الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

بيان موجه لعلماء الأزهر.


بيان موجه لعلماء الأزهر.
أصدر جامع الأزهر بيانا عالميا من عشر نقاط ؛ يدعو فيه إلى مكافحة الإرهاب حسب زعمه. وقد جاء البيان كله تدليسا وذرا للرماد في العيون؛ ومسايرة للمودة السائدة هذه الأيام إرضاء للحكام وساداتهم في الغرب.

ولأن العرب على وجه الخصوص؛ والمسلمين عموما، ومنذ فجر تاريخهم إلى اليوم ، لم يقلعوا ولو ليوم واحد عن مخادعة أنفسهم أولا، ومخادعة بعضهم لبعض ثانيا، وفضح غبائهم أمام العالم –حين يحاولون تغطية خبثهم و فساد طباعهم؛ ورداءة أخلاقهم المفضوحة-  ثالثا.
وإذا أردنا أن نكون صرحاء، وبعيدا عن هذه الصفات الذميمة التي جعلت العربي والمسلم ممقوتا عند كل الأمم والديانات- حتى وإن كان يدا قذرة سارقة ناهبة  ، تفرغ بنوكنا لتملأ بنوكهم ، وتدمر مؤسساتنا وثرواتنا لتبي مؤسساتهم وتربي ثرواتهم - فعلينا أن نقول:
الإرهاب في الوطن العربي يأتي من كل الجهات، يأتي:
أولا: وقبل كل شيء من الأنظمة الإرهابية الجاثمة على الشعوب العربية ، تقوم بدور الوكيل المرتزق، معينة من مراكز القرار في الإمبراطوريات الاستعمارية الغربية ، باريس،و لندن ،و روما  ،وواشنطن و بروكسل ، تحتمي بجيوش استعمارية عقيدة وتسليحا ، فاسدة  تعي خيانتها لشعوبها  وتصر عليها ؛ وتتشح خداعا ونفاقا بالرايات الوطنية . وهذه الأنظمة والجيوش هي التي أنجبت كل المجاميع الإرهابية في الوطن الاسلامي بدون استثناء، وهي التي هيأت لها الظروف والمناخ الملائم ، وأعدت لها المناهج التعليمية من مدارس الحضانة حتى الجامعات والمعاهد العليا ، وشيدت لها المراكز ،وذللت لها صعود المنابر،ومنحتها الحق في تصدر الفضائيات واقتحام بيوت الشعب عنوة ، وخيرته بين راقصة مبتذلة أو شيخ مبتذل،  وهذه الأنظمة هي التي بذرت أموال الشعب  على تنظيم  الملتقيات، الدينية التي تحث على الإرهاب صراحة ، والمراجع موجودة ومطبوعة  ومنشورة ، وهي التي  زودتها بالأموال والمطابع ,وأقامت لها المعارض ،  وسخرت لها البنوك ،وفتحت لها الأبواب على مصاريعها للدخول  والخروج ، ومن بين أدوات الإرهاب المدمرة للعقول و الخادمة للأنظمة الفاسدة المفسدة ،مدارس بيشاور التي كان ترعاها الأنظمة والجيش الباكستاني ، والأزهر نفسه وإرسالياته التي كانت ترعاها الأنظمة المصرية المتتابعة وجيشها، وجمعيات الدعوة والتبليغ المختلفة الساعية في نشر الوهابية مدعومة بالرعاية ومال  آل سعود، والتنظيمات الإسلامية العالمية  المؤتمرة بأوامر حكام قطر وعلى رأسها الشيخ القرضاوي خريج الأزهر ، ولذلك لم يدن الأزهر هذه الأنظمة ، أو لأنه يرى أن ما تقوم به  هذه الأنظمة   من خيانات بشعة من جرائم فظيعة  في حق شعوبها  المغلوبة على أمرها  هو الإسلام المنقح الصحيح.

وكل منتفض ،ضج من بشاعة الظلم والاستبداد  والتوحش المسلط عليه، من هذه الشعوب "الأنديجان" عديمة الكرامة  المهانة  المداسة  اعتبر من قطاع الطرق و البغاة و الخوارج والمحاربين  الساعين بالفتنة والفساد ، وصرختم بنفس الصوت البشع الذي نعق به شيخكم القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين  في حق القذافي ، وفي حق أخيه في الدين ؛ والتخصص والرتبة ؛فقيه سوريا والشام   الشيخ البوطي ، وهو نفسه ما كان يفعله فقهاء الخلافة التركية ضد معارضي السلطان الجالس على الكرسي والمتعطش لإراقة كل دم فيه رائحة الثورة  أو المعارضة ، حتى وإن  كانت دماء أخ شقيق  وفتواكم مقررة في مراجعكم حتى قبل أن تولدوا  "حكمهم عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ حُكْمُ الْبُغَاةِ ، وقد وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ إلَى كُفْرِهِمْ  " [[1]] ووجوب قتلهم حدا، (حد الحرابة ) أو وجب قتلهم  سياسة أي التعزير بالقتل ، وهو ما مارسته الخلافة الإسلامية طوال امتدادها عبر القرون ، يحكم الفقيه بالقتل ، ويصادق الحاكم أو الخليفة ، أو يحكم الخليفة أو عامله  بالقتل ويصادق الفقيه المفتي  ، ويفتي الفقيه بوجب الجهاد فيسوق الخليفة اأو الأمير الجيش لقتل الأبرياء، وتحصيل الغنائم  وسبي النساء، وهكذا تواصل الحال ومازال مستمرا في معاملة  الرعية  المغلوبة التي تهدر أموالها ومدخراتها في إعداد جحافل المخبرين و الأمن والشرطة والتدخل السريع  من أبنائها وتدرب وتسلح لمواجهتها مدعومة بالجيوش البرية والطيران والبحرية  " تطبيقا للآية (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ) كما تفهمونها وتدرسونها في في جوامعكم ، وأمر الله واضح عندكم وعند  فقهاء أولياء الامر الموظفين بمراسيم  المستحقين للمنح والعلاوات  ( أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، حتى وإن كان ولي الأمر فاسدا فاسقا جائرا يجلد ظهور رعيته صباح مساء بكل ألوان الجلد، يسطو على املاكهم وارزاقهم وكرامنهم ، "وَتَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ عَادِلًا كَانَ أَوْ جَائِرًا إذَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ"[[2]]وللشعب  أن يجبر على فهم هلوسة الفقهاء  و أن يتصور حاكما جائرا لا يخالف الشرع .
ألم يكن الأجدر بكم أن تساووا بين داعش والأنظمة  المتسلطة المستبدة ؛ الحاكمة دون أية شرعية ، الجاثمة الظالمة التي بوأتكم مناصبكم ، وتدركوا أن الظلم ظلم ،  ليس له درجات  ،وهو  كالموت تماما ، لأن سلب الجائع المشرف على الهلاك لقمة تنقذ حياته ؛ تساوي سلب الحاكم كرسي الحكم ؛ والسطو على آر مملوك لفقير ؛  يساوي السطو على ملك قيصر روسيا ، إذ لدى كل منهما قلب يستشعر آلم  الإحساس بالظلم  ، وقد يكون عند الضعيف أشد وأقسى لطول معاناته السايقة . ومنه  فأنتم- المجتمعين أصحاب البيان- وكافة المؤسسات والتنظيمات الدينية ذات المرجعية الواحدة رغم المساحيق والتلوينات ،  وكافة الأنظمة العربية الإسلامية الفاسدة المستبدة ، وكافة الجمعات الإرهابية كداعش والقاعدة والنصرة وغيرها ، كلكم بدون استثناء واحد ، مثلكم كمثل جلد الحرباء ، جلد واحد ،لكائن واحد ، بروح واحدة ،   وميزته أن كل بقعة  فيه ، لها القدرة على تغيير لونها واستبداله بلون  مغاير حسب لون المحيط الأقرب إليها حتى تتماهى مع بيئتها درأ لخطر الأعداء .




[1] - زين الدين ابن نجيم الحنفي، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ؛ج5 ؛ص150 .
 
[2] - رد المحتار، ج16 ، ص 381

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  .الدائرة جلست في الساحة العمومية؛ على كرسي من كراسيها الخشبية المهترئة؛ أحادث نفسي وتحادثني، ماذا حدث حتى تكاثرت هذه الوجوه المتعبة الحزين...