الواقعية في الأدب 1848م....
مذهب فني وأدبي يصور واقع الحياة في حركته وتطوره التاريخي كما هو بخيره و شره،
بحسناته وسلبياته بجماله وقبحه دون تدخل من الأديب الذي يجب عليه ان يقف موقفا حياديايراقب وينقل ما يلاحظه معتمدا على مهارته في التحديد و الفهم و التحليل و قدرته على التشخيص و النقل و التصوير؛ دون أن يعدل ، أو يجمل شيئا من الواقع و يقدم ذلك من خلال شخصيات نموذجية ؛ تعكس الواقع في أوضاع نموذجية دون أن تفقد فرديتها ؛ وثراءها الحسي والانفعالي. والواقعية كمذهب لا تعارض الرومانسية ولا تعاديها وإنما تحد من غلوائها وتطرفها .
أسباب ظهور الواقعية:
ظهرت الواقعية بفعل تأثير مجموعة من العوامل التي تجمعت في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر من أهمها:-
الحركة العلمية و الفلسفية : التي زودت الإنسان بمعلومات هامة عن مكونات السلوك البشري؛ من استعدادات ؛ و ميول ؛ و دوافع ؛ و آليات مختلفة و مترابطة : فيزيولوجية؛ و نفسية وجدانية ؛ واجتماعية.
ظهرت الواقعية بفعل تأثير مجموعة من العوامل التي تجمعت في الثلث الثاني من القرن التاسع عشر من أهمها:-
الحركة العلمية و الفلسفية : التي زودت الإنسان بمعلومات هامة عن مكونات السلوك البشري؛ من استعدادات ؛ و ميول ؛ و دوافع ؛ و آليات مختلفة و مترابطة : فيزيولوجية؛ و نفسية وجدانية ؛ واجتماعية.
كما قدمت الحركة
العلمية
والفلسفية التي ازدهرت في هذه الحقبة التاريخية من جهتها مناهج و تقنيات جديدة للبـــــــحث و الدراسة.
فشل الحركة الرومانسية:
نمو الوعي بحقيقة أن الفن مرآة عاكسة للواقع: ترى الواقعية الغربية أن الواقع شر، ووبال في جوهره، وأن ما يبدو خيراً لأول وهلة
ليس إلا بريقاً كاذباً، وقشورا لامعة تخفي تحتها الأنانية والشر والنقمة والنفاق الفردي والاجتماعي . و أن الأحلام والأوهام والعواطف والأساليب الرقيقة لا تغير شيئا في هذا الواقع ، مع تفاوت بين النقاد والأدباء في تقدير الادب والفكر الرومانسي مما نتج عنه أن تنوعت الواقعية
فغدت اقعيات وأشهرها :-
فشل الحركة الرومانسية:
في تحسين الوضع البشري ؛بسبب مبالغاتها في المثالية ؛ و إغراقها في الذاتية؛ و إمعانها في الخيال و تغليبها العاطفة والحلم على الواقع والعقل و الحقيقة وبالتالي خلقت نوعا من الانفصام بين قيم الإنسان في واقعه ،وبين حياة وقيم النماذج البشرية التي تتحرك في القصص والروايا والقصائد الرومنسية .
أ- الواقعية الاجتماعية:
وخير من جسدها "أونوريه دي بلزاك""1799 ـ 1850". الذي ترك أكبر موسوعة في الأدب الواقعي، وهي تشمل نحو مائة وخمسين قصة، أطلق عليها في آخر حياته اسم: "الكوميديا البشرية"، وتندرج تلك القصص ضمن الواقعية الاجتماعية والنقدية.وهي واقعية تصب اهتمامها على تصوير المجتمع كما هو بخيره وشره بحسناته وسييئاته،بفضائله ورذائله .
ب- الواقعية النقدية
ج- الواقعية الطبيعية:
وأول من ابتدعها هيبوليت تين Taine, Hippolyte Adolphe "1828 ـ 1893م" وهي واقعية تلتصق بالمادي والملموس؛ وتستعين بالعلوم التجريبية؛ وتطبق نظرياتها ونتائجها في الإبداع الأدبي ؛ وبخاصة في القصة، ورائدها الأول هو أميل زولا "1840 ـ 1903م"، الذي يرى أن القصة ليست مجرد ملاحظات يسجل الكاتب فيها ما تأتي به الحياة تلقائياً، بل هي تجربة ذاتية، ينشأ عنها العمل الأدبي وينبثق ، والتجربة الأدبية عنده هي أساس الأعمال الفنية، ويعد حكمها وتطبيقها أمران لازمان في تقويم تلك الأعمال والحكم عليها.
د- الواقعية الاشتراكية:
وهي خلاصة الفلسفة الماركسية في الأدب وخلاصتها:أن التزام الفن ومن ضمنه الأدب بتحقيق أهداف الطبقة العاملة والنضال في سبيل تحقيق الاشتراكية هو رسالة الأديب وغاية الأدب. ، ولذلك فمعظم أبطال هذا التيار من الواقعية وشخصياته و أحداثه وقيمه تستمد من العمال وأحيائهم ,أماكن تجمعاتهم وميادين عملهم ، وأدوات وعلاقات الإنتاج و صور الصراع ضد الطبيعة وضد الاستغلال ومن أعلامها الكاتب الروسي مكسيم جوركي في روايته الشهيرة "الأم" وغيره من أدباء البروليتارية.
وقد أنتجت الواقعية بأنواعها المختلفة أدبا موسوعياً ضخماً، يتمثل في قصص "هنري دي بلزاك - Henri de Balzac (1799م-1850م) "جي دي موباسان Guy de Maupassant(1850م-1893م)و " وجوستاف فلوبير Flaubert " (1821م -1880م) .
ولقيت الواقعية بعض التفسيرات الجديدة التي تباين المنطلق الأساسي الذي صدرت عنه، وهي تفسيرات تزعم أنها لا تملي على الواقع شيئاً، ولا تزور في حقيقته، بل تكشف عنها. وتلاقت هذه التفسيرات مع الأصل الفلسفي للواقعية في جانب، وتباعدت عنه في جوانب أخرى، فهي ترى أن الواقع ليس إلا الصورة الذهنية التي لدينا عن الحياة، وتقول: إن أي شيء لا يتخذ وجوده إلا من الصورة الذهنية التي لدينا عنه، وهي بذلك لا تختلف عن الأصل الفلسفي للواقعية، غير أنها لا تتفق معها في التشاؤم والسلبية واليأس من الخير. وتدعي أن الصورة الذهنية ملك للأديب، فهو يستطيع أن يعطيها اللون الذي يريد ويرى فيه مصلحة المجتمع، وبالغت في هذا، وتطرفت حين زعمت أن في استطاعتنا أن نسيطر على مصيرنا بالتزام المذهب المادي المحض، واعتبار الأدب مسألة اجتماعية تلغي وجود الفرد واستقلاله في غمار الجماعة التي ينتمي إليها.
الواقعية في الأدب العربي :
والأدب العربي الحديث لم يكن بمنأى عن تيار الواقعية، ولكنها ليست بواقعية الشر والسلبية والتشاؤم، بل الواقعية التي تصور مشاكل المجتمع وتقاليده وعاداته، وإبرازها في صورة أدبية تكشف عن أسراره وخفاياه، فالإنسان كفرد أو كمجموعة فيه جوانب خيرة و جوانب شريرة و الخير فيه هو الأصل و الشر استثناء تولده الضغوط و يزول بزوالها و لذلك فعلى الأديب أن يكون عين المجتمع الراصدة التي تضعه أمام حقيقته بخيرها وشرها ليتمكن من اكتشاف العيوب ومعالجتها واكتشاف الحسنات و تدعيمها ونجد ظلال هذه الواقعية عند كثير من الشعراء كحافظ إبراهيم، ومعروف الرصافي. وعند كثير من القصاص كنجيب محفوظ في ثلاثيته "قصر الشوق، وبين القصرين، والسكرية"، و"خان الخليلي"، و "بداية ونهاية" ، وتوفيق الحكيم "عودة الروح" ، ويحيي حقي "قنديل أم هاشم" ، وإبراهيم المصري "صور من الإنسان"، وطه حسين"شجرة البؤس، ودعاء الكروان" ، والمازني "إبراهيم الكاتب". ولا تزال الواقعية تحتل مكاناً بارزاً في أدبنا العربي، وفي الآداب العالمية على الرغم من وجود تيارات أدبية جديدة.
خصائص الواقعية
الواقعية حركة فنية أدبية ظهرت في أوروبا.
اكتسبت الكثير من خصائصها نتيجة للمحيط العلمي والثقافي الذي ظهر فيه ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر 1848م وعلى وجه خاص التأثر بالأسس المنهجية التي سيطرت على العلماء والمنظرين وبالإنجازات العلمية وظهر هذا التأثر في اعتماد الأدباء - خاصة الروائيين منهم - مناهج العلم في ممارسة الكتابة ويظهر ذلك في اعتماد الموضوعية والحيادية في فرز الظاهرة وتحديدها ، وفي الملاحظة والوصف والتحليل والتعليل ؛ وتوخي الدقة في التعبير كابحا عواطفه الذاتية من ان تتدخل تماما كما يلاحظ البيطري الحيوان وهو يسلك أو عالم النبات النبتة وهي تنمو وترتب على ذلك جملة من الخصائص منها.
- تقديس العقل والحقيقة والواقع.
- البحث عن الحقيقة وإدراكها (بالعقل) مع إمكانية توظيف العاطفة والخيال كوسائط إدراك معززة للعقل بوصفهما معطى موضوعيا لا يمكن نكرانه لكن مع التحجيم الذي يدفع عنهما غلو المدرسة الرومانسية.
- الأديب حيادي بالنسبة لمواقف أشخاصه وخياراتهم ومسارات سلوكهم التي تحددها طبيعة الشخصية وطبيعة الصراع وأنماط استجاباتها للتحديات والعوائق التي تقف بينها وبين استعادة توازنها.
- الأدب عدسة كاشفة ذات مرآة عاكسة لواقع الحياة كما هي بكل عناصرها وعلاقاتها المتداخلة والمعقدة.
- عدم التكلف أو التزيد والمبالغة في الأسلوب والوصف والعرض.
- البساطة والوفاء للحقيقة الواقعية التي يستخلصها الكاتب من ملاحظة السلوك البشري وعلاقات الناس ونقلها كما هي دون تعديل أو تحسين ليمكن المجتمع من رؤية صورته الحقيقية كما هي دون تزييف أو تحريف.
- احترام الحرية الفردية وخياراتها في حدود الواقع والممكن. –
- الفن الغالب الرواية ثم القصة القصيرة
- شخصيات أحداث العمل الواقعي آنية واقعية مستمدة من حياة الناس "هنا والآن"
اللغة المستعملة لغة الناس العادية في حياتهم العادية.
- رفض كل ما هو أدب رسمي مثقل بالقوانين والقواعد الملزمة (لرومانسية)
الضيف حمراوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق