورها ، أو يحول إلى من هو أسوأ و أفسد من الكاتب بألف مرة ، وقد يستدعى الدرك أو الشرطة ، وقد بتعرض لضرب مبرح ، أوتلفق له قضية بتهمة إهانة موظف أثناء أدائه وظيفته ،- ليس بهذا الوضوح ولكنه شاهد أو سمع بعاقبة من تصرف مثل هذا التصرف قبله - ثم قد يكون الحبس ، وهو يعلم أن المحكمة مسكن الشياطين ، ومربض إبليس اللعين فيستسلم .
وبعد انقضاء الأجل المحدد يعود ، ويجلس منكمشا صامتا ينتظر وفق ما يقتضيه النظام الموروث عن السلطة الاستعمارية ،ثم يفهم ،فكي يلتفت إليه الموظف المسترزق لابد أن يناديه بأدب ويصافحه بيد فيها 05 دنانير ، ويحصل على وثيقته ، و ولكنه لا يلبث ان يعود بعد أيام لاستخراج نفس الوثيقة لأنها رفضت بسبب وجود خطإ فيها ، وبشأن نفس الوثيقة سيتكرر الذهاب والإياب ، وفي كل مرة ن رشوة بـ 05 ،10، 15، 20...دينار او دنانير ، مرة خطأ في اللقب ، وأخرى الخطأ في الاسم ، والثالثة الخطأ في اسم الأب... والرابعة في تاريخ الميلاد ..... وكل ما 00؟ دينارا تقدم ثمنا لطلب تصحيح الخطأ المرتكب الذي يستبدل عن قصد بخطإء آخر، مع العلم ان أجرة الأجير كانت بين 07 دنانير إلى 14 ديتار يوميا. قد تكون هناك أنواع أخرى من الرشا ،كالسخرة ، أو مجموعة من طيور الحجل ، اوغزال ، أو عسل و لوز، أو لترات من زيت الزيتون او غيره مما يؤكل أو يلبس أو يستعمل. وترتفع قيمة الرشوة وتنخفض حسب الخدمة المطلوبة، وحسب مركزي الراشي والمرتشي. هذه هي الثقافة التي فرضها أبناء القياد والباشغوات والعائلات العميلة على الشعب الإنديجاني عديم الكرامة ؛ الذي تجرأ وحارب أمهم الحنون ، ينضاف إلى ذلك أن حراس معظم هذه الإدارات والمرافق ، وسعاة بريدها ، وعمال التنظيف فيها ، والساعين لتحصيل مصالح رجالها كانوا من قدماء المجاهدين وعائلات الأسرة الثورية.
وهذا لم يكن شاذا ، ولكن عكسه هو الشاذ ، ولم يكن خاصا بمؤسسة أو مرفق ولكنه كان هو العام ،باستثناء وزارة التربية والتعليم وعلى وجه خاص في المستويات الدنيا منها التي ملئت بالممرنين وقليل من المساعدين أغلبهم من أبناء الشهداء والأسرة الثورية الذين سدت في وجوههم مناصب العمل المحتلة من أبناء حزب فرنسا في المدن ، فلم يجدوا غير . المدارس التي انتشرت في القرى والأرياف و المدارس الجبلية المتفقرة لأبسط شروط الحياة والتي لا يطيقها ولا تليق بمقام ابن القايد.
تم في 1975م حين أصبح بوعلام بن حمودة وزيرا للعدل ، اكتشاف مجموعة من القضاة الذين كانوا ضد الثورة وتسللوا لسلك القضاء ، ومجموعة أخرى من القضاة المرتشين ، وهذا لا يعنى أنه تم كشف كل الخونة و المرتشين ، ولكنها كانت قطرة من بحر ، وحاول بوعلام بن حمودة الاستمرار في عملية التطهير ، لكن الرئيس بومدين امره بوقف العملية لأسباب مازالت مجهولة ، ويقال كي لا تشوه سمعة الجزائر ، أو سمعة النظام ، ورأي يرى أنه حتى في هذه المرحلة كان حزب فرنسا مهاب الجانب ، ،وبدلك تعاظم الداء في السر والخفاء. وحين قرر الرئيس هواري بومدين التصدي إلى حقيقة ما كان يجري حوله كان الوقت قد فات.
وفي محاولة منه
لمواجهة الخطر المحدق بمستقبل البلاد ، وحسب تصريح بن يوسف بن ملوك :" بعد وصول تقارير من الوظيف العمومي تنص على أن هناك الكثير من ملفات العمال بها وثائق وشهادات متناقضة تستحق البحث والتحقيق في شأنها إذ تثبت أن أصحابها كانوا عمالا زمن الثورة ، وفي نفس الوقت وفي نفس الملفات هناك شهادات أخرى تثبت أنهم كانوا في كتائب الجهاد وجبهات القتال في الجبال و عليه أمر المرحوم هواري بومدين قبل وقاته بعقد
مجلس الوزراء بموجب منشور مؤرخ في
24/10/1978م رقم 640 بحضور وزير المجاهدين ، ووزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة
، ورئيس الجمهورية من [1999م - ...] وكان على رأس جدول أعمال المجلس تنقية الإدارة من المسؤولين المزورين الذين تحصلوا
على حقوق ومناصب غير مستحقة بوصفهم مجاهدين
ومناضلين بينما هم في حقيقتهم كانوا موظفين في الإدارة الاستعمارية ومتعاونين معها
ومع أجهزتها القمعية .
وبعيد انتهاء المجلس
، وصدور المنشور ، أرسل إلى وزير العدل بن حبيلس
الذي أحاله بدوره إلى مدير
الموظفين بوزارة العدل ، وهذا الأخير كلفني بتنفيذه و مباشرة التحقيق وحصر عدد الموظفين المجاهدين في وزارة العدل بصفتي رئيس مصلحة المنازعات و الشؤون الاجتماعية بذات الوزارة
؛ وبهذه الصفة –حسب تصريحه- اتصلت بمصلحة الموظفين باعتبارها الماسكة لملفات العمال
والموظفين وبالتنسيق مع نائب مدير مصلحة الموظفين ، والسيد حنطابلي مصطفى ، وعطا الله
رشيد
عن مكتب القضاة بالوزارة ، وبدأت التحقيق
في ملفات قضاة وموظفي وزارة العدل بما فيهم
قضاة المحكمة العليا".
وبتقدم
التحقيق وجدت من بين القضاة المجاهدين المزيفين من كان يشتغل في المحاكم الفرنسية ، وفي الادارات الفرنسية والمغربية، ومنهم من فر إلى
الخارج فكان يدرس في مدارس بفرنسا و بالمشرق
والمغرب وبسويسرا ومن بين القضاة الذين كان
يفترض فيهم أن يكونوا قدوة في الاستقامة والنظافة والالتزام واحترام القانون وجدت نوابا
عامين ،ووكلاء جمهورية ، ورؤساء مجالس قضائية
،ورؤساء محاكم وحتى قضاة في مجلس الدولة و في المجلس الأعلى ، وكتاب ضبط و وموثقين وحراس سجون مزيفين.
" وبدأت التحقيق بملفات بالقضاة وحدهم فوجدت
- من بين مجموع قضاة وزارة العدل المحدد آنذاك بـ 700 قاض موزعين على مستوى محاكم الوطن
، وقبل أن أنهي التحقيق في كامل الملفات
- 520 قاض مزور، أخفوا صفاتهم الحقيقية ،واستحوذوا
على صفة مجاهد بدل صفة [....] و استفادوا بفضل التزوير واستعمال المزور من ترقيات ، وأصبحوا بفضل ذلك قضاة مرسمين ".
وحين تيقن المتضررون أن تنفيذ هذ المنشور سيطالهم ، ويكشف جزءا من حقيقة العصابة
البشعة المنبثة في مختلف مفاصل النظام، تم
على وجه السرعة تسميم بومدين "بفيروس غير معروف المنشأ ولا واضح المسار"
حسب تشخيص رئيس الفريق الطبي الروسي الذي كلف
بعلاجه ، وضع في طعام قدم له بالطائرة الرئاسية
في رحلة عودته من مؤتمر القمة العربية التي عقدت في دمشق ؛ وقد عجز كبار الأطباء
السوفيات عن تشخيص طبيعته، ونفس العجز طال كبار أطباء أروبا الذين كانوا ينتظرونه عند
عودته إلى الجزائر.
يواصل السيد ملوك تصريحه: "وبمجرد وفاة الرئيس
هواري بومدين ، ومع تقدم التحقيق ، واطلاع وزير العدل على القائمة غير النهائية التي
قدمتها له بمكتبه في الوزارة، والتي كانت تضم 500 قاض مزيف المذكورين أعلاه ، وجد فيها أشخاصا لهم علاقة مصاهرة
برجال في السلطة وفي النظام ، وكانوا قد مدوا جذورا في الوسط السياسي، والذين كان من بينهم قاض بمحكمة بئر مراد رايس هو
والد مدير مكتبه والكاتب العام لوزارة العدل محمدي محمد الصالح الذي أصبح فيما بعد
وزير الداخلية ، وأسماء قضاة آخرين يعرفهم
و يشتغل معهم ، كان منهم أخو علي كافي ، وصهر جغابة
وزير المجاهدين و... وبعد تيقن بن حبيلس ،بأن التحقيق سيصل إليه شخصيا إذا تواصل ، وسيكشف حقيقته ، وحقيقة
الكثير من أقربائه وأصدقائه ومعارفه ، والكثير ممن كانوا مندسين فيالسلطة، وفي دواليب النظام، و في جهاز العدالة على
وجه الخصوص، وفي الإدارة وكافة المرافق والقطاعات الحساسة، أمرني بوقف التحقيق فورا".
إذن ما نشهده الآن
من خلال الأحكام والقرارات التي بأيدينا من تزوير للحقائق ـ وتغيير للوقائع وتدليس وتعمية، وطمس للأدلة وانتهاك للقانون، ورعاية
للظلم وللجرائم جهارا نهارا في حق العقار العام والخاص، له جذوره في السلطة ، وله جذوره في القائمين على جهاز القضاء (الجزائري ) وهو موروث
مقدس من القضاء الاستعماري مفروض على الأنديجان
في جمهورية " "La nouvelle Algérie française"
بعد اندلاع ثورة نوفمبر ذات نوفمبر 1954 قال فرانسوا ميتران مطمئنا المعمرين والقياد والبشغوات والعملاء : " إن الجزائر هي فرنسا" وقد صدق وعده ، بعد الوهم الذي عاشه القسم الأكبر من الشعب الجزائري خلال مرحلة (1962-1979).
ففي 30 من ذات الشهر
عام 1981 نزل فرانوا فرنسا بأرض الشهداء ،عبر
شارع الشهداء، ثم ديدوش مراد تحت تصفيق الشعب المهزوم ، و المؤطر بالمجاهدين المزيفين، والمرتدين، والمهزومين الذين
استسلموا أخيرا فوقفوا يتفرجون على المشهد في صمت. واستقبله الرئيس الشاذلي بحفاوة كبيرة ترضي المحيطين
به من طاقم نظامه ، ولأن فرانسوا فرنسا لم يصدق أنه فعلا قد داس
الثرى الذي روته دماء مليون ونصف من
الشهداء ودماء ما يضاهيهم من الجرحى والمعطوبين
، ولم يصدق أن الجزائر قد استسلمت أخيرا بعد كابوس بومدين المزعج ، وليتأكد من أن ما عاشه حقيقة وليس حلما عاد في
19 اكتوبر 1984، وليبرهن له جنده المرابطون بأرضنا ان الأمر حقيقة لا شك فيها قدموا له حصانا أصيلا جزائري المنبت والدم من منطقة تيارت ،من سلالة
حصان الأمير عبد القادر الذي هام على وجهه
بعد انكسار المقاومة ، و أسر فارسه واحتضنته المنافي، كتبت عنه صحيفة باري ماتش بأنه
" أغلى حصان في العالم".
يواصل بن يوسف ملوك " وبعد ذهاب بن حبيلس ، الذي أصبح الكاتب العام للشاذلي ، أسندت وزارة العدل إلى لحسن سوفي في حكومة الشاذلي الأولى ، فأعلمته بالقضية وبعد تشاوره مع مدير الموظفين الجديد بلحاج الذي كان نائبا عاما بمجلس قضاء المدية أمرني باستئناف الجرد وإتمام العمل ، وبمجرد أن أنهيت العمل ، وتضخمت القائمة، واطلع عليها الكاتب العام محمدي ، ووجد أن القضية قد كبرت فتأزمت العلاقة بين وزير العدل والكاتب العم محمدي ، الذي استطاع أن يدبر بالتعاون مع مدير العمال ، مؤامرة ضد وزير العدل ، محمدي كان قويا جدا فهو الكاتب العام منذ عام من1963م، وكل أجهزة الأمن بيده ، ، والعدالة بيده يفعل ما يشاء ، كانت عدالة محمدي ،وتمكنوا هو والكاتب العام للرئاسة، بن حبيلس الذي كان وزيرا للعدل من قبل ،لأن هناك في القائمة بن حبيلس آخر رئيس محكمة بئر مرادرايس، من تجميد قائمة المجاهدين المزيفين قبل أن نحول الملفات إلى وزارة المجاهدين، ولعل هذا ما عجل برحيل الحكومة التي كان وزيرا فيها ، وأبعد سوفي نهائيا بعد عام بسبب هذه المافيا السياسية القضائية ، وانتصر محمدي معه.
يواصل بن يوسف ملوك " وبعد ذهاب بن حبيلس ، الذي أصبح الكاتب العام للشاذلي ، أسندت وزارة العدل إلى لحسن سوفي في حكومة الشاذلي الأولى ، فأعلمته بالقضية وبعد تشاوره مع مدير الموظفين الجديد بلحاج الذي كان نائبا عاما بمجلس قضاء المدية أمرني باستئناف الجرد وإتمام العمل ، وبمجرد أن أنهيت العمل ، وتضخمت القائمة، واطلع عليها الكاتب العام محمدي ، ووجد أن القضية قد كبرت فتأزمت العلاقة بين وزير العدل والكاتب العم محمدي ، الذي استطاع أن يدبر بالتعاون مع مدير العمال ، مؤامرة ضد وزير العدل ، محمدي كان قويا جدا فهو الكاتب العام منذ عام من1963م، وكل أجهزة الأمن بيده ، ، والعدالة بيده يفعل ما يشاء ، كانت عدالة محمدي ،وتمكنوا هو والكاتب العام للرئاسة، بن حبيلس الذي كان وزيرا للعدل من قبل ،لأن هناك في القائمة بن حبيلس آخر رئيس محكمة بئر مرادرايس، من تجميد قائمة المجاهدين المزيفين قبل أن نحول الملفات إلى وزارة المجاهدين، ولعل هذا ما عجل برحيل الحكومة التي كان وزيرا فيها ، وأبعد سوفي نهائيا بعد عام بسبب هذه المافيا السياسية القضائية ، وانتصر محمدي معه.
وعين باقي بوعلام وزيرا للعدل في حكومة محمد عبد الغني الثانية (1980-1982م).والثالثة
( 1982-1894) ، وكان محمدي مازال كاتبا عاما لوزارة العدل. وبمجرد
تسلمه لمهامه أمر الوزير الجديد بوقف العملية، و أبعدت من المصلحة ووضعت في أروقة وزارة
العدل.
وبعد ذهاب باقي بوعلام ، وتعيين خروبي على رأس وزارة
العدل ، أمر باستئناف العملية عندما علم بها ، واعتدني إلى منصب عملي ، وبمجرد استئنافها
أوقفها محمدي من جديد ، لأنها أصبحت أخطر إذ كان جغابة وزيرا لوزارة المجاهدين حينما
أرسلنا إليها القائمة ، وبأمر من خروبي وجغابة
جمدت القائمة ، وحولني خروبي وزير العدل إلى مكتبه ، أتقاضى أجرا دون أن أقوم بأي عمل.
ثم جاء بن فليس وزيرا للعدل، و طرحت عليه القضية،
فتهرب ورفض تحريكها لأنه هو نفسه كان قاضيا، ويعرف الكثير من هؤلاء القضاة ، وكان يعرف
محمدي ، وسبق لهما العمل معا."
هذا يكشف بالبرهان أن العمود الفقري للقضاء الجزائري
يتكون من عصابة من المزورين.
