كفكف دموعك وانسحب يا عنترة
رغم أن عنترة
عندي لا يشكل قيمة ذات أهمية ، ولا نموذجا يستحق التمجيد فما هو إلا عسكري عربي منبوذ مرتزق حدود إدراكه وطموحه محصورة بحدود قبيلته ، وجد في سلاحه
مطية بنى بها مجدا على جثث
الآخرين ومازال نموذجه المأساوي
يتكرر حتى الآن فهو صدام حسين وجيشه ، و
معمر القذافي وكتائبه ؛ وبشار الأسد وشبيحته، وبن علي زين العابدين مع فارق الفرار
؛ و .... كل من بنى مجده بحد السلاح يشهره في وجوه بني جنسه ، وعلى كل؛ لم يخلد عنترة لفروسيته ، ولا لشجاعته؛ وإنما خلد منه الشق الإنساني "الشاعر المحب
ذاك الحب الطبيعي الصادق العفيف لأعز حبيبين له عبلة ؛ و حصانه" وهما العنصران اللذان جعلا منه رمزا، وقد
أعجبني الشاعر المصري مصطفى الجزار حين عبر عن همومه الحضارية عبر هذا الجانب من
شخصية عنترة في قصيدة له بعنوان "
كفكف دموعك وانسحب يا عنترة" هذه
أبياتها
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقــــدْ سقطَت من العِقدِ الثميـنِ الجوهــرَه
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا واخفِضْ جَنَاحَ "الخِزْيِ".. وارجُ المعذرَه
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتـــــاً فالشعـرُ في عصرِ القنابلِ ثرثــــرة
والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ فقدَ الهُويّةَ ؛والقُوى؛ والسيطــــــــرة
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّهـــا واجعلْ لها مِن قاعِ صـدرِكَ مقبـــرة
وابعثْ لعبلةَ في العراقِ تأسُّفاً وابعثْ لها في القدسِ قبلَ الـــغرغرة
اكتبْ لها ، ما كنتَ تكتــــــبُه لها تحتَ الظلالِ، وفي الليالي المقمـــرة
"يا دارَ عبلةَ" بالعراقِ "تكلّمي" هل أصبحَتْ جنّاتُ بابلَ مقفـــــــــرة؟!
هل نَهْرُ عبلةَ تُستباحُ مِياهُـــــــهُ وكلابُ أمريكا تُدنِّـــــس كوثـــــــــرَه؟!
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً عبداً ذليلاً؛ أسوداً ؛ ما أحقـــــــــرَه!!
متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفــــــا َنسَبوا لكَ الإرهابَ.. صِرتَ مُعسكَرَه
عَبْسٌ.. تخلّت عنكَ.. هذا دأبُهم حُمُــــــرٌ –لَعمـــــــرُكَ- كلُّها مستنفِرَه
في الجاهليةِ.. كنتَ وحدكَ قادراً أن تهزِمَ الجيشَ العظيمَ وتأسِــــــــرَه
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهـــرَهُ فالزحفُ موجٌ.. والقنابلُ ممطــــــرَه
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ بينَ الدويِّ.. وبينَ صــرخةِ مُجبَـــرَه
"هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالِكٍ" كيفَ الصمــــودُ؟! وأينَ أينَ المقدِرَه؟!
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَهُ متأهِّبـــاتٍ.. والقذائـــــــفَ مُشهَــــرَه
"لو كانَ يدري ما المحاورةُ اشتكى" ولَصاحَ في وجـــهِ القطيــــعِ وحـــذَّرَه
يا ويحَ عبسٍ.. أسلَمُوا أعداءَهم مفتــاحَ خيمتِهــــم، ومَدُّوا القنطـــــــرَه
فأتى العدوُّ مُسلَّحاً بشقاقِـــــــهم ونــــفاقِهم، وأقام فيهم مِنْبـَـــــــــــــرَه
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم فالعـــيشُ مُــرٌّ.. والهزائـــــمُ مُنكــــَرَه
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَــــها مَن يقتــــــــرفْ في حقّـــها شرّاً.. يَرَه
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ... ودارُها لم يبـــــقَ شيءٌ بَعــــــدَها كي نخسـرَه
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقد ساكناً في قبرِهِ.. وادْعـوا لــــهُ.. بالمغفـــــرَه
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي لم تُبــــقِ دمعاً أو دمـــاً في المِحـــبرَه
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُـــــها تترقَّبُ الجِــسْرَ البعـــــيدَ.. لِتَعبـــــُرَه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق