السبت، 7 أبريل 2012

لقاء قصير


لقاء قصير

 
وراح الكبش المستفز يشتم الذئب بأقبح الصفات، ويخرج لسانه ويحركه ساخرا كما يفعل الثعبان، ثم يغمز،ويضحك ضحك المستهزئ ، والذئب يتأمله ويتمنى.
قال الكبش: أيها الذئب النتن ، لا تنظر إلى سيدك هذه النظرة المتوحشة ,وأنت تعلم مقامه و ترى مكانه ، واعلم أنك تنظر إلى نائب محترم في البرلمان له حصانته ، وهو يمثل الإقليم بأرضه وسمائه، وله سلطة تمنحه الحق في أن يشرع حركاتك وسكناتك ويضبطها .
قال الذئب: لكن ما الذي أغضبك أيها العزيز.
واصل الكبش يخطب: وإذا أغضبتني فسأقترح في الأيام المقبلة - بوصفي رئيس غرفة - مشروع قانون يوجب تنظيم حملات موسمية للقضاء على كل الأشرار الضالين ، و المشردين والجوعى، وتطهير المحيط من أمثالك ، وأعدك بأن أسهر شخصيا على اصطيادك ، و ستسلخ وتباع جثتك باعتبارها جثة خروف هندي مستورد .
راح الذئب يتأمل االموقف ويلحس ريقه الذي كان يفر منه بغزارة .
- لو تنزل أيها العزيز ، وتفصح عن سبب غضبك ، وسأقدم إعتذاري بين يديك.
استغرق الكبش في الضحك حتى خرج من الثغاء المحبوب إلى القهقهة الملعونة وقال: أيها الغبي ، نحن في بلد من صعد فيه مرة لن ينزل أبدا ، إلا إذا كان غبيا تعيسا مثلك.
نظر الذئب إلى الكبش نظرة ثاقبة، و تشمم دمه رغم البعد ، وقاس المسافة ، وقاس العجز المطلق ، وحاول أن يكفكف لعابه ويتحكم في اضطراب أمعائه.
تحرك الذئب، طاف بالفيلا طوفة كاملة ، وتفحصها بعناية ، ثم عاد إلى مكانه قبالة الكبش ، تنهد، وبسط نظره الحاد ، ومسح هذه التلال الممتدة التي جردها الحريق من حللها الخضراء ،  ومحا كل معالم نفوذه فيها ، وحولها إلى صحراء ، فراغ، وخواء ،وقال بحزن.
- أيها العزيز، أنت تعلم أنني أحبك وبني جنسك ، وكان في نيتي أن نلتقي ، نتعانق ، وأشفي شوقي إليك ، بعد غيبتك الطويلة في مهامك النبيلة، وأسعد للحظات بمأماتك وثغائك ، وعلى كل حال، ليس لي إلا أن أحمد الله على كل ما أعطى ، وعلى كل ما منع.
قال الكبش: أسكت أيها النذل الغبي، ألقي عليك خطبة تحرك الحجر الأصم، وتأسس لبناء مستقبل زاهر آمن، فتسميها مأمأة وثغاء؛ أيها الشرير الأبله المتحجر.
نظر الذئب إلى الكبش نظرة العاجز اليائس وقال : أيها العزيز كما تعرفني أعرفك ، اشتم يا صاحب الحصانة كما تشاء ، وقل ما تريد ، لست أنت من يقول ذلك، لكنه السطح العالي ، والأبواب الموصدة ، إنها منعة المكان وسلطانه.

                                               الضيف حمراوي 26/07/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القول ما قالت حذام

  قا ل ، وروي ، والقول ما قالت حذام مع افتراض صدق النية، وسلامة الطوية ، فإن البصر بطبيعته كثيرا ما يخدع ، فيوقع الإدراك في الخطأ، فينقل ال...