الخميس، 13 يوليو 2017

نحن والعالم11


في العشر سنوات الأولى من العمر يكون الطفل كالإسفنجة تماما يمتص كل ما يلقى عليه دون تمييز أو نقد أو غربلة وخاصة في القضايا والأفكار التي يرى فيها الكبار من حوله يسبغون عليها طقوس القداسة والتمجيد.


في هذا السن بالضبط تجتهد الأنظمة العربية؛ وتستنفر جيوشها من رجال الدين والإعلام لبرمجة الأجيال التي تزمع تقديمها وقودا للنزاعات التي ستتذرع بها للتمسك بالسلطة.


تعد لذلك من خلال مناهج التربية الدينية ؛ ومناهج التاريخ المزيف المغشوش في المدارس؛ ومن خلال تحفيظ مختلف نصوص الدين في المساجد ؛ والزوايا والحسينيات، ومن خلال تنظيم المسابقات؛ ومراسيم تخصيص وتقديم الجوائز للحفظة؛ مع التجاهل الكلي للتربية المدنية والتنشئة الاجتماعية وفق المقاييس والأعراف و الأخلاقية الانسانية.

يتجلى ذلك في سلوك الأولياء إزاء أبنائهم ، إذ تجد في طوابق العمارات ؛ وفي الأحياء ،وفي الشوارع والأزقة صغارا يزرعون الفوضى والضجيج والأوساخ و الخراب ؛ وينشرون الدمار حيثما استطاعت أن تصل أيديهم وأرجلهم ؛ تحت أنظار أوليائهم الفرحة بما يفعلون ؛ وتحت حمايه القانون لهم ؛حتى ليخيل إليك أنك تعيش في أحد سهوب إفريقيا الاستوائية، لا في عمارة ؛ وسط حي في مدينة.

 وفي نفس الوقت ترى تفاني  الأولياء وتشددهم في حرصهم على تعليم صغارهم الصلاة،والطقوس، والأدعية والأناشيد الدينية التي تعج بها فضائيات الأدلجة الدينية والمذهبية ؛ وهم يتفاخرون في زهو بنجاح أبنائهم في التقولب والتقليد . والخلاصة تكوين جيل متدين متوحش .


ونفس الأنظمة ؛و في نفس الوقت ، ولأنها تعرف ما تفعل ؛ومن باب الاحتراز تعد الجيوش والأجهزة الأمنية المدججة بالأسلحة وبأدوات القمع، لكل من يأبى أن يستخدم الدين ويسخره لخدمة النظام وأجنحته، وبانتهاء سن الطفولة وبداية المراهقة تبدأ الحرب  والصراعات الدامية بين الجيل الواحد وبين الأجيال ويتولى النظام إدارتها  وتوجيه مساراتها لفائدته ولفائدة القوى التي تستخدمه وتساعده على النجاح في مهامه . طبعا يبقى هذا مجرد كلام لا قبول له عند الناس لأن ((الناس لا يريدون سماع الحقيقة أحيانا لانهم لا يريدون لأحلامهم أن تتحطم)) كما قال نيتشه.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...