لقاء قصير
وراح الكبش المستفز يشتم الذئب
بأقبح الصفات، ويخرج لسانه ويحركه ساخرا كما يفعل الثعبان، ثم يغمز،ويضحك ضحك
المستهزئ ، والذئب يتأمله ويتمنى.
قال الكبش: أيها الذئب النتن ، لا
تنظر إلى سيدك هذه النظرة المتوحشة ,وأنت تعلم مقامه و ترى مكانه ، واعلم أنك تنظر
إلى نائب محترم في البرلمان له حصانته ، وهو يمثل الإقليم بأرضه وسمائه، وله سلطة
تمنحه الحق في أن يشرع حركاتك وسكناتك ويضبطها .
قال الذئب: لكن ما الذي أغضبك أيها
العزيز.
واصل الكبش يخطب: وإذا أغضبتني
فسأقترح في الأيام المقبلة - بوصفي رئيس غرفة - مشروع قانون يوجب تنظيم حملات
موسمية للقضاء على كل الأشرار الضالين ، و المشردين والجوعى، وتطهير المحيط من
أمثالك ، وأعدك بأن أسهر شخصيا على اصطيادك ، و ستسلخ وتباع جثتك باعتبارها جثة
خروف هندي مستورد .
راح الذئب يتأمل االموقف ويلحس
ريقه الذي كان يفر منه بغزارة .
- لو تنزل أيها العزيز ، وتفصح عن
سبب غضبك ، وسأقدم إعتذاري بين يديك.
استغرق الكبش في الضحك حتى خرج من
الثغاء المحبوب إلى القهقهة الملعونة وقال: أيها الغبي ، نحن في بلد من صعد فيه
مرة لن ينزل أبدا ، إلا إذا كان غبيا تعيسا مثلك.
نظر الذئب إلى الكبش نظرة ثاقبة، و
تشمم دمه رغم البعد ، وقاس المسافة ، وقاس العجز المطلق ، وحاول أن يكفكف لعابه
ويتحكم في اضطراب أمعائه.
تحرك الذئب، طاف بالفيلا طوفة
كاملة ، وتفحصها بعناية ، ثم عاد إلى مكانه قبالة الكبش ، تنهد، وبسط نظره الحاد ،
ومسح هذه التلال الممتدة التي جردها الحريق من حللها الخضراء ، ومحا كل معالم نفوذه فيها ، وحولها إلى صحراء ،
فراغ، وخواء ،وقال بحزن.
- أيها العزيز، أنت تعلم أنني أحبك
وبني جنسك ، وكان في نيتي أن نلتقي ، نتعانق ، وأشفي شوقي إليك ، بعد غيبتك
الطويلة في مهامك النبيلة، وأسعد للحظات بمأماتك وثغائك ، وعلى كل حال، ليس لي إلا
أن أحمد الله على كل ما أعطى ، وعلى كل ما منع.
قال الكبش: أسكت أيها النذل الغبي،
ألقي عليك خطبة تحرك الحجر الأصم، وتأسس لبناء مستقبل زاهر آمن، فتسميها مأمأة
وثغاء؛ أيها الشرير الأبله المتحجر.
نظر الذئب إلى الكبش نظرة العاجز
اليائس وقال : أيها العزيز كما تعرفني أعرفك ، اشتم يا صاحب الحصانة كما تشاء ،
وقل ما تريد ، لست أنت من يقول ذلك، لكنه السطح العالي ، والأبواب الموصدة ، إنها
منعة المكان وسلطانه.
الضيف حمراوي 26/07/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق