الخميس، 7 يوليو 2016

معنى الوطن

 


الوطن ليس بقعة من التراب لها حدود معترف بها لشعب ما في هيئة الأمم المتحدة ،وراية تردد تحت ظلها الأناشيد الوطنية بعد أن غاب أو غييب الذين صبغوها بدمائهم ، الوطن عدل يمنع تأزم العلاقات بين الناس ، ويمنع سفك الدماء ؛الذي يكون غالبا نتيجة وليس سببا، سبب كل الحروب الأهلية والجرائم البشعة التي عرفتها المجتمعات ليس عدم وجود وطن بالمفهوم التقليدي ، ولكنه فقدان ثقة المحكوم في الحاكم وفي القاضي وفي الموثق وفي الشرطي وفي الإداري وفي الإمام المحلل داخل الوطن ؛ وفي كل  الذين يجعلون الوطن وقداسته مزرعة لهم ؛ ويجعلون البشر جزءا من مواشيهم ،أو جزء من قطيع العصابة الحاكمة.  
رفض العرب منذ قرون مضت قراءة ما خلفه الكواكبي في التحذير من مخاطر الاستبداد بجدية ؛ وتطبيقه أو على الأقل لاسترشاد به في سياسة البلاد والعباد ؛ فصاروا إلى وضعهم الحالي .دفع المرحوم حسين آيت أحمد خلاصة شبابه من أجل حرية الجزائر واستقلالها ، وحين استقلت قضى بقية حياته منفيا وحيدا ومات غريبا في المنفى وقدم محمد بوضياف زهرة شبابه للوطن ولشعبه وبعد (الاستقلال) تلقاه المنفى هو الآخر وحين استدعاه الوطن مرة أخرى في شيخوخته لبى الدعوة متناسيا آلام ماضيه ليقتل في حضن ما كان يعتقد واهما أنه وطنه ؛ جهارا نهارا ؛ أمام العالم شر قتلة، فقط لأنه قال لا للاستبداد الذي عصف بالبلاد ، والذي يرفض الحياة أو يرفض كل من يأمل في بعث الحياة .هذه مجرد أمثلة بسيطة للاستدلال ، فهل بقي معنى يمكن أن يدرك للوطن أو لأعداء الوطن ؟؟.
وعليه فلا يوجد ما درج السياسيون الانتهازيون على التغني به بوصفه وطنا تحشى به عقول الأطفال في المدارس والأندية ، ,وأكرر قناعتي لا يوجد وطن سوى وطن الإحساس بالعدل في ظل قضاء مستقل نظيف و نزيه ومحايد يضمن تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق والواجبات ،ويقنع الناس عمليا بتوفر كل شروط الأمن والأمان على النفس والعرض والمال في الحال والمآل وحماية كافة الحقوق المشروعة المعترف بها في العالم للأفراد والجماعات بدون أي تمييز ، فإذا تلاشى هذا من واقع الناس ومعاشهم زالت الوطنية من الأحاسيس والمشاعر في النفوس والقلوب ، وزال الاعتراف بالوطن ، الاعتراف الحقيقي والمجدي الذي يحميه المواطن ويغار عليه ويدافع عنه ويفيده ويبنيه ، والذي حرره وأقام حدوده قبل أن تعترف به الأمم المتحدة وإلا امحت نوازع الانتماء و تلاشى كل معنى لكلمة وطن ،وبرزت بدل ذلك  الكراهية والعداوات ، وثارت الأحقاد والثارات والقلاقل والاضطرابات وكل أشكال الفوضى حتى بين أفراد العائلة الواحدة ، وأصبحت الغالبية الغالبة شعوب عصابات ترى الوطن غيمة تغنم بدل أن تحمى وترعى وشكلت أنظمة مستبدة ظالمة من المنحرفين يسمحون بل يفرطون في ما يعتقده المواطن العادي السوي وطنا مقدسا
 ويدفعون فلذات أكباد المواطنين في البحار ، هل هناك من يدرك معنى هذا؟؟؟



 



 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...