والأمر لا يتوقف على وزارة العدل فقط فبعد وفاة بومدين
رحمه الله ، وفي عهد الشاذلي وما تلاه ثم تعطيل ثم
الشروع في هدم وتدمير كل ما بناه بومدين وعلى جميع المستويات
والأصعدة، صخرة فصخرة وحجرا حجرا ، وطوبة طوبة
تحت العين الحارسة والراعية لفرنسا ، وبعد أن أصبح الكثير من طابور فرنسا ومن المزيفين مجاهدين من أصحاب الحقوق المقررين لمستفبل البلاد، أصدروا القانون رقم
81/01 المؤرخ في 07 فبراير 1981 المتضمن التنازل
عن أملاك (الدولة) وباعوها لأنفسهم ولأبنائهم و أقاربهم بالدينار الرمزي، أملاك(الدولة ) التي قتل من أجلها الآلاف من الشهداء ودفعوا ثمنها دماء زكية وأرواحا طاهرة ،حصل عليها أعداؤهم ، وأبناء أعدائهم الذين استولوا على الشحم واللحم وتركوا العظم والبعر والفرث"للزوالية". وراحوا يستمتعون بثمار
الاستقلال على مهل تحت ظل السلاح والقمع ، والشعب الجائع ينظر ، حين ثار الزوالية
في الثامن من أكتوبر 1988م ، واجههم السلاح الذي دفعوا ثمنه من عرقهم وسلموه لوكلاء فرنسا ،
وأطفئت ذخيرته الحية في صدورهم. ومن نجا منهم سحب إلى "المحاكم" ليحاكم بعدل المزيفين
على عدم قدرته على تحمل مزيد من الذل والمهانة.
وبعد عامين أحداث أكتوبر ، وللإمعان في إذلال الشعب ، ولمكافئة أبناء القياد
والباشغوات على تصديهم الحاسم والرادع لثورة الجوعى وأبناء الفلاقة ، تم عكس الاتجاه
بدرجة كاملة فصدر القانون القاضي بإالغاء
الثورة الزراعية واسترجاع ، وليس إرجاع ، القياد والباشغوات والعملاء لممتلاكتهم ، وممتلكات
غيرهم من المواطنين ، والتي كانت قد نزعت من ملاكها وضمت ظلما وزورا لممتلكاتهم إبان
1971 ،وشكلت لجان على مستوى الولايات ومديريات الفلاحة تضم أبناء القياد والبشغاوات
العملاء (المستفيدين من قرارات الاسترجاع) ، وإخوانهم وزملائهم في الإدارة ، وأعطوا
تعليمات صارمة لأتباعهم على تنصيب كل صاحب قرار منهم حيث يقول وحيث يرغب ، بغض النظر أكانت الأرض
ملكا لعائلته أم لا ، وسواء أكانت مؤممة ودخلت صندوق الثورة الزراعية أم لا ، سلوك
لم يفعله
a.s.a.s وعلى
أساس محاضر التنصيب هذه ،سيقت الآلاف من الأبرياء إلى المحاكم لمحاكمات شكلية ، ومنها إلى السجون ، وصودرت أملاك
الزوالية ، و أملاك كل من عبر مرة بصدق عن
كراهيته أو عدائه لفرنسا ، ولعملاء فرنسا بموجب أحاكم قضائية مصاغة وفق الطلب حازت قوة الأمر المقضي. ثم
واصطنعوا فوضى عارمة ، فعوا في أتونها الدراويش ،والسفهاء الذين أعلنوا جهادا على الشعب جلدوا فيه الناس على الشمة
والتدخين ، وقص اللحية ، وتقصير القميص ، والسهو عن إفشاء السلام ، واشتركوا معا في نهب ؛ و قتل ما شاءوا ؛ ومن شاءوا؛ ابتداء من رئيس الدولة
إلى المجنون في الشارع ، لحماية مراكزهم ومصالحهم ولا شببي غير ذلك، وبعد أن أدبوا الشعب المستعمر التأديب الذي يستحقه وأثبتوا له أنه ليس في
مستوى الثورة ، ولا يعي حتى أبجدياتها ، وبعد أن أثبت
لهم بدوره أنه كف عن نشوزه ، وهو يطلب العودة إلى بيت
الطاعة ، ولجبر خاطره المكسور اقترحوا عليه قانون الصلح والوئام ، بحيث يثب لهم أنه
تاب توبة نصوحا ، وأنه يرضى بجميع ألوان العبث التي يمارسونها في حقه.
"وفي تصريحه لجريدة الخبر الجزائرية
الصادر بتاريخ 70 أفريل 2015 تحت عنوان " الحركى صاروا يحكمون الجزائر يقول يقول بن يوسف ملوك "عدد
المجاهدين في زمن بوعلام بن حمودة وزير المجاهدين (1965-1970) كان 120 ألف (تشمل المجاهدين
والفدائيين والمسبلين والمعتقلين السياسيين)، وصار اليوم يفوق 800 ألف مجاهد، فمن أين
أتى هؤلاء؟ يتساءل المتحدث".
ولوكان هؤلاء القضاة يحاسبون حسبما كان يحاسب به القضاة في عهد الجزائر الفرنسية قبل 1962م ،لأحيلوا على محاكم الجنايات ولعوقب من ثبتت عليه التهمة بخمس سنوات سجنا على الأقل عقابا له على جرمه وصودرت منه كل الممتلكات التي حصلها من الممارسات الفاسدة ، وليس العزل فقط. كما يحدث في الجزائر الفرنسية الجديدة. التي دفع فيها الثمن ضحايا الفساد وحدهم دون سواهم ، ولم يستطيعوا حتى أن يرفعوا أصواتهم للتعبير عن مرارة الظلم الذي تعرضوا له من قضاء أدين من طرف عناصره كما فعل القضاة المعزولين .
حسب تصريح محمد بختاوي قاض سابق بمجلس قضاء وهران ورئيس الجمعية الوطنية للقضاة المفصولين ونوابه في الجمعية لجريدة البلاد ، ، وللعديد من وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة :
أن القضاة الذين فصلوا بقرار من وزير العدل الطيب بلعيز والمقدر عددهم ب400 قاض وأن 80 من
المائة منهم عزلوا ''بسبب أخطاء مهنية بسيطة لا ترقى إلى عقوبة العزل''. وهو يصور القضاة المفصولين كأنهم ملائكة، دون أن
يعرف أحد لماذا فصلوا على وجه الدقة، هل لأنهم رفضوا الخضوع والخنوع وخدمة عصابات
المافيا الحاكمة ؟، أم لأنهم فاسدون ، ارتكبوا جرائم في حق المتقاضين التي توصف بـ "أخطاء جسيمة" وهم من
ضمن القضاة الذين وصفهم رئيس الجمعية محمد بختاوي بقضاة نفسه " عدالة الليل" الذين يقبضون
مقابل أتعابهم في مكاتبهم ويخرجون منها بأكياس النقود"؟؟؟. وفي كلتا الحالتين
يكشف الوضع مأساة المواطن، فإذا كان هذا العدد فاسدا، وكان القاضي يفصل على الأقل في خمس قضايا
أسبوعيا، فهذا يعني أن هناك 400*5 =2000 جريمة أسبوعية ترتكب في محاكمنا، 60.000 شهريا و 240.000 جريمة سنويا، وإذا أبعدوا بتهم
ملفقة لأنهم قضاة ملتزمون رفضوا الانخراط في طابور الفساد القضائي وتم استبدالهم
بقضاة فاسدين لخلق تجانس في جهاز القضاء فتكون المصيبة أدهى وأمر.
ولوكان هؤلاء القضاة يحاسبون حسبما كان يحاسب به القضاة في عهد الجزائر الفرنسية قبل 1962م ،لأحيلوا على محاكم الجنايات ولعوقب من ثبتت عليه التهمة بخمس سنوات سجنا على الأقل عقابا له على جرمه وصودرت منه كل الممتلكات التي حصلها من الممارسات الفاسدة ، وليس العزل فقط. كما يحدث في الجزائر الفرنسية الجديدة. التي دفع فيها الثمن ضحايا الفساد وحدهم دون سواهم ، ولم يستطيعوا حتى أن يرفعوا أصواتهم للتعبير عن مرارة الظلم الذي تعرضوا له من قضاء أدين من طرف عناصره كما فعل القضاة المعزولين .
والحقيقة التي لا تخفى على كل ذي لب هي أن الحركى مهما كانوا
أفضل ألف مرة من عناصر العائلات العميلة الماسكة بمفاصل الدولة والتي توارثت الخيانة
من أسلافها جيلا بعد جيل طوال حقبة الاستعمار كلها ، وبعدها وستبقى الخيانة والعمالة
طبعا فيهم إلى يوم الدين .
الحركى أغلبهم فقراء جوعى خانوا الجزائر بعد مجيء
ديغول 1958م ، الذي أغراهم بخبزة مغموسة
في دم إخوانهم فجروا وراءها لمدة عامين أو ثلاث سنوات ومعظمهم دفع ثمن خيانته في
ربيع وصيف 1962م .
أما الذين يحكمون الجزائر؛ فقد أقسم أسلافهم علنا جاثين أمام ضباط فرنسا على عبادتها مع بداية الاحتلال 1830م، وما خانوا وما بدلوا، و أخذوا منها فنون حكم الأنديجان ،وتدربوا على يديها، وتأصلت فيهم الخسة والخيانة والدسائس، وتوارثوا ذلك جيلا بعد جيل.
وهم الذين تسلموا الحكم عام 1962م، وكلنا اشتغلنا ومازلنا نشتغل عندهم ، هم الدولة وهم السلطة في الجزائر الفرنسية الجديدة ، ومن لم
يفهم هذا فهو يعيش وهما فضيعا من أوهام الاستقلال
إننا نعلم علم اليقين الذي لا يساوره شك ، أن الذين يتصدرون هيئات ومنظمات محاربة الفساد ، ومعظم جمعيات ومنظمات حماية حقوق الإنسان عندنا من أبناء العائلات العميلة ، والذين يملأون وسائل الإعلام الخادم لها بصراخهم ، إنما يتصدرونها خصيصا لحماية الفاسدين والمفسدين ، وطمس أثار الجرائم التي ترتكب في حق المواطنين البسطاء ، الزوالية ، الأنديجان من طرف مجرمي هذه العائلات التي أجرمت عبر تاريخها في حق الوطن والمواطن ، وتزيين صورهم القبيحة البشعة أمام المنظمات والهيئات العالمية المدافعة عن حقوق الإنسان ، والمناهضة للفساد.
هذه العائلات النافذة هي الآمرة الناهية في
جهاز القضاء منذ الاستقلال رغم الضعف الذي مرت به خلال (1965م-1979م) ،وهي تتحكم
في القضاة في كل ما يمس شؤونها ومصالحها بالإغراءات
والمكافآت ، فهي تتدخل في توظيف القاضي ،
وفي تعيينه ، وفي ترقيته، وثثبيته في مقر عمله إذا كان عند حسن ظنها في مواجهتها لخصومها ، بالإضافة إلى
مكافآت مادية أخرى تصله في جنح الليل.
وبالردع ونقيض الإغراء إذا رفض ما يملى عليه، وأراد أن يقيم ميزان العدل
، إذ يصبح مستهدفا بكل أشكال الإرهاب والترهيب ، ومهددا
بشتى أنواع المضايقات والمساومات ، والدسائس والعقوبات، ، من مافيا العقار، ومافيا المصالح ، ورعاة التمكين للفساد .
وتحل شبكة العائلات النافذة التي يحظى أبناؤها بدون أي صفة باستقبال المسؤولين ومختلف الشخصيات الفاعلة في هرم السلطة تحت أضواء وسائل الإعلام في كل مناسبة وبدون مناسبة ؛ تحل محل المجلس الأعلى للقضاء، وتذهب المادة 149 ، 150 من الدستور في مهب الريح ، ومعهم حقوق القضاة من أبناء الأنديجان الذين لم يفهموا الرسائل المشفرة التي ترسل عبر وسائل الإعلام الرسمية والتابعة.
وتحل شبكة العائلات النافذة التي يحظى أبناؤها بدون أي صفة باستقبال المسؤولين ومختلف الشخصيات الفاعلة في هرم السلطة تحت أضواء وسائل الإعلام في كل مناسبة وبدون مناسبة ؛ تحل محل المجلس الأعلى للقضاء، وتذهب المادة 149 ، 150 من الدستور في مهب الريح ، ومعهم حقوق القضاة من أبناء الأنديجان الذين لم يفهموا الرسائل المشفرة التي ترسل عبر وسائل الإعلام الرسمية والتابعة.
هذا حال القضاء عندنا ، وهو حال تعرفه أجهزة الأمن ، وتعلمه الرئاسة ،
ووزير العدل ، والمجلس الأعلى للدولة ،و المحكمة العليا ،والكل يسبح بحمد أولاد
القايد ، والباشاغا والجنرال العميل ويسعى بكل السبل لإرضائه.
وفي الأخير طلع علينا البدر رشيد
قسنطيني- وهو جزء من شبكة الفساد بقوله : " القضاة “أسود” على “الزوالية”و”نعاج” مع أصحاب “الأكتاف”[10].
والواقع يقول حاشا الأسود ، فالأسود لها عزة وأنفة ، وهي لا تخون بني جنسها ، ولن تجد أسدا اصطف مع قطيع الضباع ضد قطيعه ولو طفت الكرة الأرضية بأسرها ، و هي تأبى الخنوع، وتعاف الجيف بينما "أسود قسنطيني" يعشقون الخنوع والتبعية ؛ و
يعيشون على الحرام. ، وأما "أصحاب الأكتاف" فهي تورية غير بريئة عن الخونة ، وعملاء الاستعمار واللصوص والمجرمين ،
فبئس الواصف قسنطيني وبئس الموصوف.
وما قاله تدليس بائس ، وتمثيل منحط ، فكأن هذا "الرشيد" يكتشف ، ثم يكشف شيئا جديدا لا عهد له به ؛ وهو الذي نشا يتمرغ في حماة الفساد القضائي والإداري ، وعاش يرتزق منها ويستحم بها، وإلا فماذا فعل هو ؛ أو فعلت هيأته على الأقل لتأديب هؤلاء القضاة الذين استأسدوا في زمن الرداءة ؟.
وما قاله تدليس بائس ، وتمثيل منحط ، فكأن هذا "الرشيد" يكتشف ، ثم يكشف شيئا جديدا لا عهد له به ؛ وهو الذي نشا يتمرغ في حماة الفساد القضائي والإداري ، وعاش يرتزق منها ويستحم بها، وإلا فماذا فعل هو ؛ أو فعلت هيأته على الأقل لتأديب هؤلاء القضاة الذين استأسدوا في زمن الرداءة ؟.
والسيد قسنطيني حامي
حقوق الأنسان، وعدو الرشوة والمرتشين لم يقل لنا لا هو؛ ولا من عينوه ،ما مصير آلاف
الأحكام التي أصدرها هؤلاء" الأسود" الذين داسوا قانون السماء ، وبالوا على قانون البشر؛ وطبقوا قانون الغاب
،فشوهوا الوقائع وزيفوا الحقائق ؛ وحرفوا
الأدلة ، وانتهكوا المواد الصريحة ولووا أعناقها كما شاؤوا ، وعبثوا عبث السكارى ، وأكرر عبث السكارى بحريات
وحقوق وممتلكات "الزوالية" المسحوقين من أبناء الفلاقة ؟؟؟
[1] - محمد صبحي حسن العيدي ، شروط
الصفة في أطراف الدعوى القضائية وتطبيقاتها المعاصرة ، كلية الدراسات العليا ، الجامعة الأردنية 2005 ص
.27
[2] -
Gouvernement général de l’Algérie ; procès-verbaux sccrpl ; L’immatriculation
de la propriété foncière en Algérie 1907
; 7° SÉANCE page 68 :69
[3] -
Répertoire général alphabétique du droit français Ed. Fuzier-Herman,... ; par
MM. A. Carp. 1886-1924 p581
[4] -Ey sautier, L.-A.. Le Statut réel français en
Algérie, ou Législation et jurisprudence sur la propriété, depuis 1830 jusqu'à
la loi du 28 avril 1887 p11
[5] - Le
Statut réel français en Algérie p 13 ;14
[6] - M. ABDALLAH ;. De la Justice en
Algérie... (1er juin 1880). 1880.p 4,5
[7] - M.
ABDALLAH ;. De la Justice en Algérie p 3 ;4
[8] - Henry Drapier ;la justice française en
Algérie et l'inamovibilité- CONSTANTINE –Imprimerie Administrative et
Commerciale, PH. LECA, 12. rue de France 1891 p10-11
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق